"القوة تُوَلِّد الصراع"
تربَّع زيوس على عرش الأوليمب، ذلك الجبل الشامخ المقدّس، حيث اجتمعت الآلهة وأقيمت مجالس الجلال ومجالس السكينة. هناك، بين نهري ألفيوس وكلادبوس، كان زيوس سيّد القدر وحاكم الكون، إله العواصف، ومالك الصواعق. بيده يمسك القوة، ومن حوله تجري الرياح عاتية، تنقاد له السماوات، وتُرهَب منه الكائنات.
كان
زيوس جبارًا مهيب الطلعة، ذو وجهٍ كالبدر المكتمل، بلحية كثيفة وشعرٍ مثل ليلٍ
داجٍ. رسمه شعراء الإغريق وهو قابض على رمز النصر بيمينه، وباليسرى صولجانٌ يتوهج
بالهيبة، وعلى رأسه تاج من أغصان الزيتون المقدس، وأمامه النسر الأبيّ، يحمل
صاعقته بوقارٍ كأنه الحارس الأمين.
وُلد
زيوس من أورانوس، إله السماء، وجيا، إلهة الأرض. وحين تنبأت جيا بحملها، علمت أن
مصيره قد يكون كإخوته الذين سبقوه إلى حتفهم على يد والدهم، الذي خشي من مجيء ابن
أقوى منه يسلبه ملكه، فكان يبتلع كل ولد تلده جيا، حتى يضمن لنفسه البقاء سيدًا
بلا منافس. ولكن جيا، وقد دنا مخاضها، لجأت إلى جزيرة كريت، حيث دعت الكهنة
وأمرتهم أن يرفعوا أصوات أناشيدهم ودقّات الطبول، حتى يغطي صخبهم على صرخات الوليد
القادم. هناك، أسماه الكهنة زيوس، وتولّوا رعايته في الخفاء.
كان
زيوس مغرمًا بالنساء، عاشقًا للجمال، لا تراه إلا هائمًا بكل حسناء، سواء كانت من
الآلهة أو من البشر. لم يكن يتوانى عن اتخاذ أي شكل ليبلغ مراده، فقد تمثل حصانًا
للإلهة ديميتر، وثعبانًا لبيرسفوني، ولم يعرف خجلًا ولا ترددًا في ذلك. وكانت
زوجته هيرا، إلهة الزواج والأنوثة، تقف له بالمرصاد، تحترق بنيران الغيرة كلما
سمعت عن مغامرة جديدة له، فكانت تناصب عشيقاته العداء وتحيك لهن المكائد.
في
إحدى مغامراته، بلغت هيرا الغيرة أشدها حينما علمت بعلاقة زيوس بالإلهة ليتو، التي
حملت منه، وحان وقت ولادتها. فحرضت هيرا آلهة الوضع ليهجرن ليتو، عسى أن ينفضح
أمرها ويتعرى عشقها المحرّم، وتواجه وحدها آلام المخاض. لكن زيوس، غضب لنكث حيلة
هيرا، فأمر بتثبيت جزيرة ديلوس العائمة، وأرسل بوسيدون، إله البحار، بدلفينٍ يحمل
ليتو حتى وضعت ولدها بأمان، وفشلت مكيدة هيرا.
لم
يكن زيوس ليكتفي بذلك، بل أراد أن يجعل من ذريته آلهةً تعلو مكانتها. حين أنجب من
الإلهة ثيميس ثلاث فتيات سماهن هوراي، جعلهن آلهة الفصول والحاكمات على الساعات،
ليكنَّ موزعاتٍ للوقت والنظام في الكون. أما ابنته أثينا، إلهة الحكمة، فقد جاءت
إلى العالم بطريقة فريدة، حينما كره ابنه هيفايستوس، الذي أنجبته هيرا، والدته
فصنع فأسًا ضرب بها رأس زيوس، فانشقت عن أثينا، الحكيمة الشجاعة.
وهكذا،
ظلّت علاقة زيوس وهيرا علاقة مدٍ وجزر، تشتعل نيرانها بين غيرة الأنوثة وشغف
الذكورة، ليبقى بينهما صراع خالد، صراع الآلهة الذي عرفت به أساطير الأوليمبوس منذ
أزل الأزلين.
قصة وحكمة: الراعي والماعز البري
قصة وحكمة: الدبابير والحجل والمزارع
قصة وحكمة: صيّاد الطيور وصيّاد السَّمك
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق