كانت العلاقة بين أحمد أمين وطه حسين من العلاقات التي
تدعو للدهشة، وأيضاً للتفكير، الرجلان قامتان شامختان في الأدب العربي، مؤسسان
عظيمان لمنهج التفكير العقلي، والنظر إلى العقل باعتباره المرجع الاسمي لكل الأمور.
كان كل من أحمد أمين وطه حسين في بواكير الشباب يعشق
صاحبه، ويرجع إليه ويستفتيه في شئون العقل والقلب، واختلاف تصاريف القدر.
لطه
حسين على أحمد أمين أفضال لا تنسى، فلقد كان لطه حسين الفضل الكبير في نقل أحمد
أمين من القضاء الشرعي إلى كلية الآداب عام 1926 التي تولى عمادتها بعد ذلك. وقع
الخلاف بينهما حينما خُيِّل لطه حسين أنه بإمكانه السيطرة على كلية الآداب عن طريق
أحمد أمين بسبب أياديه السابقة على الرجل، لكن مع نفس أبيّة مثل نفس أحمد أمين
يتبع ضميره وعقله، خسر طه حسين الرهان، فوقعت الجفوة واتهمه طه بالجحود، وماتت
صداقةٌ عمرها عشرات السنين.
أُصيب
أحمد أمين في آخر أيامه بمرض في عينيه استلزم إجراء جراحة خطيرة رقد بسببها طويلاً
في المستشفى، فسارع طه حسين بالمصالحة وزيارة الصديق القديم بالمستشفى.
دخل
طه حسين حجرة أحمد أمين يقوده سكرتيره من يده الممدودة في ضوء الحجرة الشفيف، وحين
أحس أحمد أمين بصديق عمره يدخل الحجرة وكان معصوب العينين بالرباط الأبيض، مد يده
في لهفة العاشق يبحث في ظلام الرؤية المحجوبة بالأربطة، يتبع صوت طه سائلاً
ومواسياً.
تبحث
الأيدي عن بعضها في فضاء الحجرة الصغيرة لتعيد صداقة قديمة حتى تحتضن بعضها فيضوي
المكان بألقٍ لا يخبو على مرِّ الزمان.
إقرأ أيضاً
للمزيد
أيضاً وأيضاً
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق