البَجَعَةُ الجَمِيلَةُ
فِي مَزْرَعَةٍ صَغِيرَةٍ مَلِيئَةٍ بِالأَشْجَارِ وَالأَزْهَارِ، كَانَتْ تَعِيشُ بَطَّةٌ كَبِيرَةٌ تَنْتَظِرُ بِفَارِغِ الصَّبْرِ لَحْظَةَ خُرُوجِ فِرَاخِهَا الصَّغِيرَةِ مِنَ البَيْضَاتِ الأَرْبَعِ الَّتِي تَرْقُدُ عَلَيْهَا. وَأَخِيرًا، جَاءَ اليَوْمُ المُنْتَظَرُ وَبَدَأَتِ البَيْضَاتُ تَتَكَسَّرُ وَاحِدَةً تِلْوَ الأُخْرَى. خَرَجَتْ ثَلَاثُ بَطَّاتٍ جَمِيلَةٍ بِصَفَارِهِنَّ الزَّاهِي، وَلَكِنَّ البَطَّةَ الرَّابِعَةَ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً، لَوْنُهَا رَمَادِيٌّ وَحَجْمُهَا أَكْبَرُ بِكَثِيرٍ.
عِنْدَمَا
نَظَرَتِ الأُمُّ إِلَى فِرَاخِهَا الأَرْبَعَةِ، تَعَجَّبَتْ مِنَ البَطَّةِ
الرَّمَادِيَّةِ وَقَالَتْ: "مَا أَغْرَبَ شَكْلَ هَذِهِ البَطَّةِ!".
قَرَّرَتِ الأُمُّ أَخْذَ فِرَاخِهَا لِزِيَارَةِ الأَبِ لِيُشَاهِدَ أَبْنَاءَهُ
الجُدُدَ. عِنْدَ رُؤْيَتِهِمْ، شَعَرَ الأَبُ بِالحُزْنِ وَقَالَ: "لَا
أُرِيدُ هَذِهِ البَطَّةَ الرَّمَادِيَّةَ القَبِيحَةَ بَيْنَنَا".
بَدَأَتِ
البَطَّاتُ الصَّغِيرَاتُ تَضْحَكُ وَتَسْتَهْزِئُ بِأُخْتِهِنَّ الرَّمَادِيَّةِ،
وَقُمْنَ بِنَقْرِهَا وَطَرْدِهَا بَعِيدًا. البَطَّةُ الصَّغِيرَةُ لَمْ
تَسْتَطِعْ التَّحَمُّلَ، فَتَرَكَتِ المَزْرَعَةَ وَهِيَ تَبْكِي.
وَأَثْنَاءَ
تَجَوَالِهَا، وَجَدَتْ بَيْتًا جَمِيلًا تَعِيشُ فِيهِ قِطَّةٌ وَدَجَاجَةٌ.
تَوَجَّهَتْ إِلَيْهِمَا وَطَلَبَتْ مِنْهُمَا السَّمَاحَ لَهَا بِالبَقَاءِ
لِبَعْضِ الوَقْتِ. سَأَلَتْهَا الدَّجَاجَةُ: "هَلْ تَسْتَطِيعِينَ وَضْعَ
البَيْضِ؟"، فَرَدَّتِ البَطَّةُ بِحُزْنٍ: "لَا، لَا أَسْتَطِيعُ."
ثُمَّ
سَأَلَتْهَا القِطَّةُ: "هَلْ يُمْكِنُكِ مُطَارَدَةُ الفِئْرَانِ؟"،
فَأَجَابَتِ البَطَّةُ: "لَا، لَا أَسْتَطِيعُ ذَلِكَ أَيْضًا."
رَفَضَتِ
الدَّجَاجَةُ وَالقِطَّةُ بَقَاءَهَا، وَتَرَكَتِ البَطَّةُ المَكَانَ بِحُزْنٍ.
اِسْتَمَرَّتْ فِي السَّيْرِ حَتَّى وَصَلَتْ إِلَى حَقْلٍ حَيْثُ وَاجَهَتْ
مَجْمُوعَةً مِنَ البَطِّ البَرِّيِّ الَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهَا أَيْضًا
وَأَجْبَرُوهَا عَلَى المُغَادَرَةِ.
تَعِبَتِ
البَطَّةُ الصَّغِيرَةُ وَأَخَذَتْ تَخْتَبِئُ عَنِ الأَنْظَارِ حَتَّى وَصَلَتْ
إِلَى الغَابَةِ. هُنَاكَ، رَأَتْ سِرْبًا مِنَ الطُّيُورِ الجَمِيلَةِ تُحَلِّقُ
فِي السَّمَاءِ، فَرَفَعَتْ رَأْسَهَا وَقَالَتْ: "يَا الله، أَتَمَنَّى أَنْ
أَكُونَ فِي جَمَالِهِمْ."
عَاشَتِ
البَطَّةُ وَسَطَ الغَابَةِ مَنْبُوذَةً، وَتَعَرَّضَتْ لِبُرُودَةِ الشِّتَاءِ
القَاسِيَةِ. لَجَأَتْ إِلَى كُوخٍ صَغِيرٍ لِتَحْتَمِيَ بِهِ مِنَ البَرْدِ
وَالمَطَرِ. وَعِنْدَمَا حَلَّ الرَّبِيعُ، شَعَرَتْ بِالدِّفْءِ مُجَدَّدًا،
فَقَرَّرَتِ الاِنْتِقَالَ إِلَى مَكَانٍ بِقُرْبِ النَّهْرِ.
فِي
أَحَدِ الأَيَّامِ، اِقْتَرَبَتْ مِنَ المَاءِ الصَّافِي وَرَاقَبَتْ صُورَتَهَا
فِي النَّهْرِ. كَانَتِ المُفَاجَأَةُ كَبِيرَةً! شَاهَدَتْ رَقَبَتَهَا
الطَّوِيلَةَ البَيْضَاءَ وَأَجْنِحَتَهَا الكَبِيرَةَ المُزَيَّنَةَ بِالرِّيشِ
الأَبْيَضِ النَّاصِعِ. صَاحَتِ البَطَّةُ مِنْ شِدَّةِ الفَرَحِ وَقَالَتْ:
"لَقَدْ أَصْبَحْتُ طَائِرًا أَبْيَضَ وَجَمِيلًا! أَنَا جَمِيلَةٌ!"
بَدَأَتِ
البَطَّةُ بِالرَّقْصِ فَرَحًا، وَقَفَزَتْ فِي المَاءِ سَعِيدَةً. بَيْنَمَا
كَانَتْ تَسْبَحُ، اِقْتَرَبَتْ مِنْهَا ثَلَاثَةُ طُيُورٍ بَيْضَاءَ جَمِيلَةٍ.
قَالُوا لَهَا: "كَمْ أَنْتِ رَائِعَةٌ، أَيَّتُهَا البَجَعَةُ! هَلْ
تُودِّينَ الاِنْضِمَامَ إِلَيْنَا؟"
وَافَقَتِ
البَطَّةُ فَوْرًا، وَأَدْرَكَتْ أَخِيرًا أَنَّهَا لَيْسَتْ بَطَّةً قَبِيحَةً،
بَلْ بَجَعَةٌ جَمِيلَةٌ. مِنْ تِلْكَ اللَّحْظَةِ، شَعَرَتِ البَطَّةُ بِثِقَةٍ
كَبِيرَةٍ فِي نَفْسِهَا وَجَمَالِهَا، وَلَمْ تَعُدْ وَحِيدَةً مَرَّةً أُخْرَى،
بَلْ عَاشَتْ سَعِيدَةً بَيْنَ أَصْدِقَائِهَا الجُدُدِ.
قصة للأطفال: مولد النور: سيرة طفولة النبي محمد (ص)
قصة حب: قيس ولبنى: وفاء يتحدّى الأقدار
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق