انتقام
فِي أَعْمَاقِ غَابَةٍ مَلِيئَةٍ بِالْحَيَاةِ، كَانَتْ هُنَاكَ مَجْمُوعَةٌ مُتَنَوِّعَةٌ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ تَعِيشُ مَعًا بِسَلَامٍ. كَانَ الأَسَدُ مَلِكَ الْغَابَةِ، وَقَدْ حَكَمَهَا بِقُوَّةٍ وَحِنْكَةٍ لِسَنَوَاتٍ عَدِيدَةٍ. وَلَكِنْ مَعَ مُرُورِ الزَّمَنِ، بَدَأَ الأَسَدُ يَشْعُرُ بِثِقَلِ السِّنِينَ، وَوَجَدَ نَفْسَهُ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى الصَّيْدِ بِنَفْسِ الْقُوَّةِ الَّتِي كَانَ يَمْتَلِكُهَا فِي شَبَابِهِ.
ذَاتَ يَوْمٍ، جَمَعَ
الأَسَدُ جَمِيعَ الْحَيَوَانَاتِ لِيُخْبِرَهُمْ بِأَنَّهُ لَمْ يَعُدْ
يَسْتَطِيعُ الصَّيْدَ بِنَفْسِهِ بَعْدَ الآنَ. وَقَدْ قَرَّرَ أَنَّهُ
سَيَبْدَأُ بِأَكْلِهِمْ وَاحِدًا تِلْوَ الآخَر حَسَبَ تَرْتِيبِ أَرْقَامٍ
سَيُعْطِيهَا لَهُمْ. وَحَذَّرَهُمْ بِشِدَّةٍ: "لَا تُحَاوِلُوا خِدَاعِي،
لِأَنَّنِي مَا زِلْتُ قَوِيًّا بِمَا يَكْفِي لِأَقْضِيَ عَلَى أَيٍّ مِنْكُمْ
إِذَا حَاوَلَ الْمُرَاوَغَةَ." وَبِهَذَا بَدَأَ الأَسَدُ يَأْكُلُ
الْحَيَوَانَاتِ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ، وَاحِدَةً تِلْوَ الأُخْرَى، مُسْتَعِيدًا
شَيْئًا مِنْ حَيَوِيَّتِهِ مَعَ كُلِّ وَجْبَةٍ.
عِنْدَمَا جَاءَ
الدَّوْرُ عَلَى وَالِدَةِ الأَرْنَبِ، حَزِنَتْ كَثِيرًا وَأَخْبَرَتْ ابْنَهَا
الصَّغِيرَ بِأَنَّ مَوْعِدَهَا قَدْ حَانَ وَأَنَّ الأَسَدَ سَيَلْتَهِمُهَا
اليَوْمَ. طَلَبَتْ مِنْهُ أَنْ يَعْتَنِيَ بِنَفْسِهِ بَعْدَ رَحِيلِهَا، لَكِنَّ
الأَرْنَبَ الصَّغِيرَ لَمْ يَسْتَسْلِمْ لِلْخَوْفِ. قَالَ لِأُمِّهِ بِثِقَةٍ:
"سَأَذْهَبُ مَعَكِ وَسَأَجِدُ حَلًّا لِإِنْقَاذِكِ."
وَفِي طَرِيقِهِمَا
إِلَى عَرِينِ الأَسَدِ، كَانَ الأَرْنَبُ الصَّغِيرُ يُفَكِّرُ بِذَكَاءِ فِي
خُطَّةٍ لِإِنْقَاذِ وَالِدَتِهِ. فَجْأَةً، اِلْتَقَى بِالْقِرْدِ وَأَخْبَرَهُ
بِفِكْرَتِهِ الْجَرِيئَةِ، وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يُرَاقِبَ مَا سَيَحْدُثُ مِنْ
مَكَانٍ قَرِيبٍ عِنْدَ الْبِئْرِ. ثُمَّ
اِلْتَقَى بِالْفِيلِ، الَّذِي كَانَ ضَخْمًا وَلَكِنَّهُ جَبَانٌ أَمَامَ
الأَسَدِ، وَطَلَبَ مِنْهُ أَيْضًا أَنْ يُرَاقِبَ عِنْدَ الْبِئْرِ.
وَوَاصَلَ الأَرْنَبُ رِحْلَتَهُ، وَأَخْبَرَ النَّمِرَ وَالثَّعْلَبَ
بِخُطَّتِهِ، وَطَلَبَ مِنْهُمَا أَنْ يَكُونُوا شُهُودًا عَلَى مَا سَيَجْرِي.
عِنْدَمَا وَصَلَ
الأَرْنَبُ الصَّغِيرُ وَأُمُّهُ إِلَى عَرِينِ الأَسَدِ، تَقَدَّمَ الأَرْنَبُ
لِيُخْبِرَ الأَسَدَ أَنَّهُ جَاءَ بَدَلًا مِنْ وَالِدَتِهِ. وَقَالَ بِحَزْمٍ:
"أَعْتَذِرُ عَنِ التَّأْخِيرِ، لَكِنَّنِي تَوَقَّفْتُ فِي طَرِيقِي
بِسَبَبِ أَسَدٍ آخَرَ يَقُولُ إِنَّهُ مَلِكُ الْغَابَةِ وَيَعْتَزِمُ أَكْلَ
الْحَيَوَانَاتِ كَمَا تَفْعَلُ أَنْتَ."
تَجَهَّمَ الأَسَدُ
وَسَأَلَ بِغَضَبٍ: "أَيْنَ هُوَ هَذَا الأَسَدُ؟ أُرِيدُ رُؤْيَتَهُ الآنَ!"
قَادَ الأَرْنَبُ
الأَسَدَ إِلَى الْبِئْرِ، حَيْثُ كَانَتِ الْحَيَوَانَاتُ
الأُخْرَى تُرَاقِبُ بِخَوْفٍ وَتَوَتُّرٍ. وَأَشَارَ الأَرْنَبُ إِلَى الْمَاءِ
قَائِلًا: "هَا هُوَ، إِنَّهُ يَخْتَبِئُ فِي الْبِئْرِ."
نَظَرَ الأَسَدُ إِلَى
الْمَاءِ، وَرَأَى اِنْعِكَاسَ صُورَتِهِ فِيهِ. فِي البِدَايَةِ، ظَنَّ أَنَّ
هَذَا هُوَ الْمَلِكُ الْمُنَافِسُ. زَأَرَ الأَسَدُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ، وَرَدَّ
اِنْعِكَاسُهُ بِزَئِيرٍ مُمَاثِلٍ. اِزْدَادَ غَضَبُ الأَسَدِ وَشَعَرَ
بِالتَّحَدِّي. قَفَزَ الأَسَدُ بِغَضَبٍ دَاخِلَ الْبِئْرِ
لِيُوَاجِهَ خَصْمَهُ، لَكِنَّهُ اِكْتَشَفَ
بِسُرْعَةٍ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ أَسَدٌ آخَرُ، وَأَنَّهُ كَانَ يُخَادِعُ نَفْسَهُ
فَقَطْ.
بَدَأَ الأَسَدُ
يَغْرَقُ فِي الْمَاءِ، وَصَاحَ طَلَبًا لِلْمُسَاعَدَةِ. وَلَكِنَّ الأَرْنَبَ
الصَّغِيرَ وَقَفَ عَلَى حَافَّةِ الْبِئْرِ وَقَالَ
بِبُرُودٍ: "لَنْ أُسَاعِدَكَ، لِأَنَّكَ إِنْ خَرَجْتَ سَتَأْكُلُنِي."
تَرَكَ الأَرْنَبُ
الأَسَدَ يَغْرَقُ بَيْنَمَا عَادَتِ الْحَيَوَانَاتُ الأُخْرَى إِلَى الْغَابَةِ،
تَشْعُرُ بِالْفَرَحِ وَالِارْتِيَاحِ لِأَنَّهَا تَخَلَّصَتْ مِنَ الْمَلِكِ
الطَّاغِيَةِ. وَمُنْذُ ذَلِكَ الْيَوْمِ، عَاشُوا جَمِيعًا بِسَلَامٍ، يَقُودُهُم
الأَرْنَبُ الصَّغِيرُ الَّذِي أَصْبَحَ بَطَلَهُمْ الذَّكِيَّ الشُّجَاع.
قصة مُخَيِّبة: الخراساني والمقلى
نوادر العرب: الأعرابي والمرزوي
قصة للأطفال: البطة الصغيرة الحزينة
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق