الجمعة، 2 أغسطس 2024

• قصة للأطفال: مغامرات بِينُوكْيُو

أمنية

فِي إِيطَالِيَا الْبَعِيدَةِ، كَانَ هُنَاكَ صَانِعُ سَاعَاتٍ عَجُوزٌ يُدْعَى جِيبِيتُو. كَانَ جِيبِيتُو يَجِدُ سَعَادَتَهُ فِي صَنْعِ السَّاعَاتِ، حَيْثُ كَانَ صَوْتُ "تِيك-تِيك-تُوك!" يُمْلِئُ قَلْبَهُ بِالْبَهْجَةِ. إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَشْعُرُ بِالْوَحْدَةِ وَالْحُزْنِ عِنْدَمَا يَتَوَقَّفُ عَنِ الْعَمَلِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ يُمْلِئُ حَيَاتَهُ بِالسُّرُورِ.

وَفِي أَحَدِ الْأَيَّامِ، قَرَّرَ جِيبِيتُو أَنْ يَصْنَعَ دُمْيَةً مِنَ الْخَشَبِ عَلَى شَكْلِ صَبِيٍّ. جَعَلَ لِلدُّمْيَةِ ذِرَاعَيْنِ وَسَاقَيْنِ تَتَحَرَّكَانِ بِالْخُيُوطِ، وَخَاطَ لَهَا زِيًّا جَمِيلًا كَأَنَّهَا وَلَدٌ حَقِيقِيٌّ. قَالَ جِيبِيتُو بِفَخْرٍ: "سَأُسَمِّيكَ بِينُوكْيُو". وَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، وَضَعَ جِيبِيتُو الدُّمْيَةَ عَلَى السَّرِيرِ وَأَعْطَاهَا قُبْلَةً عَلَى جَبِينِهَا.

بَيْنَمَا كَانَ يَنْظُرُ مِنْ نَافِذَتِهِ إِلَى نَجْمٍ سَاطِعٍ فِي السَّمَاءِ، تَمَنَّى جِيبِيتُو أُمْنِيَةً عَمِيقَةً مِنْ قَلْبِهِ: "لَوْ كَانَ لَدَيَّ وَلَدٌ حَقِيقِيٌّ!". كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُمْكِنٍ، لَكِنَّهُ تَمَنَّى بِكُلِّ أَمَلٍ.

وَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، انْدَفَعَ النَّجْمُ السَّاطِعُ إِلَى غُرْفَةِ جِيبِيتُو وَتَحَوَّلَ إِلَى جِنِيَّةٍ زَرْقَاءَ. طَارَتْ نَحْوَ السَّرِيرِ وَضَرَبَتِ الدُّمْيَةَ بِعَصَاهَا السِّحْرِيَّةِ. قَالَتِ الْجِنِيَّةُ: "دُمْيَةٌ خَشَبِيَّةٌ صَغِيرَةٌ، افْتَحِي عَيْنَيْكِ". فَتَحَتِ الدُّمْيَةُ عَيْنَيْهَا، وَقَالَتِ الْجِنِيَّةُ: "فِي الصَّبَاحِ، سَتَتَمَكَّنِينَ مِنَ الْمَشْيِ وَالتَّحَدُّثِ مِثْلَ صَبِيٍّ حَقِيقِيٍّ. وَإِذَا أَثْبَتِّ أَنَّكِ شُجَاعَةٌ وَصَادِقَةٌ، فَقَدْ تُصْبِحِينَ صَبِيًّا حَقِيقِيًّا".

ظَهَرَ صَرْصُورٌ يَرْتَدِي مَلَابِسَ أَنِيقَةً، وَقَالَتِ الْجِنِيَّةُ: "هَذَا الصَّرْصُورُ سَيُسَاعِدُكِ عَلَى اتِّخَاذِ قَرَارَاتٍ حَكِيمَةٍ". ثُمَّ اخْتَفَتْ مِنَ النَّافِذَةِ.

فِي الصَّبَاحِ التَّالِي، ذَهَبَ جِيبِيتُو لِيُوقِظَ دُمْيَتَهُ، لَكِنَّهُ وَجَدَ السَّرِيرَ فَارِغًا. نَادَى بِينُوكْيُو مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ مِنَ الْغُرْفَةِ: "هَا أَنَا ذَا، يَا أَبِي!" صُدِمَ جِيبِيتُو، لَكِنَّهُ كَانَ فِي غَايَةِ السَّعَادَةِ وَعَانَقَ بِينُوكْيُو بِحُبٍّ وَفَرَحٍ.

مَرَّتِ الْأَيَّامُ، وَأَرَادَ بِينُوكْيُو الذِّهَابَ إِلَى الْمَدْرَسَةِ مِثْلَ الْأَوْلَادِ الْآخَرِينَ. لَمْ يَكُنْ لَدَى جِيبِيتُو نُقُودٌ لِشِرَاءِ الْكُتُبِ الْمَدْرَسِيَّةِ، لَكِنَّهُ بَاعَ مِعْطَفَهُ الدَّافِئَ لِيَشْتَرِيَ الْكُتُبَ. وَفِي صَبَاحِ الْيَوْمِ التَّالِي، وَدَّعَ بِينُوكْيُو جِيبِيتُو وَقَفَزَ مُتَّجِهًا إِلَى الْمَدْرَسَةِ مَعَ الصَّرْصُورِ عَلَى كَتِفِهِ.

فِي الطَّرِيقِ، أَوْقَفَهُ ثَعْلَبٌ مَاكِرٌ وَقِطَّةٌ ذَكِيَّةٌ. سَأَلَ الثَّعْلَبُ: "إِلَى أَيْنَ أَنْتَ ذَاهِبٌ؟" أَجَابَ بِينُوكْيُو: "أَنَا ذَاهِبٌ إِلَى الْمَدْرَسَةِ".

قَالَ الثَّعْلَبُ بِمَكْرٍ: "إِنَّهُ يَوْمٌ جَمِيلٌ جِدًّا لِتَكُونَ فِي الْمَدْرَسَةِ، تَعَالَ مَعَنَا إِلَى الْمَعْرِضِ". حَاوَلَ الصَّرْصُورُ تَحْذِيرَ بِينُوكْيُو، لَكِنَّ الثَّعْلَبَ نَجَحَ فِي إِقْنَاعِهِ بِالذَّهَابِ إِلَى الْمَعْرِضِ بَدَلًا مِنَ الْمَدْرَسَةِ.

فِي الْمَعْرِضِ، أَدْرَكَ بِينُوكْيُو أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ تَذْكِرَةَ دُخُولٍ. عَرَضَ عَلَيْهِ رَجُلٌ شِرَاءَ كُتُبِهِ الْمَدْرَسِيَّةِ مُقَابِلَ تَذْكِرَةٍ، فَوَافَقَ بِينُوكْيُو. رَقَصَ بِينُوكْيُو فِي عَرْضِ الدُّمَى، وَانْدَهَشَ الْجَمِيعُ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَدَيْهِ خُيُوطٌ. رَأَى الرَّجُلُ الَّذِي يُدِيرُ الْعَرْضَ الْمَالَ يَطِيرُ عَلَى الْمَسْرَحِ وَحَبَسَ بِينُوكْيُو فِي قَفَصٍ، وَخَطَّطَ لِاسْتِخْدَامِهِ لِجَمْعِ الْمَالِ.

ظَهَرَتِ الْجِنِيَّةُ الزَّرْقَاءُ وَسَأَلَتْ بِينُوكْيُو كَيْفَ دَخَلَ الْقَفَصَ. كَذَبَ بِينُوكْيُو، وَأَصْبَحَ أَنْفُهُ أَطْوَلَ وَأَطْوَلَ. عِنْدَمَا قَالَ الْحَقِيقَةَ، عَادَ أَنْفُهُ إِلَى طَبِيعَتِهِ. حَرَّرَتْهُ الْجِنِيَّةُ الزَّرْقَاءُ وَأَعَادَتْ لَهُ كُتُبَهُ الْمَدْرَسِيَّةَ. قَالَتْ لَهُ: "سَتَحْصُلُ عَلَى فُرْصَةٍ ثَانِيَةٍ"، وَاخْتَفَتْ.

فِي طَرِيقِهِ إِلَى الْمَدْرَسَةِ، عَرَضَ سَائِقُ عَرَبَةٍ عَلَى بِينُوكْيُو تَوْصِيلَةً إِلَى جَزِيرَةِ الْمُتْعَةِ. وَافَقَ بِينُوكْيُو، عَلَى الرَّغْمِ مِنْ تَحْذِيرَاتِ الصَّرْصُورِ.

فِي جَزِيرَةِ الْمُتْعَةِ، كَانَ يُمْكِنُ لِلْأَوْلَادِ تَنَاوُلُ الْحَلْوَى وَاللَّعِبُ طُولَ الْيَوْمِ دُونَ أَيِّ عَمَلٍ أَوْ مَسْؤُولِيَّاتٍ. وَلَكِنْ سُرْعَانَ مَا لَاحَظَ بِينُوكْيُو أَنَّ الْأَوْلَادَ يَتَحَوَّلُونَ إِلَى حَمِيرٍ. تَحَوَّلَتْ أُذْنَاهُ إِلَى أُذُنَيْ حِمَارٍ. أَدْرَكَ بِينُوكْيُو وَالصَّرْصُورُ الْخَطَرَ، فَهَرَبَا.

وَصَلَ بِينُوكْيُو وَالصَّرْصُورُ إِلَى رَصِيفِ الْمِينَاءِ وَعَلِمَا أَنَّ جِيبِيتُو قَدْ خَرَجَ عَلَى مَتْنِ قَارِبٍ لِلْبَحْثِ عَنْهُ. قَفَزَ بِينُوكْيُو إِلَى الْمُحِيطِ لِلْبَحْثِ عَنْ وَالِدِهِ. ابْتَلَعَهُمَا حُوتٌ عِمْلَاقٌ، وَفِي بَطْنِهِ وَجَدَا جِيبِيتُو.

خَطَرَتْ لِبِينُوكْيُو فِكْرَةُ إِشْعَالِ نَارٍ لِتَوْلِيدِ الدُّخَانِ وَجَعْلِ الْحُوتِ يَعْطِسُ. عَطَسَ الْحُوتُ، وَتَدَحْرَجَا عَلَى الشَّاطِئِ.

عَلَى الشَّاطِئِ، بَكَى جِيبِيتُو وَالصَّرْصُورُ عَلَى بِينُوكْيُو، الَّذِي كَانَ مُسْتَلْقِيًا بِلَا حَرَاكٍ. ظَهَرَتِ الْجِنِيَّةُ الزَّرْقَاءُ وَقَالَتْ: "لَقَدْ أَثْبَتَّ أَنَّكَ شُجَاعٌ وَصَادِقٌ". نَقَرَتْ عَلَى بِينُوكْيُو بِعَصَاهَا السِّحْرِيَّةِ، وَأَصْبَحَ وَلَدًا حَقِيقِيًّا.

قَالَ بِينُوكْيُو بِفَرَحٍ: "انْظُرْ يَا أَبِي! أَنَا وَلَدٌ حَقِيقِيٌّ!"

كَانَ جِيبِيتُو مَسْرُورًا جِدًّا. اخْتَفَتِ الْجِنِيَّةُ الزَّرْقَاءُ وَالصَّرْصُورُ، وَقَدْ أَنْجَزَا عَمَلَهُمَا. عَاشَ جِيبِيتُو وَبِينُوكْيُو مَعًا بِسَعَادَةٍ لِسَنَوَاتٍ كَثِيرَةٍ.

 












إقرأ أيضاً:

قصة مُخَيِّبَة: آخر المحطات

قصة وحكمة: الصياد والقبرة

قصة وحكمة: طائر السنونو ورفاقه

قصة للأطفال: الذئب والخروف

قصة للأطفال: العنزة الذكية والذئب الموسيقي

للمزيد            

حدوثة قبل النوم قصص للأطفال

كيف تذاكر وتنجح وتتفوق

قصص قصيرة معبرة

قصص قصيرة معبرة 2

معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب

قصص قصيرة مؤثرة

الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية

إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن

استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط

مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم

تربية الأبناء والطلاب

مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات

أيضاً وأيضاً 

قصص وحكايات

الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور

شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور

الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها

تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات

كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها

مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية 





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق