اِسْتِعْدادٌ
فِي يَومٍ مِن أَيَّامِ الصَّيفِ الدَّافِئَةِ وَالمُشرِقَةِ، كَانَ هُنَاكَ جُندُبٌ طَائِشٌ يُحِبُّ الغِنَاءَ وَالرَّقصَ وَالعَزفَ عَلَى الكَمَانِ. بَدَلًا مِنَ العَمَلِ بِجِدٍّ وَالاستِعدَادِ لِأَيَّامِ الشِّتَاءِ القَاسِيَةِ، كَانَ يَقضِي وَقتَهُ فِي اللهوِ وَالاستِمتَاعِ تَحتَ أَشِعَّةِ الشَّمسِ السَّاطِعَةِ، دُونَ أَن يُفَكِّرَ فِي الأَيَّامِ البَارِدَةِ التِي سَتَأتِي قَرِيبًا.
فِي أَحَدِ الأَيَّامِ،
مَرَّت بِجِوَارِهِ نَملَةٌ مُجتَهِدَةٌ تَحمِلُ حَبَّةَ قَمحٍ عَلَى ظَهرِهَا.
كَانَت تَعمَلُ بِلَا كَلَلٍ، تُخَزِّنُ الطَّعَامَ وَتُجَهِّزُ نَفسَهَا
لِلشِّتَاءِ. رَأَى الجُندُبُ النَّملَةَ وَعَرَضَ عَلَيهَا أَن تَترُكَ عَمَلَهَا
وَتَنضَمَّ إِلَيهِ لِتُغَنِّيَ وَتَرقُصَ.
لَكِنَّ النَّملَةَ
الذَّكِيَّةَ أَجَابَتْهُ بِحِكمَةٍ: "آسِفَةٌ يَا جُندُب، لَكِنَّ لَيسَ
لَدَيَّ وَقتٌ لِلَّعبِ وَاللَّهوِ. يَجِبُ أَن أَعمَلَ الآنَ حَتَّى لَا
يُفَاجِئَنِي الشِّتَاءُ دُونَ طَعَامٍ أَو مَأوَى."
ضَحِكَ الجُندُبُ
وَقَالَ: "لَا تَقلَقِي كَثِيرًا! مَا زَالَ هُنَاكَ مُتَّسَعٌ مِنَ الوَقتِ
لِلِاستِعدَادِ. تَعَالَي نَمرَحْ وَنَستَمتِعْ بِالحَيَاةِ!"
لَكِنَّ النَّملَةَ
تَجَاهَلَت كَلَامَ الجُندُبِ وَاستَمَرَّت فِي عَمَلِهَا بِجِدٍّ، تَجمَعُ
الطَّعَامَ وَتُعِدُّ نَفسَهَا لِفَصلِ الشِّتَاءِ.
مَرَّ الوَقتُ وَجَاءَ
الشِّتَاءُ أَبكَرَ مِمَّا تَوَقَّعَ الجُندُبُ. أَصبَحَ الجَوُّ بَارِدًا
وَبَدَأَتِ الثُّلُوجُ تَتَسَاقَطُ، وَلَم يَكُن لِلجُندُبِ مَكَانٌ يَحتَمِي
فِيهِ وَلَا طَعَامٌ يَأكُلُهُ. فِي يَأسِهِ، ذَهَبَ إِلَى مَنزِلِ النَّملَةِ
وَطَلَبَ مِنهَا المُسَاعَدَةَ.
قَالَتِ النَّملَةُ
بِحَزمٍ: "أَنَا آسِفَةٌ يَا جُندُب، لَكِنَّنِي لَا أَملِكُ إِلَّا مَا
يَكفِينِي وَيَكفِي أُسرَتِي. لَا أَستَطِيعُ مُسَاعَدَتَكَ، وَعَلَيكَ أَن تَجِدَ
مَلجَأً وَطَعَامًا فِي مَكَانٍ آخَرَ."
عَادَ الجُندُبُ إِلَى
وَحدَتِهِ نَادِمًا عَلَى أَيَّامِ الصَّيفِ التِي أَضَاعَهَا فِي اللهوِ. فَكَّرَ
بِحُزنٍ: "لَو كُنتُ مِثلَ النَّملَةِ وَعَمِلتُ بِجِدٍّ، لَمَا كُنتُ الآنَ
جَائِعًا وَبِلَا مَأوَى."
وَمُنذُ ذَلِكَ اليَومِ،
تَعَلَّمَ الجُندُبُ دَرسًا مُهِمًّا: يَجِبُ أَن يَستَعِدَّ الإِنسَانُ
لِلأَيَّامِ الصَّعبَةِ قَبلَ أَن تَأتِي، فَالعَمَلُ وَالاجتِهَادُ هُمَا
السَّبِيلُ الوَحِيدُ لِلأَمَانِ فِي الأَوقَاتِ الصَّعبَةِ.
إقرأ أيضاً:
نوادر العرب: القاضي والمرأتان وكيد النساء
قصة وعبرة: الملك والوزير الحكيم كالدهار
قصة حب: دعد ودوقلة المنبجي القصيدة اليتيمة
قصة للأطفال: دفء اللُّعَب الجميلة
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
Source of picture: 1
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق