"عَبُورُ الشَّارِعِ الأَوَّلُ"
اسْتَيْقِظْ
حتّى لا تَتَأَخَّرَ عَلَى المَدْرَسَةِ.
آآه
يا أُمِّي، أَنَا أَكْرَهُ أَوَّلَ يَوْمٍ في المَدْرَسَةِ... آآه لَنْ أَنْهَضَ.
عَلاءُ...
قُمْ وَاتْرُكْ سَرِيرَكَ، وَإِلّا سَأَغْضَبُ.
عِنْدَمَا أَكْبُرُ لَنْ أَذْهَبَ إِلَى المَدْرَسَةِ أَبَدًا.
أَخِيرًا
اغْتَسَلْتَ وَارْتَدَيْتَ مَلَابِسَ المَدْرَسَةِ وَمَشَّطْتَ شَعْرَكَ، أَتَرَى
كَمْ تَبْدُو لَطِيفًا! هَيَا اجْلِسْ لِتَتَنَاوَلَ إِفْطَارَكَ.
أُمِّي
هَلْ تُحِبِّينَنِي فِعْلًا؟
عَلاءُ،
إِنَّ حُبَّكَ لَا يُمْكِنُ وَصْفُهُ، أَنْتَ وَلَدِي، وَأَرَى الدُّنْيَا فِي
ابْتِسَامَةِ عَيْنَيْكَ.
وَأَنَا
أُحِبُّكِ أَيْضًا. تَرَى هَلْ مَا زَالَ عَلَيَّ الذَّهَابُ إِلَى المَدْرَسَةِ؟
هَيَا
احْمِلْ حَقِيبَتَكَ، وَأَسْرِعْ بِالنُّزُولِ، وَلَكِنْ كُنْ حَذِرًا وَأَنْتَ
تَقْطَعُ الطَّرِيقَ، وَلَا تَرْكُضْ أَثْنَاءَ ذَلِكَ، وَلَا تُكَلِّمْ أَيَّ
غَرِيبٍ.
أُمِّي...
أُمِّي... آه... هَلْ سَأَذْهَبُ وَحْدِي؟ إِنَّ عُمْرِي 10 سَنَوَاتٍ فَقَطْ.
عَلاءُ،
إِنَّكَ بِعُمُرٍ جَيِّدٍ يُسْمَحُ لَكَ بِالذَّهَابِ إِلَى المَدْرَسَةِ
وَحْدَكَ، ثُمَّ إِنَّ المَدْرَسَةَ لَا تَبْعُدُ كَثِيرًا عَنِ المَنْزِلِ، لَا
عَلَيْكَ سِوَى عُبُورِ شَارِعٍ وَاحِدٍ. سَأُرَاقِبُكَ مِنْ شُبَّاكِ المَنْزِلِ،
وَسَيَكُونُ وَلِيدٌ مَعَكَ سَتُلاقِيهِ فِي مُنْتَصَفِ الطَّرِيقِ... هَيَا...
انْهَضْ.
أَنَا
خَائِفٌ... أَرْجُوكِ سِيرِي مَعِي.
بُنَيّ،
إِنَّكَ وَلَدٌ كَبِيرٌ الآنَ، وَقَبْلَ أَنْ تَسِيرَ فِي الطَّرِيقِ قُلْ:
(بِسْمِ اللهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ، وَلَا حَــوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا
بِاللهِ) وَسَيَحْفَظُكَ اللهُ.
صَبَاحَ
الخَيْرِ يا عَلاءُ يا وَلَدِي. هَذَا أَوَّلُ يَوْمٍ لَكَ وَحْدَكَ
لِلْمَدْرَسَةِ أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟
نَعَمْ
يا عَمَّ طَاهِرُ، أَنَا خَائِفٌ جِدًّا، لَمْ يَسْبِقْ لِي عُبُورُ الشَّارِعِ
وَحْدِي.
يا
وَلَدِي، أَنْتَ رَجُلٌ الآنَ، تَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَتَشَجَّعْ وَعِنْدَمَا
تَصِلُ إِلَى المَدْرَسَةِ سَتَشْعُرُ أَنَّ خَوْفَكَ لَا مَبَرِّرَ لَهُ، وَاللهُ
مَعَكَ.
آه...
أَمْرُك.
يا
لِوَضْعِي السَّيِّءِ... لِمَاذَا يَجِبُ عَلَيَّ فِعْلُ هَذَا! إِنَّنِي حَقًّا
خَائِفٌ، لَكِنَّ... لَحْظَة... مَاذَا قَالَتْ أُمِّي؟ مَاذَا كَانَ ذَلِكَ الدُّعَاءُ؟
تَذَكَّرْتُ: (بِسْمِ اللهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ
إِلَّا بِاللهِ). هَذِهِ أَوَّلُ خُطْوَةٍ لِي، لَا أَزَالُ عَلَى الرَّصِيفِ،
وَأَمَامِي تَقْرِيبًا 9 خُطُوَاتٍ لِأَصِلَ آخِرَ الرَّصِيفِ وَأَسْتَعِدَّ
لِعُبُورِ الشَّارِعِ، يَبْدُو الرَّصِيفُ أَمَامِي طَوِيلًا جِدًّا، آه أُمِّي،
إِنَّهَا تُرَاقِبُنِي مِنَ الشُّبَّاكِ لِأُلَوِّحَ لَهَا، إِنَّ ابْتِسَامَةَ
أُمِّي جَمِيلَةٌ جِدًّا وَحَنُونَةٌ، لَكِنَّهَا الآنَ تَبْدُو قَلِقَةً، هَا
قَدْ وَصَلْتُ لِلشَّارِعِ، سَأَقِفُ وَأُثَبِّتُ قَدَمِي عَلَى الرَّصِيفِ
وَأَنْتَظِرُ الفُرْصَةَ الجَيِّدَةَ لِلْعُبُورِ، السَّيَّارَاتُ تَأْتِي فِي
هَذَا الشَّارِعِ مِنَ اليَمِينِ، إِذَنْ سَأُرَاقِبُ يَمِينِي إِلَى أَنْ
يَخْلُوَ الشَّارِعُ مِنَ السَّيَّارَاتِ، أَرْجُو أَلَا يَطُولَ انْتِظَارِي.
هَذِهِ
السَّيِّدَةُ المُسِنَّةُ تُحَاوِلُ عُبُورَ الشَّارِعِ مِثْلِي، وَتَبْدُو
مُتَرَدِّدَةً مِثْلِي أَيْضًا، هُمم، لِمَ لَا أُسَاعِدُهَا فِي عُبُورِ
الشَّارِعِ، أُمِّي قَالَتْ إِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا مُسَاعَدَةَ المُحْتَاجِ،
سَأُحَاوِلُ... يَجِبُ أَلَّا أَتْرُكَهَا وَأَعْبُرَ، لَرُبَّمَا يُضِرُّهَا
تَرَدُّدُهَا أَوْ بُطْؤُهَا فِي العُبُورِ فَيُعَرِّضُهَا ذَلِكَ لِلْخَطَرِ،
ثُمَّ يُمْكِنُهَا أَنْ تَتَّكِئَ عَلَيَّ فَيَسْهُلَ سَيْرُهَا.
صَبَاحَ
الخَيْرِ يا خَالَةُ.
صَبَاحَ
الخَيْرِ يا وَلَدِي.
دَعِينِي
أُسَاعِدُكِ فِي العُبُورِ، أَمْسِكِي بِيَدِي.
جَزَاكَ
اللهُ خَيْرًا.
لِنَنْتَظِرْ
حَتَّى يَخْلُوَ الشَّارِعُ مِنَ السَّيَّارَاتِ، حَسَنًا، الآنَ، أُوه، هَذِهِ
سَيَّارَةٌ مُتَّجِهَةٌ نَحْوَنَا سَأُشِيرُ إِلَيْهَا بِالتَّوَقُّفِ فَنَحْنُ
فِي مُنْتَصَفِ الشَّارِعِ وَالسَّيِّدَةُ بَطِيئَةٌ جِدًّا، حَسَنًا فَعَلْتُ
بِمُسَاعَدَتِهَا لَوْ تَرَكْتُهَا لَكُنْتُ وَصَلْتُ لِلرَّصِيفِ وَهِيَ لَا
تَزَالُ فِي مُنْتَصَفِ الطَّرِيقِ.
هَا
نَحْنُ وَصَلْنَا يا خَالَةُ.
شُكْرًا
لَكَ، هَيَا اذْهَبْ كَيْ لَا تَتَأَخَّرَ عَلَى مَدْرَسَتِكَ.
حَسَنًا.
أَيْنَ
أُمِّي؟ آه فِي الشُّبَّاكِ، سَأُشِيرُ لَهَا بَانْتِصَارِي، عَبَرْتُ يا أُمِّي،
عَبَرْتُ، هِهْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ صَعْبًا، حَتَّى إِنَّنِي لَمْ أَشْعُرْ
بِأَيِّ خَوْفٍ أَوْ تَرَدُّدٍ.
الآنَ
أَيْنَ وَلِيدُ؟ لَابُدَّ أَنَّهُ أَمَامَ بَيْتِهِ.
عَلاءُ...
صَبَاحَ الخَيْرِ.
صَبَاحَ
الخَيْرِ يا وَلِيدُ.
أَرَى
أَنَّكَ قَدْ عَبَرْتَ الشَّارِعَ، وَأَنَّكَ سَعِيدٌ بِذَلِكَ.
نَعَمْ،
لَقَدْ كُنْتُ شُجَاعًا، إِنَّ قَلْبِي لَا يَزَالُ يَخْفِقُ بِشِدَّةٍ، كَانَ
قَلَقِي أَكْثَرَ عَلَى تِلْكَ السَّيِّدَةِ.
هَا
هَا هَا... هَيَا بِنَا.. المَدْرَسَةُ بَعْدَ هَذَا المُنْعَطَفِ الآنَ.
نَعَمْ
هَيَا.. أَتَعْرِفُ يا وَلِيدُ أَنَّ الطَّرِيقَ إِلَى مَدْرَسَتِنَا جَمِيلٌ
جِدًّا، وَمَأْلُوفٌ لَدَيَّ، إِنِّي أُحِبُّهُ.
شَعَرْتَ
بِذَلِكَ الآنَ، لِأَنَّكَ انْتَبَهْتَ لِمَا حَوْلَكَ، فَفِي السَّابِقِ كُنْتَ
تَعْتَمِدُ عَلَى وَالِدَتِكَ، فَلَمْ تُعِرْ التَّفَاصِيلَ أَيَّ انْتِبَاهٍ،
هَذَا مَا قَالَهُ لِي أَبِي عِنْدَمَا عَبَرْتُ الشَّارِعَ أَوَّلَ مَرَّةٍ.
نَعَمْ
صَحِيحٌ.
هَا،
وَصَلْنَا لِلْمَدْرَسَةِ، الكَثِيرُ مِنْ أَصْدِقَائِنَا قَدْ سَارُوا إِلَى
المَدْرَسَةِ اليَوْمَ بِأَنْفُسِهِمْ، تَمَامًا كَمَا فَعَلْتَ أَنْتَ.
أَجَل،
أَعْرِفُ، وَأَنَا سَعِيدٌ بِذَلِكَ، سَأَتَبَادَلُ مَعَهُمْ قِصَّةَ عُبُورِي
الشَّارِعَ لِأَوَّلِ مَرَّةٍ، إِنَّ هَذَا مُثِيرٌ فِعْلًا.
حَسَنًا،
سَأَنْتَظِرُكَ بَعْدَ انْتِهَاءِ المَدْرَسَةِ أَمَامَ البَابِ لِنَسِيرَ مَعًا
فِي طَرِيقِ العَوْدَةِ.
مُوَافِقٌ.
قصة مُخَيِّبة: الخراساني والمقلى
نوادر العرب: الأعرابي والمرزوي
قصة للأطفال: البطة الصغيرة الحزينة
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
المصدر: 1
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق