الخميس، 8 مايو 2025

قصة مَثَل: على من تقرأ مزاميرك يا داوود؟

على من تقرأ مزاميرك يا داوود؟

في زمنٍ بعيدٍ، حيثُ كانتِ الأصواتُ تحمِلُ في طيّاتِها صِدقَ النبوّةِ، وكانَ للكونِ آذانٌ تُصغي، عاشَ نبيُّ اللهِ داوودُ عليهِ السّلامُ، ذلكَ النّبيُّ الذي لم يُعطَ مُلكًا وحِكمةً فحسبْ، بل وهبَهُ اللهُ صوتًا منَ الجمالِ والرّوعةِ ما جعلَ الجبالَ الصُّمَّ تُردِّدُ صَداهُ، والطُّيورَ تُحلّقُ في السَّماءِ مُسبِّحةً معهُ، وكأنَّها تَفقهُ ما يَقولُ.

كانَ داوودُ يتلو الزَّبورَ، كتابَهُ المُقدَّسَ، بكلماتٍ تشعُّ نورًا وإيمانًا، فيخشعُ الحجرُ، وتلينُ القلوبُ، وتتمايلُ الطّبيعةُ طربًا لذلكَ الصّوتِ السّماويِّ. ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ﴾، فيا لهُ من مَشهدٍ مَهيبٍ: نبيٌّ يَترنَّمُ بكلامِ ربِّهِ، وجبالٌ وطُيورٌ تُشاركهُ التّسبيحَ كأنّما الكونُ بأسرِهِ في حَضرةِ قَداَسةٍ لا تُوصَفُ.

ومعَ مرورِ الزّمنِ، وتراكُمِ التّجاربِ، لم تَعُدِ المَزاميرُ حِكرًا على القلوبِ المُؤمنةِ، بل تَسلَّلتْ أصداؤُها إلى آذانٍ لا تَعي، وقلوبٍ لا تُبالي، وأرواحٍ أغلقتْ أبوابَها أمامَ كلِّ نداءٍ للخَيرِ أوِ التَّبصيرِ. ومِنْ هنا، وُلِدَ المثلُ العربيُّ: "على مَن تَقرأُ مَزاميرَكَ يا داوودُ؟".

صارَ هذا المثلُ يُضرَبُ لِمَنْ يُحاولُ أن يُسديَ النُّصحَ أو يفيضَ بالحِكمةِ على مَنْ لا يُقدِّرُ الكلمةَ، ولا يُصغي للعقلِ، ولا يُبصِرُ في النّورِ إلّا ظلامًا. وكأنَّ من يُخاطبُهُ، يَقرأُ عليهِ مَزاميرَ داوودَ، وهو لا يَسمعُ، أو لا يَهتمُّ، أو يَرى في النّورِ عَبثًا لا يَستحقُّ النَّظرَ.

لا تُعرَفُ للمثلِ قِصَّةٌ مُحدَّدةٌ في أُصولِهِ، وإنّما يُرجَّحُ أنَّهُ نَشأَ في العصورِ الإسلاميَّةِ المُتأخِّرةِ، حينَ امتزجَتِ المَعرِفةُ الدّينيَّةُ بالبَلاغةِ العربيَّةِ، فغدا اسمُ داوودَ رَمزًا للصَّوتِ الإلهيِّ العَذبِ والكلمةِ المُؤثِّرةِ، وأصبحتِ "المزاميرُ" تَجسيدًا للحِكمةِ والتَّسبيحِ الخاشِعِ، يُستشهدُ بها حينَ يُلقى الكلامُ البَليغُ على من لا يُحسنُ الإصغاءَ أو لا يُدرِكُ المعنى.

فإذا مررتَ يومًا بمَن يُجادلُ في الباطلِ، أو يَسخَرُ من كلمةِ حقٍّ، أو يَتجاهلُ حِكمةَ ناصحٍ، فلا تَتَعجَّبْ إنْ قالَ قائلٌ: "على مَن تَقرأُ مَزاميرَكَ يا داوودُ؟".

إقرأ أيضاً:

قصة وحكمة: الإسكندر الأكبر تحدى إرث أبيه

قصة وحكمة: وعد الأسد وريبة الأرنب

قصة للأطفال: فانوس الأمنيات

قصة وحكمة: القرود الحمقى

قصة وحكمة: الجرذ والمحارة

للمزيد            

حدوثة قبل النوم قصص للأطفال

كيف تذاكر وتنجح وتتفوق

قصص قصيرة معبرة

قصص قصيرة معبرة 2

معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب

قصص قصيرة مؤثرة

الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية

إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن

استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط

مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم

تربية الأبناء والطلاب

مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات

أيضاً وأيضاً 

قصص وحكايات

الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور

شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور

الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها

تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات

كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها

مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق