الصُّوَر في نهاية القصة
فِي قَدِيمِ الزَّمَانِ، فِي مَمْلَكَةٍ نَائِيَةٍ، كَانَ هُنَاكَ أَمِيرٌ يَتُوقُ لِلزَّوَاجِ مِنْ أَمِيرَةٍ. إِلَّا أَنَّ هَذَا الأَمِيرَ كَانَ شَدِيدَ الاِنْتِقَاءِ، فَلَمْ يَكُنْ يَرْغَبُ فِي الاِقْتِرَانِ بِأَيِّ أَمِيرَةٍ عَابِرَةٍ، بَلْ كَانَ يَبْحَثُ عَنْ أَمِيرَةٍ جَمِيلَةٍ، لَطِيفَةٍ، ذَكِيَّةٍ، سَاحِرَةٍ، وَقَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، حَسَّاسَةٍ.
قَالَ المَلِكُ:
"حَسَّاسَةٌ؟ كَيْفَ سَتَتَمَكَّنُ مِنْ مَعْرِفَةِ أَنَّ أَمِيرَتَكَ
حَسَّاسَةٌ قَبْلَ أَنْ تَمُرَّ سَنَوَاتٌ طَوِيلَةٌ؟ لَيْسَ لَدَيْكَ وَقْتٌ
لِذَلِكَ يَا بُنَيَّ."
وَهَكَذَا بَدَأَ
الأَمِيرُ رِحْلَتَهُ المُحْبِطَةَ بَحْثًا عَنْ أَمِيرَتِهِ المُنْشُودَةِ.
سَافَرَ إِلَى كُلِّ بُقَاعِ العَالَمِ بِالقَارِبِ، وَعَلَى ظَهْرِ الخَيْلِ،
وَعَلَى الجَمَلِ، مُتَجَوِّلًا فِي الصَّحَارَى، مُتَسَلِّقًا الجِبَالَ،
عَابِرًا الوِدْيَانَ، بَاحِثًا عَنْ أَمِيرَةِ أَحْلَامِهِ. اِسْتَكْشَفَ كُلَّ
بِلَادٍ، كَبِيرِهَا وَصَغِيرِهَا، لَكِنَّهُ لَمْ يَعْثُرْ عَلَى مَا يَبْتَغِيهِ.
بِالرَّغْمِ مِنْ
وُجُودِ الكَثِيرِ مِنَ الأَمِيرَاتِ اللَّوَاتِي كُنَّ مُؤَهَّلَاتٍ لِلزَّوَاجِ
مِنْ أَمِيرٍ بِمَكَانَتِهِ، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الصَّعْبِ التَّأَكُّدُ
مِنْ أَنَّهُنَّ أَمِيرَاتٌ حَقِيقِيَّاتٌ، ذَوَاتِ جَمِيعِ المُؤَهِّلَاتِ
الَّتِي يَسْعَى إِلَيْهَا. اِسْتَمَرَّ فِي البَحْثِ، لَكِنْ دَائِمًا مَا كَانَ
هُنَاكَ شَيْءٌ يَنْقُصُ فِي الأَمِيرَاتِ اللَّوَاتِي قَابَلَهُنَّ.
عَادَ الأَمِيرُ مِنْ
رِحْلَتِهِ الطَّوِيلَةِ مُحْبَطًا، مُتَسَائِلًا كَيْفَ سَيَجِدُ أَمِيرَةً
حَقِيقِيَّةً. كَانَ وَالِدَاهُ عَلَى وَشْكِ الاِسْتِسْلَامِ وَتَسْلِيمِ
المَمْلَكَةِ لِأَخِيهِ الأَصْغَرِ. فِي إِحْدَى اللَّيَالِي، بَيْنَمَا كَانَ
الأَمِيرُ يُفَكِّرُ فِي مُعْضِلَتِهِ، هَبَّتْ عَاصِفَةٌ رَهِيبَةٌ. كَانَ
هُنَاكَ رَعْدٌ يَصُمُّ الآذَانَ وَبَرْقٌ يُضِيءُ السَّمَاءَ، مَعَ أَمْطَارٍ
غَزِيرَةٍ وَبَرَدٍ بِحَجْمِ بَيْضِ الإِوَزِّ.
وَسَطَ العَاصِفَةِ،
سَمِعَ طَرْقًا قَوِيًّا عَلَى بَوَّابَةِ القَلْعَةِ. عِنْدَمَا فَتَحَ المَلِكُ
البَوَّابَةَ، وَجَدَ عَذْرَاءَ مُبَلَّلَةً لَكِنَّهَا جَمِيلَةٌ تَقِفُ هُنَاكَ.
قَالَتِ العَذْرَاءُ:
"مَرْحَبًا سَيِّدِي، أَنَا أَمِيرَةٌ مِنْ مَمْلَكَةٍ مُجَاوِرَةٍ. وَقَعْتُ
فِي هَذِهِ العَاصِفَةِ وَفَقَدْتُ حِصَانِي، وَلَا أَسْتَطِيعُ العَوْدَةَ إِلَى
المَنْزِلِ حَتَّى تَنْتَهِيَ العَاصِفَةُ. هَلْ يُمْكِنُنِي قَضَاءُ بَعْضِ
الوَقْتِ هُنَا؟"
كَانَ المَلِكُ
مُتَشَكِّكًا بِشَأْنِ اِدِّعَاءِ الفَتَاةِ بِأَنَّهَا أَمِيرَةٌ. كَيْفَ
يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ أَمِيرَةً وَهِيَ تَبْدُو بِهَذَا البُؤْسِ؟ كَانَتْ
مَلَابِسُهَا مَبْلُولَةً تَمَامًا وَالمَاءُ يَتَدَفَّقُ مِنْ شَعْرِهَا إِلَى
أَصَابِعِ قَدَمَيْهَا.
سَأَلَ المَلِكُ:
"كَيْفَ يُمْكِنُنِي أَنْ أَكُونَ مُتَأَكِّدًا مِنْ أَنَّكِ أَمِيرَةٌ
حَقِيقِيَّةٌ وَلَيْسَ مُحْتَالَةً تُرِيدُ سَرِقَةَ شَيْءٍ مِنْ قَصْرِي؟"
أَجَابَتِ الفَتَاةُ
بِابْتِسَامَةٍ مَبْلُولَةٍ: "سَيَتَعَيَّنُ عَلَيْكَ أَنْ تَنْظُرَ فِي
قَلْبِكَ وَتُقَرِّرَ بِنَفْسِكَ."
لَمْ يَكُنِ المَلِكُ
مُتَأَكِّدًا تَمَامًا، لَكِنَّهُ دَعَاهَا لِتَجِفَّ وَتَتَدَفَّأَ بِجِوَارِ
أَحَدِ المَوَاقِدِ الضَّخْمَةِ. قَدَّمَ المَلِكُ الفَتَاةَ إِلَى المَلِكَةِ
وَالأَمِيرِ. كَانَ الأَمِيرُ مُتَشَكِّكًا، فَقَدْ كَانَتْ مَبْلُولَةً وَمُتَّسِخَةً،
وَلَمْ تَظْهَرْ أَيُّ أَمِيرَةٍ بِهَذِهِ الهَيْئَةِ.
قَرَّرَتِ المَلِكَةُ
أَنْ تَخْتَبِرَ الفَتَاةَ لِمَعْرِفَةِ مَا إِذَا كَانَتْ أَمِيرَةً
حَقِيقِيَّةً. أَخْبَرَتِ الأَمِيرَ بِخُطَّتِهَا وَأَظْهَرَتْ لَهُ حَبَّةَ
بَازِلَّاءَ صَغِيرَةً سَتَسْتَخْدِمُهَا فِي الاِخْتِبَارِ. وَافَقَ الأَمِيرُ
عَلَى الفِكْرَةِ.
ذَهَبَتِ المَلِكَةُ
لِإِعْدَادِ السَّرِيرِ الإِضَافِيِّ. وَضَعَتْ حَبَّةَ البَازِلَّاءِ فِي
الأَسْفَلِ، ثُمَّ وَضَعَتْ فَوْقَهَا عِشْرِينَ مَرْتَبَةً وَعِشْرِينَ لِحَافًا
مِنَ الرِّيشِ.
فِي صَبَاحِ اليَوْمِ
التَّالِي، سُئِلَتِ الأَمِيرَةُ كَيْفَ نَامَتْ.
قَالَتْ: "أُوهْ،
بِشَكْلٍ سَيِّءٍ جِدًّا! بِالكَادِ أَغْلَقْتُ عَيْنِي طِوَالَ اللَّيْلِ. كَانَ
هُنَاكَ شَيْءٌ صَلْبٌ وَمُزْعِجٌ بِشَكْلٍ لَا يُصَدَّقُ فِي السَّرِيرِ، وَجَسَدِي
الآنَ مُمْتَلِئٌ بِالكَدَمَاتِ الزَّرْقَاءِ وَالسَّوْدَاءِ فِي كُلِّ
أَنْحَائِهِ. كَانَ الأَمْرُ فَظِيعًا!"
عِنْدَهَا عَرَفَ
الجَمِيعُ أَنَّهَا أَمِيرَةٌ حَقِيقِيَّةٌ لِأَنَّهَا شَعَرَتْ بِحَبَّةِ
البَازِلَّاءِ مِنْ خِلَالِ عِشْرِينَ مَرْتَبَةً ولحَافًا، اِرْتَفَعَتْ
هُتَافَاتُ الفَرَحِ مِنَ الأَمِيرِ وَالمَلِكِ وَالمَلِكَةِ. "أَنْتِ الأَمِيرَةُ
الحَسَّاسَةُ الَّتِي كَانَ اِبْنُنَا يَبْحَثُ عَنْهَا!"
وَهَكَذَا تَزَوَّجَ
الأَمِيرُ وَالأَمِيرَةُ فِي اِحْتِفَالٍ مَهِيبٍ. أَعَدَّ مَطْبَخُ القَصْرِ
وَلِيمَةَ زِفَافٍ ضَخْمَةٍ تَضُمُّ العَدِيدَ مِنَ الأَطْبَاقِ المَصْنُوعَةِ
مِنَ البَازِلَّاءِ: حَسَاءَ البَازِلَّاءِ، البَازِلَّاءِ الكَرِيمِيَّةَ،
البَازِلَّاءِ الثَّلْجِيَّةَ المَقْلِيَّةَ، وَحَتَّى الآيِسْ كِرِيمِ
المَصْنُوعِ مِنَ البَازِلَّاءِ الحُلْوَةِ.
Source of pictures: 1
إقرأ أيضاً:
قصة للأطفال: الفتاة الحكيمة والمُهر
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق