قصة وحكاية: • قصة وحكمة: حكمة الملك تساو تساو في ساعة الحسم

الثلاثاء، 18 فبراير 2025

الحكمة في ضبط النفس

في خضمّ أتون الحروب التي عصفت بالممالك الصينية الثلاث في القرن الثالث الميلادي، كانت قرارات القادة تصنع الفرق بين النصر والهزيمة، بين المجد والدمار. في إحدى هذه المعارك المحتدمة، وقف الملك تساو تساو أمام اختبارٍ عسيرٍ لقدراته القيادية، اختبارٍ لم يكن لسيفه أو لجيوشه دخلٌ فيه، بل لعقله وحكمته.

جاءه مستشاروه يحملون بين أيديهم وثائق دامغة، أدلةً لا يرقى إليها الشك تثبت تخابر بعض كبار قادته مع العدو. كانت الخيانة واضحةً كالشمس، والمشورة التي تلقاها لا تَحتَمِل الجدل: محاكمةٌ عاجلةٌ، ثم إعدامٌ صارمٌ لمن خانوا العهد. لم يكن أمام تساو تساو خيارٌ قانونيٌّ سوى إنزال العقاب الرادع بهؤلاء القادة، لكن القائد العظيم لا ينظر فقط إلى ما تمليه القوانين، بل إلى ما تفرضه المصلحة العليا.

في لحظةٍ نادرةٍ من سكون العاصفة، أمسك تساو تساو بالوثائق، ثم أمر بإحراقها أمام الجميع. صمتٌ مهيبٌ خيّم على القاعة، تردد المستشارون، وكتم الجنود أنفاسهم. كيف يُمكن لمثل هذا الجرم أن يُطمس دون عقاب؟ كيف تُدفن الحقيقة في ألسنة اللهب؟ لكن القائد لم يكن بحاجةٍ إلى تبريرٍ، فقد كان يرى ما لا يرونه.

كان يعلم أن الخيانة، إن كُشِفت في هذه اللحظة الحرجة، ستتغلغل في نفوس جنوده كسمٍّ قاتل، ستزعزع ثقتهم بقادتهم، وتُضعف عزيمتهم أمام الأعداء. لم يكن هذا وقت الحساب، بل وقت الصمود والقتال. أدرك تساو تساو أن العدالة لا تخسر شيئًا إن انتظرت، أما الجيش فقد يخسر كل شيء إن انهار معنويًا. وعندما يحين الوقت المناسب، سيكون هو صاحب القرار: إما العقاب، وإما العفو، وفق ما تقتضيه مصلحة الحكم.

وهكذا، أثبت تساو تساو أن القيادة الحقيقية لا تكمن في سرعة البطش، بل في التوقيت الصحيح للقرارات، وأن القائد الحكيم هو من يختار معاركه بعقله لا بعاطفته.

إقرأ أيضاً:

قصة أسطورة: سقوط إيكاروس.. حين خانت الأجنحة صاحبها

قصة وحكمة: بوسانيوس.. الأمير الذي غلبته ثقافة الأعداء

قصة وحكمة: كامبانيلا الفيلسوف الذي هزم محاكم التفتيش

قصة أسطورة: الصوف الذهبي.. مغامرة جيسون والأرجوناوت

قصة وحكمة: رحلة البحث عن السعادة

للمزيد

حدوثة قبل النوم قصص للأطفال

كيف تذاكر وتنجح وتتفوق

قصص قصيرة معبرة

قصص قصيرة معبرة 2

معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب