فِي قَدِيمِ ٱلزَّمَانِ، كَانَ هُنَاكَ مَزَارِعٌ طَيِّبُ ٱلْقَلْبِ يَمْلِكُ حِصَانًا عَزِيزًا عَلَيْهِ. كَانَ ٱلْحِصَانُ قَوِيًّا وَنَشِيطًا، لَكِنَّ ٱلزَّمَنَ لَمْ يَرْحَمْهُ، فَقَدْ أَصْبَحَ عَجُوزًا. وَفِي أَحَدِ ٱلْأَيَّامِ، بَيْنَمَا كَانَ ٱلْحِصَانُ يَتَمَشَّى فِي ٱلْحَقْلِ، ٱنْزَلَقَتْ قَدَمَاهُ وَسَقَطَ فِي بِئْرٍ عَمِيقَةٍ. كَانَتِ ٱلْبِئْرُ جَافَّةً وَخَالِيَةً مِنَ ٱلْمَاءِ، وَأَحَسَّ ٱلْحِصَانُ بِأَلَمٍ شَدِيدٍ وَصَارَ يَبْكِي بِحَرْقَةٍ.
جَلَسَ
ٱلْمَزَارِعُ يُفَكِّرُ بِحُزْنٍ: "مَاذَا أَفْعَلُ؟ كَيْفَ يُمْكِنُنِي
إِنْقَاذُ حِصَانِي؟". فَكَّرَ وَفَكَّرَ، وَأَخِيرًا قَالَ فِي نَفْسِهِ:
"حِصَانِي ٱلْعَجُوزُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَعِيشَ طَوِيلًا، وَٱلْبِئْرُ
يَجِبُ أَنْ تُرْدَمَ. قَدْ يَكُونُ ٱلْوَقْتُ قَدْ حَانَ لِنَقُولَ وَدَاعًا."
ٱسْتَدْعَى
ٱلْمَزَارِعُ جِيرَانَهُ وَطَلَبَ مُسَاعَدَتَهُمْ فِي رَدْمِ ٱلْبِئْرِ.
أَحْضَرُوا مَعَهُمُ ٱلْمَعَاوِلَ وَٱلْجَوَارِيفَ وَبَدَأُوا فِي إِلْقَاءِ
ٱلْأَتْرِبَةِ وَٱلنِّفَايَاتِ إِلَى دَاخِلِ ٱلْبِئْرِ. كَانُوا يَعْتَقِدُونَ
أَنَّهُمْ بِذَلِكَ يُحُلُّونَ مُشْكِلَتَيْنِ فِي آنٍ وَاحِدٍ: رَدْمَ ٱلْبِئْرِ
وَٱلتَّخَلُّصَ مِنَ ٱلْحِصَانِ ٱلْعَجُوزِ.
لَكِنَّ
ٱلْحِصَانَ ٱلذَّكِيَّ لَمْ يَسْتَسْلِمْ. عِنْدَمَا بَدَأَتِ ٱلْأَتْرِبَةُ
تَتَسَاقَطُ عَلَيْهِ، هَزَّ ظَهْرَهُ بِقُوَّةٍ وَأَسْقَطَ ٱلتُّرَابَ عَلَى
ٱلْأَرْضِ، ثُمَّ وَقَفَ عَلَيْهِ. ٱسْتَمَرَّ فِي فِعْلِ ذَلِكَ مَعَ كُلِّ
مِجْرَفَةٍ مِنَ ٱلتُّرَابِ، يَرْفَعُ نَفْسَهُ شَيْئًا فَشَيْئًا.
فِي
ٱلْبِدَايَةِ، لَمْ يَنْتَبِهْ ٱلْمَزَارِعُ وَجِيرَانُهُ لِمَا يَحْدُثُ فِي
ٱلْأَسْفَلِ. كَانُوا يَسْمَعُونَ صَهِيلَ ٱلْحِصَانِ ٱلْمُؤْلِمَ وَيَعْتَقِدُونَ
أَنَّهُ ٱلنِّهَايَةُ. لَكِنْ فَجْأَةً، تَوَقَّفَ ٱلصَّوْتُ. عِنْدَمَا نَظَرَ
ٱلْمَزَارِعُ إِلَى ٱلْبِئْرِ، صُدِمَ بِمَا رَأَى!
وَجَدَ
ٱلْحِصَانَ مَشْغُولًا بِمَهَارَةٍ فِي هَزِّ ظَهْرِهِ كُلَّمَا سَقَطَتْ عَلَيْهِ
ٱلْأَتْرِبَةُ، ثُمَّ يَقِفُ عَلَيْهَا لِيَرْتَفِعَ خُطْوَةً فَخُطْوَةً نَحْوَ
سَطْحِ ٱلْأَرْضِ. مَعَ مُرُورِ ٱلْوَقْتِ، ٱرْتَفَعَ ٱلْحِصَانُ أَكْثَرَ
فَأَكْثَرَ، حَتَّى ٱقْتَرَبَ مِنَ ٱلْقِمَّةِ.
وَأَخِيرًا،
عِنْدَمَا كَانَ ٱلْبِئْرُ مُمتَلِئًا تَقْرِيبًا، جَمَعَ ٱلْحِصَانُ كُلَّ
قُوَّتِهِ وَقَفَزَ قَفْزَةً أَخِيرَةً! ٱرْتَفَعَ ٱلْحِصَانُ فِي ٱلْهَوَاءِ،
وَهَبَطَ عَلَى ٱلْأَرْضِ خَارِجَ ٱلْبِئْرِ بِسَلَامٍ. فَرِحَ ٱلْمَزَارِعُ
وَجِيرَانُهُ بِٱلْحِصَانِ ٱلشُّجَاعِ ٱلَّذِي لَمْ يَسْتَسْلِمْ، وَتَعَلَّمُوا
دَرْسًا مُهِمًّا: لَا تَسْتَسْلِمْ أَبَدًا، حَتَّى فِي أَحْلَكِ ٱلظُّرُوفِ،
لِأَنَّ ٱلذَّكَاءَ وَٱلشَّجَاعَةَ يُمْكِنُهُمَا إِنْقَاذُكَ مِنْ أَيِّ مَوْقِفٍ
صَعْبٍ.
وَمُنْذُ
ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ، عَاشَ ٱلْحِصَانُ حَيَاةً سَعِيدَةً مَلِيئَةً
بِٱلْمُغَامَرَاتِ، وَكَانَ ٱلْجَمِيعُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ كَرَمْزٍ لِلْأَمَلِ
وَٱلْقُوَّةِ.
قصة مُخَيِّبة: الخراساني والمقلى
نوادر العرب: الأعرابي والمرزوي
قصة للأطفال: البطة الصغيرة الحزينة
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق