مُثَابَرَةٌ
فِي يَومٍ مِنَ الأَيَّامِ، كَانَ هُنَاكَ مَلِكٌ يُدعَى دِيفَاشَاكْتِي، وَكَانَ قَلِقًا جِدًّا عَلَى ابْنِهِ الأَميرِ، الَّذِي كَانَ ضَعِيفًا وَنَحِيفًا، وَيَزْدَادُ ضَعْفُهُ يَومًا بَعدَ يَومٍ. حَاوَلَ المَلِكُ كُلَّ شَيءٍ، وَاسْتَدعَى أَفضَلَ الأَطبَّاءِ مِنْ جَمِيعِ أَنحَاءِ البِلَادِ، لَكِنَّهُمْ لَم يَتَمَكَّنُوا مِنْ مُسَاعَدَتِهِ. فَقَدْ كَانَ هُنَاكَ ثُعبَانٌ يَعِيشُ دَاخِلَ بَطْنِ الأَميرِ، وَلَم يَنجَحْ أَيُّ عِلَاجٍ فِي تَحْسِينِ حَالَتِهِ.
حَزِنَ
الأَميرُ كَثِيرًا لِرُؤيَةِ وَالِدِهِ مُتْعَبًا وَقَلِقًا عَلَيهِ، فَقَرَّرَ
الرَّحِيلَ بِهُدُوءٍ فِي إِحْدَى اللَّيَالِي. تَوَجَّهَ الأَميرُ إِلَى
مَمْلَكَةٍ أُخرَى، وَهُنَاكَ وَجَدَ مَعْبَدًا صَغِيرًا عَاشَ فِيهِ. كَانَ
النَّاسُ الطَّيِّبُونَ يُقَدِّمُونَ لَهُ الطَّعَامَ كُلَّ يَومٍ.
فِي
هَذِهِ المَمْلَكَةِ الجَدِيدَةِ، كَانَ هُنَاكَ مَلِكٌ لَدَيهِ ابْنَتَانِ
صَغِيرَتَانِ. كَانَت كُلُّ صَبَاحٍ، تُقَدِّمَانِ التَّحِيَّةَ لِوَالِدِهِمَا
بِكُلِّ اِحْتِرَامٍ، لِيَطْلُبْنَ بَرَكَاتِهِ. كَانَت الاِبْنَةُ الأُولَى
تَقُولُ: "أَبِي العَزِيزُ، نَحْنُ مَحْظُوظُونَ جِدًّا بِوُجُودِكَ مَعَنَا.
أَنْتَ تَجْلِبُ
لَنَا كُلَّ السَّعَادَةِ فِي العَالَمِ". أَمَّا الاِبْنَةُ الثَّانِيَةُ،
فَكَانَتْ تَقُولُ: "أَبِي، نَحْنُ لَا نَتَلَقَّى إِلَّا مَا نُحَقِّقُهُ
بِأَفعَالِنَا".
غَضِبَ
المَلِكُ مِنْ كَلِمَاتِ اِبْنَتِهِ الثَّانِيَةِ، وَفِي إِحْدَى الأَيَّامِ،
أَمَرَ مُسْتَشَارِيهِ بِالبَحْثِ عَنْ شَخْصٍ لِتَتَزَوَّجَهُ. وَقَالَ:
"يَجِبُ أَنْ تَتَعَلَّمَ نَتَائِجَ أَفعَالِهَا!"
بَحَثَ
المُسْتَشَارُونَ وَوَجَدُوا الأَميرَ فِي المَعْبَدِ، فَزَوَّجُوهُ مِنْ
الأَميرَةِ. كَانَتِ الأَميرَةُ فَتَاةً طَيِّبَةً وَمُحِبَّةً، تَعَامَلَتْ مَعَ
زَوجِهَا بِكُلِّ حُبٍّ وَاحْتِرَامٍ. وَمَعًا، قَرَّرَا أَنْ يَكْتَشِفَا
المَمْلَكَةَ دُونَ أَنْ يَجْعَلَا المَعْبَدَ مَنْزِلَهُمَا.
خِلَالَ
إِحْدَى رِحْلَاتِهِمَا، شَعَرَ الأَميرُ بِالتَّعَبِ وَاحْتَاجَ لِلرَّاحَةِ
تَحْتَ شَجَرَةٍ. فَذَهَبَتِ الأَميرَةُ لِشِرَاءِ بَعْضِ الطَّعَامِ مِنَ
السُّوقِ القَرِيبِ. وَعِنْدَمَا عَادَتْ، رَأَتْ ثُعبَانًا يَزْحَفُ مِنْ عُشِّ
النَّمْلِ القَرِيبِ، وَثُعبَانًا آخَرَ يَخْرُجُ مِنْ فَمِ زَوجِهَا النَّائِمِ.
سَمِعَتِ الأَميرَةُ الثُّعبَانَينِ يَتَحَدَّثَانِ.
قَالَ
الثُّعبَانُ الَّذِي خَرَجَ مِنْ عُشِّ النَّمْلِ: "لِمَاذَا تَسْتَمِرُّ فِي
جَعْلِ هَذَا الأَميرِ الوَسِيمِ مَرِيضًا؟ كَمَا تَعْلَمُ، إِذَا شَرِبَ حَسَاءً
مَصْنُوعًا مِنْ بُذُورِ الكَمُّونِ وَالخَرْدَلِ، فَلَنْ تَنْجُو!"
فَأَجَابَ الثُّعبَانُ الآخَرُ: "وَلِمَاذَا تَحْرُسُ إِنَاءَينِ مِنَ
الذَّهَبِ لَا تَحْتَاجُ إِلَيهِمَا؟ إِذَا سَكَبَ أَحَدٌ المَاءَ السَّاخِنَ
وَالزَّيتَ عَلَى عُشِّ النَّمْلِ الخَاصِّ بِكِ، فَلَنْ تَنْجُو أَيْضًا!"
بَعْدَ
اِنتِهَاءِ حَدِيثِ الثُّعبَانَينِ، تَرَاجَعَا إِلَى مَخْبَئِهِمَا، لَكِنَّ
الأَميرَةَ تَعَلَّمَتْ أَسْرَارَهُمَا. فَأَعَدَّتْ بِسُرْعَةٍ حَسَاءَ بُذُورِ
الكَمُّونِ وَالخَرْدَلِ لِزَوجِهَا. وَفِي وَقْتٍ قَصِيرٍ، بَدَأَ الأَميرُ
يَشْعُرُ بِالتَّحَسُّنِ وَالقُوَّةِ. ثُمَّ صَبُّوا المَاءَ السَّاخِنَ وَالزَّيتَ
عَلَى عُشِّ النَّمْلِ، وَوَجَدُوا إِنَاءَينِ مِنَ الذَّهَبِ كَانَ الثُّعبَانُ
يُخْفِيهِمَا.
مَعَ تَحَسُّنِ صِحَّةِ الأَميرِ وَوُجُودِ إِنَاءَينِ مَلِيئَينِ بِالذَّهَبِ، عَاشَ الأَميرُ وَالأَميرَةُ فِي سَعَادَةٍ وَهَنَاءٍ.
إقرأ أيضاً:
نوادر العرب: دهاء المغيرة بن شعبة
قصة للأطفال: الثعلب الماكر والغراب المغرور
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق