طارق وحلمه الجميل مع صديقه الفيل الطيب
"طارق" طفلٌ في الثامنة من عمره، بالصف الثاني الابتدائي، يعيش وسط أسرته، لا أخوة له ولا أخوات، عَشِقَ القصص والحكايات التي كانت تحكيها أمه وجدته، خاصةً إن تَكَلَّمَت عن عالم الحيوان.
وبمزرعة
أبيه الصغيرة، تصور "طارق" أن والده يمكنه تربية الكثير من الحيوانات
التي يحبها، ومن كثرة إلحاح "طارق" غضب منه الوالد، وشكاه لجدته لتشرح
وتفسر له ما صعُب عليه فهمه، ويتكرر طلب "طارق".. بعد كل عودة من
المزرعة، وتُعيد الجَدَّة عليه صعوبة جَلْبِ الحيوانات.
وفي
يوم من ذات الأيام رجع "طارق" من المدرسة غاضباً يتكلم بمزاج مُعّكر،
وأحواله النفسية ليست على ما يُرام.. رغم أنه في هذا اليوم كان مع زملائه في رحلة
مدرسية إلى حديقة الحيوان؛ حيث شاهد ولعب مع جميع الحيوانات؛ قَطَّعَ رغيف الخبز
الذي أحضره معه، ورماه للبط والأوز بالبحيرة لتلتقطه، وأطعم الزرافة شرائح الجزر
بمساعدة الحارس، وأعطى العشب للفيل الذي تلقفه بخرطومه، وأمسك بيده الأسماك
الصغيرة وقذفها بحلق سبع البحر الواسع.
وهنا
سألته جدته: ما الذي أغضبك إذن يا "طارق"؟ لقد أخبرني أصدقاؤك عن سعادتك
والوقت الجميل الذي أمضيته وسط الحيوانات! كنت أظن أن الرحلة ستترك أثراً طيباً
عليك.. فأنت منْ أَصَرَّ على الاشتراك بها.. ورَحَّبْتَ بمشاهدة الحيوانات التي تُحِبُّها،
وعَرَفْتَ عنها الكثير من القصص والحكايات، تلك التي أقرؤها لك كل يوم قبل النوم،
وتطلب مني إعادتها تكراراً ومراراً!
انفجر
"طارق" بالبكاء وتَلَعْثَمَ لسانُه في النُّطق.. فطلبت منه جدته الصبر
والهدوء حتى يتمالك نفسه ويستطيع الكلام، وبعد رَوِيَّةٍ قال: الفيلُ مريضٌ يا
جدتي، لم أَسْتَطِعْ ركوبَه أنا وأصحابي كما كانت تحكي لي أمي في سنوات طفولتها،
الحارس يقول إن الفيل كَبُرَ في العمر، ولم يعد يستطيع حمل الأطفال، رغم أننا صغارٌ
وأوزاننا قليلة.. واستكمل الحكاية بمواصلة البكاء.
عَرَفَت
الجدة سِرَّ حُزْنِ حفيدها "طارق" وسارعت بالجواب: ما رأيك في أن تكون
حكاية قبل النوم -اليوم- عن الفيل، ذلك الحيوان الطيب، وستتعرف إليه أكثر، وستسمع
كيف يتعامل مع أهله في الأفراح والأحزان؟
توقف
"طارق" عن البكاء وذهب إلى غرفته لِيُغَيِّرَ ملابسه، وبعد تَناوُلِ
وجبتَه جرى نحو جدته ليستمتع معها بحلو الكلام عن الفيل كبير السِّنِّ الذي رفض أن
يحمله على ظهره مثلما فَعَلَ مع أُمِّه من زمان.
وبدأت
الجدة الطيبة حكايتها:
الفيل
من أطرف وأطيب الحيوانات، كما أنه يتمتع بذكاء شديد، وعالمه مليء بالأسرار
والطرائف والعجائب؛ يوجد حول العالم ثلاثة أنواع فقط من الأفيال؛ الفيل الأسيوي
وفيل أفري كانا، والفيل الإفريقي، وأصغر هذه الأنواع حجماً هو الفيل الأسيوي،
وعادة ما يعيش في الهند.
الفيل
يعيش حياة اجتماعية منظمة لأقصى الحدود، في شكل قطعان وكل قطيع يحتوى على 10
أفراد تقريباً، قطعان للإناث وأخرى للذكور، وتتحدد مكانة كل فرد طبقاً لعمره،
خبرته، وحجمه، ولن تحظى أي أنثى في الجماعة بمنصب القائدة حتى وفاة الأم القائدة،
فبعد وفاتها تُختار أكثر الإناث خبرة وعمراً لتصبح هي القائدة، ويصبح دورها الحفاظ
على العائلة بأكملها في موسم الجفاف.
يسمى
صغير الفيل بـ"الدغفل"، وعند ولادته وفي السنوات الأولى من عمره يكون
مصاباً بالعمى، ويكون وزنه عند الولادة 100
كيلو جرام تقريباً، ولا يستطيع استخدام خرطومه في الشرب أو نقل أي شيء إلا بعد عام
من مولده على الأقل، وقد يصل الأمر إلى سنتين.
ويلازم
أمه في سنواته الأولى ويحاول التعلم من الراشدين في جماعته من خلال ملاحظة
أفعالهم، وهذا ما يجعله يتغلب على ضعف قواه العقلية، فصغار الفيلة لا يعمل إلا جزء
صغير من مخها، فتعوض ذلك بالتعلم ممن حولها، وتصبح ملازمة لأمها حتى تستطيع البقاء.
الفيلة
كثيرة الترحال وتنتقل من مكان لآخر بحثاً عن الماء والعشب، وعندما تضل بعض الأفراد
الطريق تستطيع التواصل مع بعضها بإصدار أصوات معينة، ويسمى صوت الأنثى
بـ"النهيم"، وتتعرف الفيلة إلى مناطق الماء عن طريق حاسة الشم وذاكرتها
القوية، فتستطيع شم الرياح والتعرف إلى مصادر المياه، كما أن أنثى الفيل تستطيع شم
رائحة الإنسان من على بعد نصف كيلو متر.
الفيلة
آكلة للأعشاب ويمكنها أن تقضي ثلاثة أرباع وقتها وهي تنتقي أنواع الأعشاب، ويمكن
للفيل الإفريقي البالغ أن يأكل 200
كيلو جرام يومياً من الأعشاب، ويمكنها شرب 250
لتراً من الماء يومياً، الأمر الذي يجعلها تنام من 2-
3 ساعات يومياً فقط حتى
تستطيع تناول طعامها.
من
أهم أعضاء الجسم عند الفيل.. الخرطوم، فمن خلاله يستطيع إمساك الأشياء والشرب،
فيمكنه سحب 40
لتراً من الماء دفعة واحدة، والأفيال تحيي بعضها بتلامس الخراطيم، والأم تستخدم
خرطومها في معاقبة صغيرها عند الخطأ، فتقوم بلف خرطومه على خرطومها والضغط عليه
بشدة.
ومن
الأعضاء الهامة أيضاً في جسم الفيل.. القدم، فهي تساعده على تحمل الصدمات والمشي
لمسافات طويلة، فيمكن لأقدامها تحمل وزنها الثقيل، حتى أن الأفيال تستطيع النوم
وهي واقفة.
كما
تتميز الأفيال بعدة سمات منها الذكاء الشديد، فيصل حجم مخ الفيل البالغ 5
كيلو جرام، كما يوجد في مخ الفيل مركز للعاطفة مسئول عن إظهار الحزن والفرح
والحنان.
لـلفيلة
أعداء كسائر المخلوقات وأعداؤها الرئيسيون الإنسان والثعبان ولا تخشى أي حيوان حتى
الأسود، ولكنها تخاف النار والأصوات العالية.
يصل
متوسط عمر الفيلة من 60
إلى 80
عاماً، وعند إحساسها بالإنهاك أو بقرب موتها، تذهب إلى أماكن المياه حتى تموت
هناك، وإذا توفي أحد أفراد القطيع، يظل أقرب فرد له بجواره وتظهر عليه علامات
الحزن والاكتئاب، وإذا مات الفيل وهو واقف يظل واقفاً لساعات ثم يسقط.
انفرجت
ملامح طارق.. وزال حزنه وأخذ يتبسط مع جدته بالكلام ليعرف معلومات أكثر عن صديقه
الفيل، ليزداد معرفة وربما ليتسّيد الجلسة وسط زملائه بالمدرسة، ويحكي لهم كل تلك
المعلومات.
وقبل
أن ينطق بالشكر لجدته ويُلقي عليها تحية المساء ليدخل سريره وينام.. لاحقها
بالسؤال هل تعدينني يا جدتي الجميلة بحكايات جديدة عن حيوانات أخرى أحبها؟ وقبل أن
يسترسل بالكلام.. وتجيب الجدة عن السؤال، اشترطت عليه.. الاستعداد غداً للإجابة عن
الأسئلة التي سوف تعدها عن مضمون القصة التي سمعها.
1. هل كان طلب طارق من والده سهل التحقيق؟
2. لماذا رجع طارق من الرحلة غضباناً؟
3. كم سنة يعيش الفيل؟
4. كم كيلو من الأعشاب يستطيع الفيل أن
يأكله؟
5. كم يزن مخ الفيل؟
6. هل يخاف الفيل من الأسد؟
7. ما الوعد الذي طلبه طارق من جدته؟
إقرأ أيضاً:
قصة للأطفال: الإسكافي والقزمان
قصة وحكمة: كولومبوس وُلِدَ لِيُتَوَّج مَلِكاً
قصة للأطفال: سامر يحتفظ بأسرار عائلته
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
المصدر: 1
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق