الوفاء يظهر وقت الشدة.
في قديمِ الزمانِ، كانَ هناكَ تاجِرُ ياقوتٍ وأحجارٍ كريمةٍ، اشتَهَرَ بثَروتِهِ الكبيرةِ وحبِّهِ لتِجارَتِهِ، وكانَ لهُ ابنٌ لطيفٌ وطيِّبُ القلبِ يعملُ أيضًا في التِّجارةِ، لكن بطرقٍ مُختلِفةٍ عنْ أبيهِ. فقد كانَ الابنُ يَملِكُ مَشاريعَ كثيرةً وأموالًا طائلةً، ورغمَ كلِّ هذا الغِنى، بَقِيَ مُتَواضِعًا وكريمًا. كانَ يُساعِدُ الفُقراءَ ويهتمُّ بأصدِقائِهِ ويُحبُّهُم بصِدقٍ، وكانوا هُم أيضًا يُحبُّونه ويُحترمونه لما كان يَتحلَّى به من صِفاتٍ طَيِّبةٍ.
وفي
يومٍ من الأيَّامِ، تُوفِّيَ الأبُ، وبدأَتِ الأُمورُ تتغيَّرُ. واجَهَ الابنُ
وأسرَتُهُ مشاكلَ كبيرةً ودُيُونًا تَراكَمَت بسببِ خَسائرَ في تجارةِ أبيهِ.
ورغمَ صُعوبةِ المَوقِفِ، قَرَّرَ الابنُ بَيعَ مشاريعِهِ لِيُوفِيَ الدُّيُونَ
التي تَرَكَها والدُهُ، وهكذا فَقَدَ كُلَّ ما يَملِكُ وعاشَ مع أُسرَتِهِ في
فَقرٍ شديدٍ.
شَعَرَ
الابنُ بالحُزنِ لكنْ لم يَستسلمْ. فكَّرَ في أصدقائِهِ الذين كانَ دائمًا قَريبًا
منهم، وقرَّرَ أنْ يَبحثَ عنهُم لعلَّهُ يَجِدُ مَن يُساعِدُه في هذا الوقتِ
الصعبِ. وبعدَ فترةٍ من البحثِ، سَمِعَ أنَّ أحدَ أصدقائِهِ القُدامى أصبحَ
ثَريًّا ويَملِكُ القُصورَ والمَشاريعَ الضَّخمةَ، فقرَّرَ أنْ يَذهَبَ إليهِ،
آمِلًا أنْ يَجِدَ لديهِ عَملًا يُساعِدُهُ على تحسينِ وضعِهِ.
ذَهَبَ
الابنُ إلى قَصرِ صَديقِهِ، وعِندَما وَصَلَ، أخبَرَ الخَدَمَ بأنَّهُ صَديقُ
صاحِبِ القَصرِ مُنذُ سَنَواتٍ طويلةٍ. لكنَّ الصَّديقَ، بعدما رأى الابنَ
بِملابِسِهِ البَسيطةِ من شُرفةِ القصرِ، طَلَبَ من الخدمِ أنْ يَقولوا لهُ إنَّهُ
مَشغولٌ ولن يَستَطيعَ استِقبالهُ. حَزِنَ الابنُ كثيرًا وخَرَجَ من القصرِ
مَهمومًا، لكنْ فجأةً أوقَفَهُ رجلانِ وسأَلاهُ عنْ عُنوانِ والدِهِ، وأخبراهُ
أنَّ لدَيهما شَيئًا أمانةً له. دُهِشَ الابنُ وتعرَّفَ
على الرجلينِ، فأخْرَجَ الرَّجلانِ له ثلاثةَ أكياسٍ مَلِيئةً بالمَجوهراتِ
الثمينةِ التي كانَ والدُهُ قد أودَعها لدَيِهما. لم يُصَدِّقِ الابنُ نَفسَهُ من
شِدَّةِ الفَرَحِ وعادَ مُسرِعًا لِيبيعَ المَجوهراتِ.
وفي
طَريقِهِ إلى السُّوقِ، قابَلَتْهُ سَيِّدةٌ ثَرِيَّةٌ تَسألُ عن مَكانِ بَيعِ
المَجوهراتِ النَّادِرَةِ، فقرَّرَ أنْ يَعرضَ عليها ما يَملِكُ، فاشترتِ
المَجوهراتِ منهُ بثَمنٍ مُرتفعٍ. بِهذا المالِ، بَدأَ الابنُ مَشروعًا جَديدًا
وعادَ إلى النَّجاحِ مَرَّةً أُخرى.
لَكِنَّهُ
لم يَنْسَ ما فعَلَهُ صَديقُهُ القَديمُ، فأرسَلَ إليهِ رِسالةً يُعاتبُهُ فيها.
وهُنا كانتِ المُفاجأةُ، فقدْ رَدَّ الصديقُ بِرسالةٍ لِيُخبِرَهُ أنَّ الرَّجلينِ
اللَّذَينِ سَلَّماهُ المَجوهراتِ والسَّيدةَ التي اشتَرَتْها كانَتْ كُلُّها
خُطَطًا منهُ، لأنَّهُ لم يَشَأْ أنْ يَظهَرَ الابنُ أمامَهُ بِمَظهَرِ المُحتاجِ،
بل أرادَ أنْ يُساعِدَهُ دونَ أنْ يَشعُرَ بالحَرَجِ.
وهكذا، عادَ الصَّديقانِ صَديقَينِ كما كانا من قَبلُ، وكانا أكثَرَ وَفاءً وإخلاصًا لبعضِهِما.
قصة أسطورة: بروميثيوس: سارق النار وصانع البشر
نوادر العرب: اينة الملك والراعي الوفي
نوادر العرب: سرّ الشباب الدائم
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق