صَديقٌ وَفِيٌّ
حَاوَلَ الثَّعْلَبُ سَرِقَةَ الدَّجَاجِ مِنْ قِنِّ البَيْتِ، وَأَكْلَهُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُنْجِحْ هَذِهِ المَرَّةَ، وَنَتِيجَةً لِعِرَاكِهِ مَعَ الدَّجَاجِ شَعَرَ بِالتَّعَبِ، فَاسْتَلْقَى عَلَى العُشْبِ لِلرَّاحَةِ، غَنَّى وَهَزَّ ذَيْلَهُ، وَرَاحَ يُخَطِّطُ لِهُجُومِهِ القَادِمِ، وَتَجَوَّلَ عَلَى ضِفَّةِ النَّهْرِ حَتَّى وَجَدَ فِكْرَةً جَدِيدَةً.
قَرَصَهُ الجُوعُ، فَأَسْرَعَ إِلَى قِنِّ الدَّجَاجِ نَفْسِهِ، نَهَبَ دَجَاجَةً بِذَكَاءِ، وَغَادَرَ القِنَّ وَبَكَتِ الدَّجَاجَاتُ عَلَى حَظِّهَا السَّيِّئِ. حَدَّقَ الدِّيكُ فِي الدَّجَاجَاتِ بِحُزْنٍ، وَخَفَضَ رَأْسَهُ لِشُعُورِهِ بِالعَجْزِ عَنْ حِمَايَتِهَا مِنَ الثَّعْلَبِ المَاكِرِ، سَارَ عَلَى الدَّرْبِ يُفَكِّرُ بِطَرِيقَةٍ لِصَدِّ هُجُومِ الثَّعْلَبِ الدَّائِمِ حَيْثُ نَقَصَ عَدَدُ الدَّجَاجَاتِ كَثِيرًا، وَصَارَتْ فِي حَالٍ يُرْثَى لَهَا. سَلَّمَ عَلَى صَدِيقِهِ الكَلْبِ الرَّابِضِ أَمَامَ بَيْتِهِ القَرِيبِ مِنْ كُوخِ الفَلَّاحِ وَالَّذِي لَمْ يَنَمْ فِيهِ مُنْذُ ثَلَاثَةِ شُهُورٍ عَلَى الأَقَلِّ، حَيْثُ كَانَ يَمْضِي فِي رِحْلَاتٍ مَعَ أَصْحَابِهِ الكِلَابِ فِي الجِوَارِ، وَيُهْمِلُ الحِرَاسَةَ، رَأَى الكَلْبُ صَدِيقَهُ الدِّيكَ مَهْمُومًا وَكَأَنَّ الدُّنْيَا وُضِعَتْ عَلَى ظَهْرِهِ، قَالَ الكَلْبُ:
أَيْنَ
مَرَحُكَ أَيُّهَا الدِّيكُ؟
هَزَّ
الدِّيكُ رَأْسَهُ وَقَالَ بِلُوعَةٍ:
نَحْنُ
فِي وَرْطَةٍ يَا عَزِيزِي الكَلْبُ، كُلَّ يَوْمٍ يُهَاجِمُنَا الثَّعْلَبُ
فَيَسْرِقُ الدَّجَاجَ.
دُهِشَ
الكَلْبُ لِكَلَامِ الدِّيكِ، وَشَعَرَ بِتَقْصِيرِهِ فِي أَدَاءِ الوَاجِبِ
نَحْوَ الأَصْدِقَاءِ، وَقَالَ بِجِدٍّ:
عِنْدِي
فِكْرَةٌ يَا صَدِيقِي الدِّيكُ!
فَرِحَ
الدِّيكُ وَاسْتَبْشَرَ خَيْرًا وَقَالَ:
مَاذَا
لَدَيْكَ؟ قَالَ الكَلْبُ بِحِكْمَةٍ:
تَحْضُرُ
الدَّجَاجَاتُ إِلَى بَيْتِي لِتُقِيمَ فِيهِ فَتْرَةً مِنَ الزَّمَنِ، وَاتْرُكْ
لِي أَنْتَ مُهِمَّةَ مُرَاقَبَةِ الثَّعْلَبِ.
شَكَرَ
الدِّيكُ الكَلْبَ عَلَى فِكْرَتِهِ وَمَضَى إِلَى القِنِّ، أَخْبَرَ
الدَّجَاجَاتِ بِالخُطَّةِ، فَرِحَتِ الدَّجَاجَاتُ وَخَرَجَتْ فِي مَوْكِبٍ
صَغِيرٍ إِلَى بَيْتِ الكَلْبِ، وَأَغْلَقَ الكَلْبُ البَابَ عَلَيْهَا، ثُمَّ
تَوَجَّهَ إِلَى القِنِّ الفَارِغِ، دَخَلَ فِيهِ، تَرَبَّصَ لِلثَّعْلَبِ
المَاكِرِ، سَمِعَ وَقْعَ خُطَاهُ عَلَى العُشْبِ اليَابِسِ، وَصَلَ القِنَّ، نَظَرَ
بِاسْتِغْرَابٍ.
ظَنَّ
الدَّجَاجَاتِ تَغُطُّ فِي نَوْمٍ عَمِيقٍ، قَالَ لِنَفْسِهِ: (سَآخُذُ وَاحِدَةً
وَأَمْضِي إِلَى الغَابَةِ)، مَدَّ رَأْسَهُ وَطَرَفَيْهِ فِي القِنِّ، تَهَيَّأَ
الكَلْبُ الشُّجَاعُ لَهُ، ثُمَّ انْقَضَّ عَلَيْهِ، جَرَّهُ إِلَى قَلْبِ القِنِّ.
غَرَسَ
أَنْيَابَهُ فِي رَقَبَتِهِ سَمِيكَةِ الفَرَاءِ، جَرَحَهُ بِمَخَالِبِهِ
الحَادَّةِ كَالسَّكَّاكِينِ، وَعَضَّ ظَهْرَهُ وَلَطَمَهُ كَفًّا قَوِيًّا عَلَى
وَجْهِهِ، بَكَى الثَّعْلَبُ مِنَ الأَلَمِ، وَسَالَتْ دُمُوعُهُ كَالسَّيْلِ،
وَشَعَرَ بِأَلَمٍ شَدِيدٍ فِي جَمِيعِ أَنْحَاءِ جَسَدِهِ، وَهَرَبَ إِلَى
الغَابَةِ خَاسِرًا، وَأَدْرَكَ أَنَّهُ لَيْسَ كُلَّ مَرَّةٍ تَسْلَمُ الجَرَّةُ،
وَصَارَ لَا يُفَكِّرُ بِغَزْوِ القِنِّ طَامِعًا بِحَقِّ الحَيَاةِ
الطَّبِيعِيَّةِ الآمِنَةِ لِلدَّجَاجَاتِ.
مُحَمَّدُ
عَلِي مَزْعَلٌ
قصة للأطفال: لا يأس مع الإرادة
قصة مُلهِمة: تيمورلنك يتعلم من النملة
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق