أصل مثل «إياك أعني واسمعي يا جارة»، يعود إلى رجل من بني
فَزَارة؛ هو "سهل بن مالك الفزاري"، وكان في طريقه إلى مدينة الحيرة بالعراق
للالتحاق بالملك النعمان، مرّ بحيٍّ من أحياء بني طَي، فسأَلَ عن سيد الحيّ، فقالوا
له إنه "حارثة بن لأم". فتوجّه نحوه فلم يجده، ولكنه صادفَ أختَه، فرحَّبَتْ
به وأَنزلَتْهُ وأَعَدَّتْ له ما كان من طعامٍ وشراب.
وعندما خرجتْ من خِبائها لاحظ ما كان لها من جمال وحُسْنِ
قامةٍ، وكانت عقيلةَ قومها وسيدةَ نسائهم، فأصابه ما أصابه من هواها. ولم يعرف كيف
يفتح لها قلبه ويكاشفها بحبه، فجلس في فناء الخباء يوماً وهي تسمع صوته، وجعل ينشد
ويقول:
يا
أخت خير البدو والحضارة كـيـف تـريـن فـي
فـتـى فــزارة؟
أصــــبـح
يـهـــوى حـــرة مـعـطـــارة إياك أعني واسمعي يا جارة
بيد
أن كلماته لم تقع في نفسها بما كان يرجوه الفزاري. فأنشدت من وراء الخدر، وقالت:
إنـي
أقــــولُ يــــا فـتـى فَـــزَارة لا أبتغي الزوجَ ولا الدعارة
ولا
فراق أهل هذي الجارة فارحل إلى أهلك باستخارة
فخجِل
الرجلُ من نفسه وقال: «ما أردت منكراً... واسوأتاه». فاستحت من تسرعها وقالت: «صدقت».
ثم ارتحل، وأتى النعمان فأكرمه، ثم عاد من حيث أتى...
ومرّ
على الديار نفسها. وبينما نزل عند أخيها، تطلعتْ إليه نفسُها، وكان جميلاٍ، فأرسلت
إليه أن «اخطبني من أخي إن كانت لك حاجة بي». فخطبها وتزوج بها، وسار بها إلى قومه،
فحكى لهم حكايته وما أنشده من شعر وما رَدَّتْ به عليه من شعر... فسارت كلماتهما مثلاً
بين العرب؛ بدواً وحضراً.
إقرأ أيضاً
للمزيد
أيضاً وأيضاً
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق