كان لأبي جعفر النميري سيفٌ لا فرق بينه وبين عصا
من جريد، مثلومٌ، لم يُسَنّ على مِسَنّ من حجر طوال مُلكِيَّة الرجل له، وكان أبو جعفر
يتباهي بالسيف ويخرج من بيته رافعاً إياه صائحاً:
هذا لعابُ المنية، وقاطعُ الرقاب، ومُدِلُّ الرؤوس ولا
مَهْرَبَ لمخلوقٍ من شفرته. وكان الناس يبتسمون ويمضون تاركين إياه رافعاً عصاه،
أقصد سيفه المثلوم.
في
يومٍ كان أبو جعفر يقف أمام بيته وقد رفع سيفه حاشراً شدقه بالكلمات الكبيرة، وإذا
بصوتٍ في داره، تَيَقَّنَ الرجل بأن لصاً يجمع أشياءه، ويُكَوِّم حاجياته، انتفض
السيف في يد أبي جعفر وصرخ بأعلى صوته:
أيها
المعتز بنا، المجترئ علينا فبئس والله ما اخترت لنفسك، خيرٌ قليل، وسيفٌ صقيل،
ومصيرٌ مجهول، ألا تعرف أنه لُعَابُ المَنِيَّة، أُخرج بالعفو عنك قبل أن أدخلَ
بالعقوبة عليك.
وكلما
سمع أبو جعفر كركبة الأشياء، كركبت بطنه، وخاف أن يفاجئه اللص بِشَجِّ رأسه، أو
طعنه في خاصرته.
فتح
الرجلُ الباب فإذ كلبٌ يعبث وقد خرج من الدار، عند ذلك طَوَّحَ أبو جعفر سيفه في
الفضاء وقال بصوتٍ يمتلئ باليقين: الحمد لله الذي مَسَخَكَ كلباً أيها اللص وكفانا
القتال.
إقرأ أيضاً
للمزيد
أيضاً وأيضاً
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق