الجمعة، 17 مايو 2013

• عادات وتقاليد طعام الشعوب بين الماضي والحاضر

     كيف وماذا نأكل؟
          يعاني أكثر من ثلثي البالغين في الولايات المتحدة، وأكثر من ثلث الأطفال، من زيادة الوزن أو السمنة. ورغم البرامج التي تتحدث عن الأنظمةالغذائية الصحية وكثرتها وتنوعها، لايعرف الكثيرون كيف يكون النظام الغذائي الصحي لأن القواعد تتغير باستمرار، ففي وقت كانت اللحوم الحمراء صحية والمعكرونة ضارة، ثم انقلبت الآية لتصبح المعكرونة رائعة واللحم ضارًا حتى جاء النظام الغذائي الشهير "ريجيم  أتكينز" وانقلبت القواعد مرة أخرى.


          كانت هناك حمية «البحر الأبيض المتوسط» وحمية «ساوث بيتش»، واتباع نظام غذائي منخفض الدهون واتباع نظام الجريب فروت، وحمية حساء الملفوف، وكلها كانت تعد بأشياء عظيمة. ومع كل نظام، على ما يبدو، تأتي مشكلة، كل حقيقة بطريقة أو بأخرى جديدة تتحول إلى أن تكون جزءًا من خرافة.
          ولكننا الآن نعرف أكثر بكثير من أي وقت مضى، كيف يتفاعل الغذاء في أجسامنا، وكيف تؤثر جزيئات محددة على وظائف محددة من خلايا معينة. ومع كل هذا تأتي الرؤية الجديدة في تناول الطعام الصحي والتي هي أكثر من مجرد أساطير قديمة، فقد اختفى عصر الأساطير مفسحًا الطريق لحقبة من الحقائق.
أساطير جديدة
          إذا أردت طعامًا صحيًا، فلتنسَ المياه الغازية الدايت والأطعمة قليلة الدسم. بدلاً من ذلك، انغمس في البيض، والحليب كامل الدسم والملح والدهون، والمكسرات، والشوكولا والقهوة. هذا صحيح. على الرغم من المقولات السابقة عنها، يمكن لكل تلك الأطعمة وغيرها أن تفيد كثيرًا الجسم، لكن الإفراط فيها يمكن أن يسبب المشاكل الصحية. والحقيقة هي أن القواعد البسيطة التي تقسم الطعام إلى فئات الجيد والضار،لا تنقل سوى جزء بسيط من القصة والبقية أكثر تعقيدًا. لنأخذ مثالاً الدهون، في كل أنواع الحميات والأنظمة الغذائية ينصح بتجنب الدهون تمامًا والاستغناء عنها، لكن لماذا دائمًا الدهون هي الأكثر عرضة للنبذ والاتهام؟ ولماذا ينبغي أن نأكل الدهون؟
          لا تتمتع الدهون كلها بسمعة سيئة. فالدهون غير المشبعة الأحادية والمتعددة يوصى بها لصحة جيدة. فقد اكتشف أن الدهون غير المشبعة الأحادية، مثل زيت الكانولا وزيت الزيتون، تساعد في خفض نسبة الكوليسترول الضار (LDL) وترفع نسبة الكوليسترول الجيد(HDL)، وبالتالي تقلل مخاطر تصلب الشرايين وأمراض القلب. الدهون غير المشبعة مثل أوميغا3 تقلل نسبة الكولسترول الضار فضلا عن أنها تحد من خطر الالتهابات وأمراض القلب وأمراض أخرى كثيرة. وأوميجا3 أيضًا رائع لصحة الدماغ. وتشمل الدهون السيئة عموما الدهون المشبعة (الموجودة في المنتجات الحيوانيةوالدهون غير المشبعة (الموجودة في الزيوت المهدرجة والمهدرجة جزئيا)، وقريب منها الكوليسترول (الموجود في صفار البيض واللحوم ومنتجات الألبان). ومع ذلك هذه المجموعات العامة يمكن أن تكون مضللة: فقد كشفت الأبحاث الجديدة أن بعض الدهون المشبعة (مثل تلك الموجودة في زيت جوز الهند) قد تكون في الواقع مفيدة وأن الكوليسترول الغذائي قد لا يؤثر على الكوليسترول في الدم بقدر ما كان يعتقد سابقًا. الدهون الوحيدة المعروفة عالميًا بأنها سيئة هي الدهون غير المشبعة، والتي حذفت من معظم الأطعمة.
          التخلص من بعض الدهون والاعتدال يقودانا لقضية التخلص من البيض المشكوك في أمره. يتعرض معظم الناس لمشكلات في مستويات الكوليسترول في الدم بعد تناول الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية نسبيًا من الكوليسترول. ويعاني البعض حتى من الكميات الصغيرة من الكوليسترول في وجباتهم. هذه القلة تشكل بمعاناتها تحذيرًا للجميع، حتى أصبح البيض واللحوم الحمراء من المحظورات، في حين أنها تكون خطيرة فقط إذا تم تناولها بإفراط. ويوصي معظم الأطباء الآن بتناول بيضة واحدة يومياً باعتبارها مصدرًا رخيصًا للبروتين عالي الجودة.
          الملح مثال آخر للمركبات الشريرة. بينما قلوبنا لا يمكنها أن تعمل من دونه، يمكن لكثير من الصوديوم أن يزيد من ضغط الدم إلى مستويات خطيرة، ولكن بخطوة بسيطة كخفض استهلاكهم من الملح، يمكن أن تترجم إلى ما معدله خمس سنوات إضافية من الحياة لمن تخطى الخامسة والخمسين.
مضادات الأكسدة
          بالمثل هناك مادة الريسفيراترول وهي من مضادات الأكسدة توجد في العنب، وتقلل من تأثير الكوليسترول الضار، والذي بدوره يقلل من خطر أمراض القلب والأوعية الدموية.
          الشوكولاته مصدر آخر من مصادر المواد المضادة للأكسدة، هذه المرة في شكل من الفلافونويد، التي تعطي حبوب الكاكاو طعمها اللاذع. الشوكولاته السوداء، غير المخلوطة بالحليب وغيره من المكونات، تكون ذات تركيز عال من الفلافونويد. المكسرات، وعلى الرغم من احتوائها على نسبة مرفعة من الدهون غير المشبعة والسعرات الحرارية، يمكنها أن تقلل الكوليسترول السيئ وتمنح الإحساس بالشبع. البوليفينول في القهوة، يعد في الواقع المصدر الأول لمضادات الأكسدة في العالم الغربي.
إدانة الحليب
          هناك حملة شنت ضد الحليب كامل الدسم، حينما أدين بأن كوبًا منه ليس سوى كوب من الدهون السائلة، ولكن الأمر أكثر تعقيدًا مما يبدو. صحيح أن الأطفال الذين يشربون الكثير من الحليب كامل الدسم يتناولون الكثير من السعرات الحرارية، ولكن الحليب يمكن أن يساعد في السيطرة على الوزن في الواقع، لأن الكالسيوم يتحد مع الدهون في الطعام أثناء عملية الهضم وهذا يعني أن عليك أن تتناول كمية أقل من الدهون. وقد شهدت بعض الدراسات عدم وجود اختلاف كبير بين الحليب الخالي من الدسم وقليل الدسم كله عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على الوزن. والأكثر من ذلك، عند تجريد الحليب من جميع الدهون، تبقى نسبة تركيز عالية جدًا من السكريات الطبيعية، والتي تتفاعل مثل الحلوى مع الهرمونات لا سيما الأنسولين.
          والحل بالنسبة لكل أنواع الطعام هو الاعتدال.
الحمية المناسبة
          يعد مصطلح «خالٍ من الدهون» واحدًا من أخطر المعلومات التي تكتب علىالأطعمة خلال العقود الأخيرة. هاتان الكلمتان تمنحان الشعور بالراحة لمن ينغمس في هذه الأغذية، وتنسيه خطورة الكم الذي يتناوله وأيضًا نسبة السكر الموجودة. وقد أصبح المصنعان الباحثان عن المال خبراء في تجريد هذه الأغذية من الدهون الطبيعية الموجودة بها ولكن ما يتم فقده من قوام ومذاق، يتم تعويضه عن طريق إضافة المزيد من الصوديوم والسكر والمكثفات.
          ومثل مصطلح «خال من الدهون»، تظهر العديد من الظواهر الأخرى التي تحدبشكل كبير من اختياراتنا في الطعام، مثل حمية حساء الملفوف أوالجريب فروت، والترويجلها يكون دائما أنها حميات سحرية الحميات بأنها تفقدك 4.5 كيلوجرام في أسبوع واحد.صحيح في جميع هذه الأنواع من الحميات قد ينخفض الوزن بسرعة، ولكن معظمه من خلالفقدان السوائل، وسرعان ما يعود الوزن المفقود. أحدث هذه الظواهر كان حمية «أتكينز»الذي يقوم على الإكثار من اللحوم وتقليل النشويات. وغزت الأسواق المنتجات الخالية من الكربوهيدرات، والتي ربما بعضها لم يكن يحتويها في الأصل، وفقد الناس الوزن الزائد بل فقدوا كثيرًا منه، ولكن المشكلة كانت في استمرار فقدان الوزن.
          ولكن حميات مثل «ساوث بيتش» وغيرها من مشتقات اتكينز تصبح أكثر قبولاًلسماحها بمزيد من الفواكه والخضراوات. وأحدث هذه المشتقات من حمية أتكينز هو النظامالغذائي ذو الشعبية «باليو»، الذي يقوم على فرضية أنه منذ ظهور الجينوم البشري بشكله الحالي خلال فترة العصر الحجري القديم -- حوالي 2.6 مليون إلى 10 آلاف سنة مضت، نحن مجهزون وراثيا لأننا نأكل ما كان متاحًا آنذاك. ويركزنظام باليو الغذائي على اللحوم الخالية من الدهن والأسماك والفواكه الطازجة والخضراوات غير النشوية. ويستغني عن الألبان والحبوب والبقول لأنها لم تظهر لدينا حتى 12 ألف سنة مضت.
          وبالرغم من ذلك يشعر عدد من خبراء التغذية بالقلق إزاء القضاء على الحبوب الكاملة ومنتجات الألبان. فهناك ثروة من الأبحاث تؤكد أن الإثنين يمكن أن يساعدا في تقليل خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان وأمراض القلب.
علم الموروثات الغذائية
          من المعروف أن النظام الغذائي المناسب لصبي في سنوات النمو لا يناسب رجلاً في منتصف العمر، أو ما يعد عناصر غذائية كافية لأم في العشرينيات تمارس الرضاعة الطبيعية، يختلف عن احتياجها عند انقطاع الطمث أو عندما تصل إلى سن الستين أو السبعين. كما نهتم في طعامنا بمعرفة عدد الكميات من المجموعات الغذائية التي يجب تناولها ونحسب السعرات الحرارية ونسب الفيتامينات. وبالرغم من كل هذا، نجد شخصين يجريان عمليات في القلب لمعاناتهما من انسداد الشرايين وقد يكون أحدهما لا يتناول الدهون مطلقًا والآخر يأكلها بكميات كبيرة. لذا تحاول العديد من المركز البحثية التوصل لعلاقة بين النظام الغذائي أو ما نتناوله وجيناتنا. ويعد معهد بحوث التغذية في جامعة كارولينا الشمالية رائدًا في مجال التغذية الفردية المنتشر على نحو متزايد، حيث يقوم بدراسة ما يعرف بـ «علم المورثات» الغذائية : أي الارتباط بين الجينات والحمية. وهذا العلم جديد نسبيًا، ولكن التقارير الصادرة عنه مليئة بالإثارة.
          فقد أوضحت دراسة أجريت على الفئران وجود بروتين ملزم في بعض الأفراد يقوم بزيادة تنشيط مجموعة من الجينات تشارك في عملية توليف وامتصاص الكوليسترولوالدهون الأخرى. وهذا يمكن أن يؤدي بدوره إلى مقاومة الأنسولين والدهون الثلاثية العالية وحالة تسمى «الكبد الدهني»، حيث يتراكم الدهن في الكبد ما يحول دون قدرته على تصفية السموم في الدم. والأشخاص الذين يعانون من خلل وراثي مماثل تكون لديهم حساسية للدهون الموجودة في نظامهم الغذائي ويضطرون لضبط ما يأكلون وفقًا لذلك. وقد وجدت دراسة أخرى أجريت على الفئران أيضا تبدل الجينات التي تؤثر على وجه التحديد في خطورة الإصابة بارتفاع الكوليسترول الضار.
الحقيقة الثابتة
          وتبقى الحقيقة الثابتة أنه من بين كل التغيرات والتحديثات الحاصلة على الصعيد الغذائي، يبقى الاهتمام بحدوث التوازن بين النظام الغذائي وممارسة الرياضة. للحفاظ على وزن صحي، يجب أن تساوي بين السعرات الحرارية التي تستهلكها والتي تحرقها، لكن وجدت دراسة في مجلة «نيو إنجلاند» للطب أنه ليس فقط كمية الطعام التي تتناولها، ولكن أي نوع، هو ما يؤثر في زيادة الوزن. بعد حساب العمر ومؤشر كتلة الجسم الأساسية وعوامل نمط الحياة مثل ممارسة التمارين الرياضية ومدة النوم لدى 120 ألفا من المشاركين، وجد الباحثون أن معظم الأغذية المرتبطة بزيادة الوزن على مدى أربع سنوات كانت البطاطس المقلية، ورقائق البطاطا، والمشروبات السكرية واللحوم والحلويات والحبوب المكررة. وكانت معظم الأغذية المرتبطة بتقليل الوزن تشمل الزبادي والمكسرات والحبوب الكاملة والفواكه والخضراوات. ولكن هناك أكثر من حساب السعرات الحرارية هنا.
          عند تناول وجبة، يبحث العقل عن المواد المفيدة، وليس عن السعرات الحرارية، وسوف يتركك تتناول الطعام حتى تشعر بالرضا. هذا واحد من الأسباب الكثيرة التي تجعل من الأصعب أن تدفع بعيدًا طبقًا من البطاطا المقلية أو صحنًا من الآيس كريم أكثر من طبق صحي مليء بالفواكه والحبوب والخضراوات واللحوم الخالية من الدهن. وثمة مسألة بسيطة في ميكانيكا الهضم تؤثر أيضًا. الأطعمة الغنية بالألياف تتمدد في المعدة، وتبطئ عملية الهضم وتزيد الإحساس بالشبع، لذا ينصح أحيانا بأكل الفاكهة أو حفنة من المكسرات قبل تناول وجبة كبيرة. واستهلاك كمية محددة من السعرات الحرارية من أنواع الطعام المناسبة يساعد على تجنب الكثير من السعرات الحرارية التي يتم تناولها من خلال الأنواع الخاطئة من الطعام في وقت لاحق.
          حقيقة أخرى، وهي أنه بالرغم مما نعتقد، لا يوجد على الأرجح أنواع من الأغذية السوبر بعيدة المنال في مكان ما تنتظر من يكتشفها. هناك بعض الأطعمة غير العادية التي نعرفها والمتوافرة بالفعل بكثرة، مثلا ينظر إلى التوت بوصفه ذا تأثير عميق ضد الأمراض المرتبطة بالعمر، بما في ذلك تقليل أمراض كالسرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية، والبول السكري والتراجع الذهني، وذلك بفضل احتوائه على نسب عالية من المواد المضادة للأكسدة وخصائص مضادة للالتهابات. كما يحتوي البروكلي على نسبة عالية من الألياف وثبت تأثيره في خفض الكوليسترول، وهو غني بمركبات الكبريت المفيدة للكبد لأنها تعزز الأنظمة الطبيعية لإزالة السموم من الجسم.
 إقرأ أيضًا




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق