الأَشباحُ الطَّيِّبَةُ
فِي قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ وَسَاحِرَةٍ، كَانَتْ هُنَاكَ حِكَايَةٌ تَتَرَدَّدُ بَيْنَ الصِّغَارِ عَنْ مَنْزِلٍ قَدِيمٍ وَمَهْجُورٍ يَقَعُ عَلَى حَافَّةِ الغَابَةِ. قَالَ الجَمِيعُ إِنَّ المَنْزِلَ تَسْكُنُهُ أَشْبَاحٌ، لَكِنَّ الأَشْبَاحَ فِي هَذِهِ القَرْيَةِ كَانَتْ طَيِّبَةً وَمَرِحَةً. كَانَ الأَطْفَالُ يَتَجَرَّؤُونَ عَلَى تَحَدِّي بَعْضِهِمُ البَعْضَ لِدُخُولِ هَذَا المَنْزِلِ القَدِيمِ، وَتَخَيَّلُوا المَغَامَرَاتِ الرَّائِعَةَ الَّتِي قَدْ يُوَاجِهُونَهَا هُنَاكَ.
كَانَ
مُنِيرٌ صَبِيًّا شُجَاعًا وَمُحِبًّا لِلْمَغَامَرَاتِ، الأَكْثَرَ جُرْأَةً
بَيْنَ أَصْدِقَائِهِ. لَمْ يَكُنْ يَخَافُ شَيْئًا وَكَانَ دَائِمًا يُحَمِّسُ
أَصْدِقَاءَهُ لِلدُّخُولِ إِلَى المَنْزِلِ المَسْكُونِ. فِي لَيْلَةٍ
شِتَائِيَّةٍ بَارِدَةٍ، اجْتَمَعَ مُنِيرٌ مَعَ ثَلَاثَةٍ مِنْ أَصْدِقَائِهِ
المُقَرَّبِينَ: رَضْوَى، وَجَابِرٍ، وَسَارَةَ. قَرَّرُوا مَعًا خَوْضَ هَذِهِ
المَغَامَرَةِ المُثِيرَةِ. حَمَلَ كُلٌّ مِنْهُمْ مِصْبَاحًا صَغِيرًا
وَأَغْطِيَةً دَافِئَةً، وَانْطَلَقُوا فِي رِحْلَتِهِمُ المَلِيئَةِ
بِالإِثَارَةِ.
عِنْدَمَا
وَصَلُوا إِلَى المَنْزِلِ المَهْجُورِ، كَانَتِ الرِّيَاحُ تَعْزِفُ لَحْنًا
مُخِيفًا كَأَنَّهَا تُحَاوِلُ تَحْذِيرَهُمْ. لَكِنَّ هَذَا لَمْ يُثْنِ
عَزِيمَةَ مُنِيرٍ، الَّذِي فَتَحَ البَابَ القَدِيمَ بِيَدٍ ثَابِتَةٍ وَدَخَلُوا
جَمِيعًا بِخُطُوَاتٍ مُتَرَدِّدَةٍ. كَانَ الدَّاخِلُ مُظْلِمًا وَصَامِتًا،
إِلَّا مِنْ صَرِيرِ الأَرْضِيَّةِ القَدِيمَةِ تَحْتَ أَقْدَامِهِمْ وَصَوْتِ
الرِّيَاحِ فِي الخَارِجِ.
فِي
وَسَطِ المَنْزِلِ، وَجَدُوا غُرْفَةً رَئِيسِيَّةً بِهَا صُنْدُوقٌ خَشَبِيٌّ
قَدِيمٌ. فَجْأَةً، انْفَتَحَ الصُّنْدُوقُ بِبُطْءٍ، وَخَرَجَتْ مِنْهُ أَشْبَاحٌ
صَغِيرَةٌ تُشْبِهُ الأَطْفَالَ. كَانَتْ تَبْتَسِمُ لَهُمْ بِطِيبَةٍ وَتُرَحِّبُ
بِهِمْ بِأَذْرُعٍ مَفْتُوحَةٍ. لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الأَشْبَاحُ مُخِيفَةً، بَلْ
كَانَتْ مَلِيئَةً بِالحُبِّ وَالمَرَحِ. قَادَتِ الأَشْبَاحُ الأَطْفَالَ فِي
رِحْلَةٍ سَاحِرَةٍ عَبْرَ ذِكْرِيَاتِ المَاضِي.
اِكْتَشَفَ
مُنِيرٌ وَأَصْدِقَاؤُهُ أَنَّ هَذَا المَنْزِلَ كَانَ مَلِيئًا بِلَحَظَاتٍ
سَعِيدَةٍ عَاشَهَا أَطْفَالٌ مِثْلَهُمْ فِي الزَّمَنِ المَاضِي. اسْتَمْتَعُوا
بِاللَّعِبِ وَمُشَاهَدَةِ القِصَصِ الرَّائِعَةِ الَّتِي حَكَتْهَا الأَشْبَاحُ
عَنْ الأَيَّامِ الجَمِيلَةِ الَّتِي قَضَوْهَا فِي هَذَا المَكَانِ. لَمْ يَكُنِ
المَنْزِلُ مَكَانًا لِلرُّعْبِ، بَلْ كَانَ مَلَاذًا لِلذِّكْرَيَاتِ الجَمِيلَةِ
وَالأَوْقَاتِ السَّعِيدَةِ.
عِنْدَمَا
انْتَهَتِ الرِّحْلَةُ، غَادَرُوا المَنْزِلَ وَهُمْ يَضْحَكُونَ وَيَشْعُرُونَ
بِالدِّفْءِ وَالفَرَحِ. تَعَلَّمُوا أَنَّ الأَمَاكِنَ القَدِيمَةَ قَدْ تُخْفِي
بَدَاخِلِهَا الكَثِيرَ مِنَ السِّحْرِ وَالحَنِينِ، وَأَنَّ الأَشْبَاحَ يُمْكِنُ
أَنْ تَكُونَ أَصْدِقَاءَ، تَحْمِلُ مَعَهَا قِصَصًا مِنَ المَاضِي لِتَجْعَلَ
الحَاضِرَ أَكْثَرَ بَهْجَةً وَسَعَادَةً. وَمُنْذُ ذَلِكَ الحِينِ، أَصْبَحَ
المَنْزِلُ المَهْجُورُ مَكَانًا مَحْبُوبًا بَيْنَ الأَطْفَالِ، يَأْتُونَ
إِلَيْهِ لِاكْتِشَافِ السِّحْرِ وَالذِّكْرَيَاتِ الطَّيِّبَةِ الَّتِي
يَحْمِلُهَا.
قصة للأطفال: مولد النور: سيرة طفولة النبي محمد (ص)
قصة حب: قيس ولبنى: وفاء يتحدّى الأقدار
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق