الاثنين، 14 أكتوبر 2024

• قصة وحكمة: الحِصان والحِمار

«فَقْرٌ مَعَ أَمَانٍ خَيْرٌ مِنْ خَطَرٍ مُذَهَّبٍ.»

في سالِفِ العَصرِ والأوانِ، كانَ حِصانٌ وحِمارٌ يَسيرانِ مَعًا في سَفَرٍ طَويلٍ، الحِصانُ يَطيرُ على الأَرضِ خِفَّةً ورَشاقةً، يَزهُو بِسِروالِهِ المُرصَّعِ وسَرجِهِ المُزخرفِ، وكأنَّما قد جُبِلَتِ الرِّياحُ تحتَ قَدَمَيهِ.

أمَّا الحِمارُ، فقد كانَ يَمضي مُتَثاقِلًا، ظَهرُهُ مُنحنٍ مِن وَطأةِ الأثقالِ التي وُضِعَتْ في خُرجٍ يَئِنُّ مِن ثِقَلِ ما حُمِّلَ عليهِ، فكانَ يَسيرُ وقد أرهَقَهُ الطَّريقُ، وتَغشَّاهُ التَّعبُ.

وبينَما هُما على الطَّريقِ، تَنَهَّدَ الحِمارُ تَنَهُّدَةً طَويلةً، وقالَ: «آهِ يا لَيتَني مِثلَكَ، طَليقٌ لا يَحمِلُ شيئًا على ظَهري، تُطعَمُ وتُكرَّمُ، وسَرجُكَ جَميلٌ يُزيِّنُ قامتَكَ، ولا تَعَبَ يَلحَقُ بكَ ولا عَناءَ.» وازدادَ حَسرةً حينَما رأى الحِصانَ يُغَذّى بِأطيبِ الطَّعامِ، وتنعَمُ عَيناهُ بِرُؤيةِ المروجِ الخضراءِ، بينما هوَ لا يَجدُ إلّا قَشًّا جافًّا.

ولكِنَّ الأَقدارَ كانت تُخبِّئُ للحِصانِ ما لم يَكُنْ في الحُسبانِ. إذْ في اليومِ التّالي، دارَتْ مَعركةٌ ضَروسٌ بينَ جَحافِلِ الجُندِ، واشتَدَّ وَطيسُ الحَربِ، وكانَ الحِصانُ في قَلبِ الهَيجاءِ، يَطيرُ كالبَرقِ في ساحاتِ الوَغى، يُطلِقُ العِنانَ لعُنُقِهِ ويَدُكُّ الأَرضَ بِحوافِرِهِ كأنَّهُ الرَّعدُ في غَمرةِ السَّحابِ. غيرَ أنَّ الرِّماحَ والسِّهامَ لم تَترُكْ له سَبيلًا، فأصابَتهُ جِراحٌ غائِرةٌ، فَسَقطَ صَريعًا في آخرِ هُجومٍ مِن ذاكَ اليومِ، وهوَ يَلفِظُ أنفاسَهُ على رِمالِ المَعركةِ الحَمراءِ.

وبَعدَ أنْ هَدَأً الغُبَارُ وانفَضَّ الجَمعُ، مَرَّ الحِمارُ بِجانِبِ صَديقِهِ الحِصانِ وهوَ في نَزعِهِ الأخيرِ، والدِّماءُ تَنزِفُ منهُ كأنَّها النَّهرُ الجارِفُ. تَوقَّفَ الحِمارُ ونَظَرَ إلى الحِصانِ وقد صارَتْ نَظراتُهُ تَحمِلُ ألفَ عِبرةٍ وحَسرةٍ، وقالَ بِصوتٍ يَملؤهُ النَّدمُ: «لَقَدْ كُنْتُ مُخْطِئًا، فَفَقري وحِملي ثَقيلانِ، ولكِنِّي في أمانٍ مِن سُيوفِ الأعداءِ ورِماحِهِمْ، وأَحمِلُ أثقالي خَيرٌ لي مِن زِينَةٍ قد جَلَبَتْ عليكَ الهَلاكَ».

فأخَذَ يَتَأمَّلُ الحِمارُ في مَصيرِ الحِصانِ ومَلامِحُ العِبرةِ باديةٌ في عَينَيهِ، وهوَ يَتمتِمُ بِلِسانٍ تَقطَعُهُ الحَسرةُ: «إنَّ الفَقرَ مَعَ الأمانِ خَيرٌ مِن خَطرٍ يَختَبِئُ خَلفَ سِتارٍ مُذهَّبٍ».

إقرأ أيضاً:

قصة وحكمة: الظبية العوراء

قصة للأطفال: الذئب والأصدقاء الثلاثة

قصة للأطفال: في مواجهة الأسد

قصة وحكمة: مَن يُعلِّق الجرس

قصة وحكمة: العجوز والموت

للمزيد            

حدوثة قبل النوم قصص للأطفال

كيف تذاكر وتنجح وتتفوق

قصص قصيرة معبرة

قصص قصيرة معبرة 2

معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب

قصص قصيرة مؤثرة

الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية

إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن

استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط

مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم

تربية الأبناء والطلاب

مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات

أيضاً وأيضاً 

قصص وحكايات

الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور

شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور

الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها

تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات

كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها

مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق