واحِدٌ في ثَلاثَة
قَرَّرَ
الدِّيكُ وَالقِطَّةُ وَالنَّعْجَةُ أَنْ يُغَادِرُوا مَنْزِلَ سَيِّدِهِمْ.
فَقَدْ
سَمِعَتِ النَّعْجَةُ رَبَّةَ البَيْتِ تَقُولُ لِزَوْجِهَا:
يُمْكِنُكَ
أَنْ تَصْنَعَ سَجَّادَةً صَغِيرَةً مِنْ فَرْوَةِ هَذِهِ النَّعْجَةِ الَّتِي
لَمْ تَعُدْ تُدِرُّ لَبَنًا.
وَعَلِمَتِ القِطَّةُ أَنَّهُمْ سَيَسْتَغْنُونَ عَنْهَا لِأَنَّهَا كَبُرَتْ وَلَمْ تَعُدْ قَادِرَةً عَلَى صَيْدِ الفِئْرَانِ.
أَمَّا
الدِّيكُ، فَقَدْ سَمِعَ ابْنَةَ رَبَّةِ البَيْتِ تَقُولُ لِلْخَادِمَةِ:
مَاذَا
تَنْتَظِرِينَ حَتَّى تَقْطَعِي رَقَبَةَ هَذَا الدِّيكِ الَّذِي صَارَ عَجُوزًا؟
وَالْحَقِيقَةُ
أَنَّ النَّعْجَةَ الَّتِي كَانَتْ رَقِيقَةَ القَلْبِ، أَخَذَتْ تَضْرَعُ لِرَبِّ
البَيْتِ وَتُذَكِّرُهُ بِالْوَقْتِ الطَّوِيلِ الَّذِي كَانَتْ تَمُدُّهُ فِيهِ
بِاللَّبَنِ وَالجُبْنِ، وَبِالقِطَّةِ الَّتِي كَانَتْ تَقْضِي عَلَى
الفِئْرَانِ، وَبِالدِّيكِ الَّذِي كَانَ يَصِيحُ فِي كُلِّ الأَوْقَاتِ.
وَلَكِنِ
القِطَّةُ قَالَتْ لَهَا:
لَا
فَائِدَةَ مِنْ ذَلِكَ.
وَفِي
إِحْدَى لَيَالِي الشِّتَاءِ، كَانَتِ القَرْيَةُ مُغَطَّاةً بِالثَّلْجِ
الأَبْيَضِ، غَادَرَ الدِّيكُ وَالقِطَّةُ وَالنَّعْجَةُ بَيْتَ سَيِّدِهِمْ
وَقَامُوا بِرِحْلَتِهِمْ.
فَكَّرَتِ
القِطَّةُ أَنْ تَذْهَبَ إِلَى إِنْجِلْتِرَا لِأَنَّهُمْ هُنَاكَ يُعَامِلُونَ
الحَيَوَانَاتِ كَأَفْرَادٍ مِنَ الأُسْرَةِ، وَتُوجَدُ هُنَاكَ مُؤَسَّسَةٌ
لِحِمَايَةِ الحَيَوَانَاتِ عِنْدَمَا تَصِيرُ عَجَائِزَ.
وَرَأَى
الدِّيكُ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى فَرَنْسَا الَّتِي تَتَّخِذُ مِنَ الدِّيكِ رَمْزًا
لَهَا، فَيَعِيشُ هُنَاكَ بِلَا خَوْفٍ.
وَقَالَتِ
النَّعْجَةُ:
وَأَيْنَ
أَذْهَبُ أَنَا؟ سَأَذْهَبُ إِلَى رُومَا بَلَدِ النَّاسِ الَّذِينَ يَعْشَقُونَ
الحَمَلَ ابْنِي.
أَخَذَ
الثَّلَاثَةُ يَسِيرُونَ حَتَّى وَصَلُوا إِلَى الجَبَلِ وَهُمْ يَتَحَادَثُونَ
عَنْ أَصْلِ الحَيَوَانَاتِ.
فِي
قَدِيمِ الزَّمَانِ، كَانَتْ بَعْضُ الحَيَوَانَاتِ تَحْكُمُ عَالَمَهَا. وَحَتَّى
فِي الوَقْتِ الحَاضِرِ فَإِنَّ الأُسُودَ وَالفِيَلَةَ وَالخَرْتِيتَ تَخْتَبِئُ
فِي الغَابَاتِ. لَمْ يَبْقَ إِلَّا الذِّئْبُ الَّذِي يُحَافِظُ عَلَى
اسْتِقْلَالِهِ.
قَالُوا:
إِنَّ أَخَانَا العَزِيزَ هَذَا، لَمْ يُرَافِقِ الإِنْسَانَ قَطُّ، وَلَمْ
يَرْغَبْ فِي مُغَادَرَةِ وَطَنِهِ، فَهُوَ يَقُولُ: هُنَا وُلِدْتُ وَهُنَا
أُرِيدُ أَنْ أَمُوتَ.
سَأَلَتِ
النَّعْجَةُ:
أَلَا
يَخَافُ؟
فَرَدَّ
عَلَيْهَا الدِّيكُ:
أَتَعْتَقِدِينَ
أَنَّهُ مِثْلَكِ؟ إِنَّ الإِنْسَانَ هُوَ الَّذِي يَخَافُهُ وَيَسْتَدْعِي
رِجَالَ الشُّرْطَةِ بِالبَنَادِقِ. مِسْكِينٌ الذِّئْبُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا
سِوَى شَجَاعَتِهِ وَأَسْنَانِهِ الحَادَّةِ.
سَأَلَتْهُ
النَّعْجَةُ مَرَّةً أُخْرَى:
وَكَيْفَ
يَكُونُ الذِّئْبُ؟
رَدَّ
عَلَيْهَا الدِّيكُ:
لَا
تَحْتَاجِينَ إِلَى رُؤْيَتِهِ، لِأَنَّهُ إِذَا اقْتَرَبَ سَوْفَ تَرْتَعِدُ
أَرْجُلُكِ، حَتَّى لَوْ كَانَ الوَقْتُ لَيْلًا، لِأَنَّ لَهُ عَيْنَيْنِ مِنْ
نَارٍ.
وَبَيْنَمَا
كَانَ الثَّلَاثَةُ يَتَحَادَثُونَ فِي هَذَا الأَمْرِ، قَالَتِ النَّعْجَةُ:
إِنَّ
أَرْجُلِي تَرْتَعِدُ، أَظُنُّ أَنَّهُ الذِّئْبُ.
قَالَ
الدِّيكُ:
لَابُدَّ
أَنَّهُمْ ذِئَابٌ، لِأَنَّنِي أَرَى أَضْوَاءً كَثِيرَةً. إِنَّهَا عُيُونُهُمْ.
كَانَتْ
مَجْمُوعَةٌ مِنَ الذِّئَابِ تَتَّجِهُ نَحْوَ القَرْيَةِ بَحْثًا عَنِ الطَّعَامِ.
قَالَتِ
النَّعْجَةُ:
أَيُّهَا
الذِّئْبُ المُحْتَرَمُ لَكَ كُلُّ احْتِرَامَاتِي.
وَقَالَتِ
القِطَّةُ:
لَكَ
الاحْتِرَامُ.
وَقَالَ
الدِّيكُ:
المَجْدُ
لَكَ سَيِّدِي الذِّئْبُ. يَا لَهَا مِنْ سَعَادَةٍ أَنْ نَتَعَرَّفَ بِكَ.
وَلَكِنَّ
الذِّئَابَ لَمْ تَرُدَّ بِشَيْءٍ وَذَهَبَتْ بَعِيدًا فِي طَرِيقِهَا لِأَنَّهَا
كَانَتْ فِي غَايَةِ الجُوعِ.
وَلَكِنْ
لِمَاذَا هَرَبُوا وَكَانَ العَشَاءُ جَاهِزًا؟
لِأَنَّ
الحَيَوَانَاتِ الثَّلَاثَةَ فَعَلُوا شَيْئًا فِي غَايَةِ الذَّكَاءِ دُونَ أَنْ
يَعْلَمُوا.
فَفِي
غَمْرَةِ حَمَاسَتِهِمْ لِتَقْدِيمِ الاحْتِرَامَاتِ إِلَى الذِّئْبِ، قَفَزَتِ
القِطَّةُ فَوْقَ ظَهْرِ النَّعْجَةِ الَّتِي كَانَتْ لَا تَزَالُ تَرْتَعِدُ مِنَ
الخَوْفِ، وَنَفَّشَتِ القِطَّةُ شَعْرَهَا وَأَخَذَتْ تُطْلِقُ مُوَاءً حَادًّا،
وَطَارَ الدِّيكُ ثُمَّ حَطَّ عَلَى ظَهْرِ القِطَّةِ وَأَخَذَ يَضْرِبُ
بِجَنَاحَيْهِ وَيَصِيحُ (كِيكِي... رِيكِي) فَتَصِلُ صَيْحَاتُهُ إِلَى أَعْلَى الغَابَةِ.
حَيَوَانٌ
لَهُ ثَلَاثَةُ رُءُوسٍ؟ لَمْ تَرَ الذِّئَابُ أَبَدًا مِثْلَ ذَلِكَ، وَهَذَا
الحَيَوَانُ الغَرِيبُ لَا يَخَافُ مِنْهُمْ، وَلَا يُخْفِضُ بَصَرَهُ.
وَلِذَلِكَ
كَانَتِ الذِّئَابُ خَائِفَةً وَأَطْلَقَتْ سِيقَانَهَا لِلرِّيحِ وَهَرَبَتْ.
ألفريدو
بانزيني
قصة وحكمة: الحمار في جلد الأسد
قصة وحكمة الجرّة النحاسية والجرّة الخزفية
قصة وحكمة: هنري الثامن وكاترين
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق