الطبعُ يغلبُ التطبّعَ
في صباحٍ شتائيٍّ مكفهرٍّ، حينَ لفحَ البردُ وجهَ الأرضِ، وجدَ فلاحٌ في حقلٍ قفرٍ ثعباناً قد جثمَ بلا حراكٍ، ممدوداً كأنَّهُ جثّةٌ هامدةٌ، وقد تغلغلَ الصقيعُ في عروقهِ حتى كادَ يزهقُ روحهُ. بدا الثعبانُ كأنَّما يُنادي بنظراتهِ الحائرةِ طالباً عوناً من يدهِ الحانيةِ. رقَّ قلبُ الفلاحِ، إذ لم يملكْ لضعفِهِ إلّا شفقةً، ولمسكنتهِ إلّا تضحيةً.
حملَ
الفلاحُ الثعبانَ بينَ يديهِ، وما كان يعلمُ أنّهُ يرفعُ عدوّاً لدوداً. سارَ بهِ
إلى دارهِ، مفعمَ القلبِ بالرحمةِ، وقلّبَ موقدَ النارِ في كوخِهِ الصغيرِ، ثمَّ
وضعَ الثعبانَ قريباً من وهجِ الجمرِ علَّ الحياةَ تعودُ إليهِ. وفعلاً، بدأَ
الدفءُ ينسابُ في جسدِ الثعبانِ، فاستعادَ قواهُ رويداً رويداً، حتى دبّتْ فيهِ
الحركةُ من جديدٍ.
لكنْ
ما إنْ أفاقَ الثعبانُ من غيبوبتِهِ، حتى انقلبَ شراً مستطيراً، ولسعَ يدَ الفلاحِ
بسمٍّ قاتلٍ! صرخَ الفلاحُ من الألمِ، وإذْ بالسمِّ يسري في عروقهِ كالسيلِ
العرِمِ، فارتعشَ جسدُهُ، وخارتْ قواهُ، وسقطَ مغشيّاً عليهِ.
وبينما
كان الموتُ يُخيّمُ بظلالهِ، أدركَ الفلاحُ، بعدَ فواتِ الأوانِ، أنَّ الثعبانَ
الذي أغدقَ عليهِ معروفاً قد خانهُ. ترددَ في نفسِهِ صوتُ الحكمةِ التي غفلَ عنها:
"كمْ من خيرٍ بذلتُهُ في غيرِ موضعهِ، فتحوَّلَ إلى نارٍ تحرقُني!"
وهكذا
أسدلَ الليلُ ستارهُ على قصةٍ أضحتْ عبرةً للناسِ: لا تأمنَنَّ مكرَ الخبيثِ وإنْ
بدا مستضعفاً، فالطبعُ يغلبُ التطبّعَ، ومنْ زرعَ الخيرَ في أرضٍ شريرةٍ جنى
الحسرةَ والندمَ.
قصة وعبرة: الرجل العجوز وحفيده
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق