المكر يُفضَح، والصدق أنجى.
في غداةٍ رقَّ نسيمها، وشمسٍ أرسلت خيوطها لتُذهِب عن الأرض غشاوة الليل، وجد ذئبٌ نفسه في مزرعةٍ عامرة، يتخللها حقلٌ مترامي الأطراف، تكسوه سنابل الشوفان كأنها بساطٌ مذهبٌ بيد الفجر. فوقف الذئب عند أطرافه، يرمقه بعينٍ لا تألف الحصيد، ولا تجد في الحبِّ المزروع بديلاً عن اللحم المذبوح. فهزّ رأسه ومضى لا يلوي على شيء.
وما
إن خطا خطواتٍ حتى تراءى له حصانٌ يخرج من الحقل، رأسه مرفوع، وخطوه واثق، ونظراته
تعكس من الكياسة ما يجلُّ عن الوصف. فأراد الذئب أن يُحكم حيلةً تُقرّبه إليه،
وتُنسيه ما بينهما من فطرةٍ أودعها الخالق في طباعهما. فاقترب منه وقال بصوتٍ
مخمليٍّ معسول:
"يا
صاحب الحافر المنيع، والفراسة البديعة، كيف تترك وليمةً من الشوفان اللذيذ؟ أليس
في مضغه لحنٌ يطرب الآذان؟ لقد أبقيته لك خالصًا، لم تمسّه أنيابي، فعد إليه
وتنعّم بما وهبته لك يداي الكريمتان!"
ابتسم
الحصان ابتسامة من قرأ السطور وما وراءها، ثم قال ساخرًا:
"أيها
الذئب، لو كنتَ ممّن يهوون الشوفان، لما تركتَ منه سنبلةً واحدة، ولما قدّمتَه
إليّ على طبق الأريحية والتفضّل. ولكني أراك تُسبغ الكرم فيما لا تشتهيه، وتكسو
المكر ثوب المودّة!"
فأطرق
الذئب وقد انكشف أمره، واحمرّت وجنتاه خجلاً من حيلةٍ لم يُحسن نسجها. وأدرك أنَّ
الصدق مفتاح المودة، وأن المكر وإن طال حبله، فإن في حكمة العاقل ما يقطعه من
جذوره. فانصرف متعظًا، وعلم أن لكل مخلوقٍ غذاءً يناسبه، ولكل مقامٍ مقالًا يليق
به.
قصة وحكمة: خدعة الذئاب وهلاك كلاب الراعي
قصة وحكمة: الملك هنري الثاني وديان دي بواتييه
قصة أسطورة: أراكني النسّاجة ولعنة أثينا
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق