الطَّمَعُ يُورِدُ صَاحِبَهُ الْمَهَالِك.
فِي غِيَابَاتِ الغَابِ، وَبَيْنَ ظِلَالِ الأَشْجَارِ الكَثِيفَةِ، عَاشَتِ الذِّئَابُ فِي عُتُوِّهَا، تَجُوبُ الفَلَاةَ، لَا قَيْدٌ يُكَبِّلُهَا، وَلَا سَيِّدٌ يَأْمُرُهَا. وَعَلَى تُخُومِهَا، حَيْثُ المَرَاعِي الوَارِفَةُ، وَقَفَتْ كِلَابُ الرَّعْيِ حُرَّاسًا لَا يَنَامُونَ، يَجُوبُونَ الحُقُولَ، يَسْهَرُونَ عَلَى الأَغْنَامِ، يُقَاتِلُونَ عَنْهَا كُلَّ عَدُوٍّ لَئِيمٍ، وَيُفْنُونَ أَعْمَارَهُمْ طَاعَةً لِأَسْيَادِهِمْ.
لَكِنَّ
الذِّئَابَ، وَقَدِ اعْتَادَتِ المَكْرَ وَاحْتَرَفَتِ الخَدِيعَةَ، دَبَّرَتْ حِيلَةً
لِافْتِرَاسِ الحُمَاةِ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضَّ عَلَى القَطِيعِ. فَتَقَدَّمَتْ
إِلَى الكِلَابِ، وَقَدْ كَسَتْ وُجُوهَهَا مِسْحَةَ المَوَدَّةِ، وَانْهَمَرَتْ أَلْسِنَتُهَا
بِوَابِلٍ مِنَ الكَلَامِ المَعْسُولِ:
"يَا أَبْنَاءَ العَمِّ
وَالخِلَّانِ، مَا بَالُكُمْ تَسْتَبْدِلُونَ الذُّلَّ بِالعِزِّ،
وَالعُبُودِيَّةَ بِالحُرِّيَّةِ؟ مَا نَحْنُ وَإِيَّاكُمْ إِلَّا لُحْمَةٌ
وَاحِدَةٌ، وَلِمَ تَجُودُونَ عَلَى أَعْدَائِكُمْ بِالحِمَايَةِ، وَتُمْسُونَ عَبِيدًا
لِلأَقْوَامِ؟ يُرْهِقُونَكُمْ أَمْرًا، وَيُثْقِلُونَ أَعْنَاقَكُمْ بِالأَطْوَاقِ،
وَيُجْزِلُونَ لَكُمُ العِظَامَ بَعْدَ أَنْ يُتْخَمُوا بِلَحْمِ الخِرَافِ! تَعَالَوْا
إِلَيْنَا، نَقْتَسِمِ القُوتَ، وَنَحْيَا فِي عَيْشٍ رَغِيدٍ، لَا سَادَةَ عَلَيْنَا
وَلَا سِيَاطٌ تُلْهِبُ ظُهُورَنَا."
طَرِبَتِ
الكِلَابُ لِهَذَا الحَدِيثِ، وَرَاقَتْ لَهَا وُعُودُ الخَلَاصِ مِنَ الأَسْرِ،
فَانْطَلَقَتْ خَلْفَ الذِّئَابِ، مُسْتَبْشِرَةً بِعَيْشٍ كَرِيمٍ، وَغَنِيمَةٍ
لَا تُقَسَّمُ إِلَّا عَلَى أَهْلِهَا.
غَيْرَ
أَنَّ الطَّمَعَ يُعْمِي البَصَائِرَ، وَالغَفْلَةَ تُودِي بِصَاحِبِهَا إِلَى المَهَالِكِ. فَمَا
إِنْ عَبَرَتِ الكِلَابُ عَتَبَةَ عَرِينِ الذِّئَابِ، حَتَّى تَبَدَّلَتِ الأَلْوَانُ،
وَزَالَتِ الأَقْنِعَةُ، وَأَظْهَرَتِ الذِّئَابُ أَنْيَابَ الغَدْرِ.
فَانْقَضَّتْ عَلَى فَرَائِسِهَا كَالعَاصِفَةِ، وَمَزَّقَتْهُمْ إِرْبًا إِرْبًا،
وَلَمْ تُبْقِ مِنْهُمْ سِوَى العُوَاءِ المَبْحُوحِ يَنْدُبُ حَظًّا ضَلَّ طَرِيقَهُ.
وَهَكَذَا،
سَقَطَتْ كِلَابُ الرَّعْيِ فِي فَخِّ الطَّمَعِ، وَأُهْلِكَتْ بِحِيلَةِ العَدُوِّ
الَّذِي حَسِبَتْهُ أَخًا، فَكَانَتْ عِبْرَةً لِمَنْ وَعَى، وَحِكْمَةً تُرْوَى لِمَنْ
اجْتَنَبَ الغُرُورَ وَاتَّعَظَ مِنَ المَصِيرِ.
قصة للأطفال: سلطعون نورا المشهور
قصة وحكمة: سمكة النهر وسمكة البحر
قصة للأطفال: الغزال ونقار الخشب والسلحفاة
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق