مَن يُنكِر الجميل
في
مدينة بومباي كان يعيش رجل فقير جداً يدعى (راج). وكانت زوجته التي تعاني من هذا
البؤس الشديد تقول له يومياً:
ـ يا لك من قاسي القلب! ألا ترى أن أطفالنا سوف يموتون جوعا في حين انك لا تهتم بشيء؟ اذهب وابحث عن وسيلة لجلب العيش ولا ترجع إلا إذا وجدتها.
وعندما
تعب الرجل من سماع شكوى زوجته قرر الرحيل.
بعد
عدة أيام من السير وصل (راج) إلى اطراف غابة كبيرة. وكان الجوع والعطش قد أصاباه
بالضعف حين لمح بئرا تختفي تحت عريش، فانحنى على حافة البئر وكله أمل في العثور
على ماء، لكنه لمح في قاع البئر نمرا وقردا وثعبانا ورجلا. وكان الأربعة ينادون
طلبا للنجدة.
كان
النمر هو أول من وجه إليه الحديث:
ـ
اسمع! أنت تعلم أن في انقاذ كائن حي عملا طيبا. لذلك اطلب منك أن تخرجني من هذه
البئر حتى استطيع الرجوع إلى زوجتي واولادي وأيضا إلى أصدقائي وعائلتي.
رد
عليه (راج) قائلا:
ـ
إن مجرد سماع اسمك يجعل الناس يرتعدون رعبا فكيف لا يصيبني أنا أيضا الخوف منك؟
فقال
النمر:
ـ
أود أن أذكرك بأنه إذا كان الناس قد قرروا وضع عقاب للقاتل والسارق والخائن
والغشاش فلقد استبعدوا ناكر الجميل من العقاب والعفو.
ثم
أكمل:
ـ
فلتصب علي اللعنة ثلاث مرات إذا ما أصبتك بأي أذى عند خروجي من البئر! كن رحيما
وساعدني على الخروج.
وفكر
(راج): إن إنقاذ كائن حي يجلب الحظ حتى إذا تضمن مخاطرة. فقام بمساعدة النمر على
الخروج من البئر.
وبدوره
توجه إليه القرد قائلا:
ـ
انقذني أيضا أيها الرجل ذو القلب الطيب!
وبعد
إنقاذه للنمر لم يستطع (راج) أن يرفض مساعدة القرد أيضا.
وتوسل
الثعبان بدوره لـ(راج) قائلا:
ـ
أنقذني أيضا أيها الرجل ذو القلب الطيب!
لكن
الرجل أجابه قائلا:
ـ
ان اسمك فقط يخيف كل الناس فكيف استطيع أن أخاطر وألمسك؟
فأجاب
الثعبان:
ـ
نحن لا نعض أبدا إذا لم نستفز. ولتصب علي اللعنة ثلاث مرات، إذا ما أصبتك بأي أذي.
ووثق (راج) بالثعبان وأنقذه.
حينئذ
توجهت الحيوانات الثلاثة إلى منقذهم قائلين:
ـ
يوجد أيضا رجل في الحوض لكن قلبه مليء بكل الخطايا، لا تنقذه لأنه لا يستحق ثقتك.
ثم
أشار النمر إلى الجبل وقال:
ـ
في شمال هذا الجبل وفي بطن الوادي توجد مغارة، يشرفني أن تزورني حتى استطيع رد
جميلك نحوي.
بعد
هذه الكلمات اختفى النمر في الغابة.
وقال
له القرد:
ـ
قريبا من مغارة النمر وبجانب الشلال يوجد مخبئي ويمكنك أن تزورني فيه.
ثم
قفز القرد على شجرة وابتعد.
وقال
الثعبان:
ـ
إذا ما وجدت نفسك في موقف صعب فما عليك إلا أن تفكر في!
وعليه
اختفى في الأدغال.
لكن
الرجل في قاع البئر كان مازال ينادي عليه.
وأشفق
(راج) عليه وفكر في أن هذا الرجل من جنسه ولا يستطيع أن يتخلى عنه في قاع البئر بعد
أن أنقذ الحيوانات. فساعده أيضا على الخروج.
هنا
قال له الرجل:
ـ
إنني صائغ بارع وإذا احتجتني في شيء يسعدني مساعدتك.
ثم
ابتعد.
استأنف
(راج) طــوافه في البلاد دون أن يعثر على ما يطعم به عائلته. ومنهكا، أراد الرجوع
إلى منزله عندما تذكر القرد الذي أنقذ حياته فقرر زيارته.
وفي
سعادته باستقبال من أنقذه قام القرد بإهدائه فاكهة شهية حلوة. أخيرا، استطاع الرجل
اشباع جوعه وحمل معه كل ما يريده من فاكهة. بالإضافة إلى ذلك دعاه القرد للعودة
حين يشاء ليحمل فاكهة أخرى.
فشكره
(راج) قائلا:
ـ
لقد فعلت كل ما تستطيعه لترضيني والآن دلني على الطريق الذي يصل إلى مغارة النمر.
ودله
القرد على طريق المغارة. وتعرف النمر على منقذه وقام بإهدائه قلادة وجواهر.
قال
له النمر: إن كل هذه الجواهر كانت لأمير قتلته عندما تاه في الغابة ولقد وضعتها
جانبا من أجلك. خذها وارجع إلى بيتك.
حمل
(راج) الجواهر، وتذكر وعد الصائغ الذي أنقذه فقرر الذهاب لرؤيته وطلب مساعدته في
بيع الجواهر.
استقبل
الصائغ (راج) بالأدب الذي تمليه الضيافة، فأحضر له مياها يغسل بها قدميه ثم دعاه
إلى المائدة مقدما له المأكل والمشرب، ثم سأله:
ـ
ماذا استطيع أن افعل لخدمتك؟
قال
(راج):
ـ
لقد أحضرت لك هذه الجواهر واريدك أن تبيعها لحسابي.
طلب
الصائغ رؤية الجواهر وتعرف في الحال على ما باعه بنفسه لابن الملك.
حينئذ
قال لـ(راج):
ـ
انتظرني هنا، فسوف اعرض الجواهر على شخص قد يشتريها.
ثم
ذهب الصائغ إلى الملك وعرضها عليه. فسأله الملك المذهول كيف وصلت بين يديه الجواهر
التي امتلكها ابنه. واجاب الصائغ:
ـ
لقد احضرها (راج) لدي.
وتصور
الملك في الحال ان (راج) هو قاتل ابنه وخاطب نفسه قائلا (سأريه كيف أعامل القتلة).
وأمر
جنوده بالقبض على (راج) وقتله عند الفجر. حينئذ فكر الرجل في الثعبان، وناداه فظهر
أمامه.
ـ
كيف يمكنني مساعدتك؟
طلب
منه (راج) أن يفك قيوده ويخرجه من السجن.
قال
له الثعبان:
ـ
اسمعني جيدا. سوف أقوم بعض الملكة. ولن يستطيع أحد إنقاذها، حتى أقوى السحرة، فيما
عدا أنت. ستلمسها فقط ويزول مفعول السم. حينئذ تسقط أغلالك.
وأوفى
الثعبان بوعده وعض الملكة. فغمر اليأس الملك وحاشيته. واضطر الأطباء والعلماء
والسحرة، الواحد تلو الآخر، إلى الاعتراف بعجزهم عن شفاء الملكة. وكان التأثر
شديدا في القصر والمدينة كلها حتى انهم نسوا إعدام البراهما عند الفجر.
وقام
الملك بإحضار أطباء من بلاد أخرى ولكن لا أحد استطاع شفاء زوجته التي أخذت تضعف
بسرعة. حينئذ أمر الملك قارعي الطبول بإعلان مرض الملكة الخطير في كل مكان. وعندما
سمع (راج) الطبول أمام زنزانته توجه للحارس معلنا قدرته على شفاء الملكة.
وأحضروه
في الحال أمام الملك الذي تقدمه بنفسه إلى فراش الملكة وما لبث أن لمسها الرجل حتى
شفيت في التو.
عندما
رأى الملك قدرة (راج) عبر له عن تقديره الكبير وسأله:
ـ
أخبرني كيف وجدت الجواهر التي أحضرها لي الصائغ؟
حكى
(راج) ما حدث بكل صراحة.
وعاقب
الملك الصائغ وأهدى (راج) ألف قرية وعينه وزيرا.
أتى
(راج) بكل عائلته وأصدقائه وأهله الذين استطاع في صحبتهم الاستمتاع بثروته التي
تبرع بجزء كبير منها للفقراء، كما أنه كان عادلا في استخدام القوة التي أعطاها له
الحكم على كل المملكة.
المصدر: 1
قصة للأطفال: الخنازير الثلاثة الصغار
نوادر العرب: الرجل الحكيم بائع السعادة
قصة مَثَل: جَوِّع كلبك يَتبَعك
قصة وحكمة: الفلاح وشجرة التفاح
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق