صداقة دون خصومة
وقف رجلٌ على شاطئِ بحيرة ليصطادَ. بعد أن وضع قطعةَ خبزٍ في صنارته طُعمًا للسمك. أَحَسَّ بعد دقائق بالخيط يَنْشَدُّ، فجذبهُ جذبةً قويةً خارج الماء. وكانت عالقة به سمكةٌ فضيةٌ ظَلَّتْ تَتَلَوّى في الهواء، إلى أن أفلتت من الصنارة ووقعت بعيدًا. سكنت السمكةُ قليلاً قبل أن تتقافزَ وتنتفضَ، لتستقرّ بقرب جُحرٍ صغيرٍ يعيش فيه النمل.
رأت
نملةٌ قطعةَ الخبز التي في فمِ السمكةِ وهيَ تتحرك. فأسرعت إلى زملائها ليمسكوا قطعة
الخبز ويتعاونوا على حملها. لكن ما إن عادت بهم، لم يجدوا شيئًا غيرَ قِطَّة تجري بعيدًا
فصاحوا: «لقد سرقت قطعة الخبز».
غضبت
النملة وقررت الذهاب إلى القرد - قاضي الغابة - تشكو القطة التي سرقت طعامهم. وأرسلَ
القاضي في طلب القطة، التي حضرت ومعها السمكة. قالت:
-
النملة كاذبة يا سيدي القاضي. هذه هي السمكةُ، فهل يأكل
النملُ السمكَ؟
صاحت
النملة في غضب:
-
بل كانت قطعةَ خبزٍ رائعةً. كنا سنخزنها طعامًا لنا طيلة
فصل الشتاء. وأنتَ تعرف قسوةَ الشتاءِ على النمل يا سيدي القاضي.
فَهِمَ
القاضي الأمر حين نظر إلى السمكة، وقال مبتسمًا:
-
من يحكي لي منكم حكايةً طريفةً أحكم لصالحه.. هه، من سيبدأ؟
قالت
القطةُ:
-
أنا حكايتي غريبة. إذ حدث أن كنت أسيرُ في الغابة. واعترضني
الفيل وقال: مزاجي معكّر يا قطة ولن يعتدلَ إلا إذا حملتني على ظهرك وسرت بي لبعض الوقت
على شاطئ البحيرة. فجعلته يقف على ظهري بقدمٍ واحدة. وقلت لنفسي إنه سرعان ما سيتعب
من هذه الوقفة وينزل. لكننا كنا وصلنا إلى البحيرة ولم يحدث ذلك. ففكرت بأنني أجيد
القفز. وقفزت به قفزةً جبارةً إلى الشاطئ الآخر للبحيرة. وفوقَ الماء أخذتْ أهزُ ظهري
بقوة حتى أوقعته في الماء وغرق.
قال
القرد:
-
ولكن الفيل يمكنه أن يعوم.
قالت
القطة وقد أسعدها أن أخذت حكايتها بانتباه القاضي:
-
ولكنه في حكايتي هذه غرق يا سيدي القاضي.
ابتسم
القاضي وقال: حكايةٌ طريفةٌ.. وأنت أيتها النملة.
تنحنحت
النملة ثم قالت:
-
أما حكايتي فمسليةٌ للغاية. وكما تعرف حضرتُكَ، فإن جحرَ
النمل يقع بجوار بيت الجمل الذي كان كلما جاء الليلُ ونام، يصدر في نومه صوتًا مرعبًا
يزلزل بنا الجحر ويخيف الصغار. فإذا استيقظ ومشى، يدوس بخُفّه العريضِ على بيوتنا ومخازن
طعامنا. لذا اتفقنا نحن النمل على أن نلتقي عند ذيله في الليل. فتمسك كل نملة بشعرة
من الذيل، ونجره إلى آخر الغابة وهو نائم.
لكنه
كان متى استيقظ، يعود إلى مكانه الأول في الصباح، فنعود إلى جرجرته من ذيله في الليل.
وهكذا إلى أن يئس في النهاية. وبنى له بيتاً بعيدًا عن جحر النمل. وبذلك استرحنا من
نومه المزعج وُخفّه العريض.
ضحك
القردُ وقال:
-
هذه أيضًا حكايةٌ طريفةٌ. ليأخذ كل منكما طعامه.
ووضع
قطعة الخبز أمام النملة، والسمكة أمام القطة مضيفًا: على أن تظلا صديقتين دون خصومة.
ومضت كل منهما سعيدة بأن الحق كان إلى جانبها. وبحكايتها التي أعجبت القاضي.
بواسطة رضا البهات
مواضيع تهم الطلاب والمربين
والأهالي
إقرأ أيضاً
كيف تُعَلمين طفلك التحدث
أمام الجمهور
قصة للأطفال: إمبراطور بأذنيّ تيس
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7
مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على
المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل
المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن
شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة
شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث
عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات
وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات
وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق