الأحد، 25 أغسطس 2024

• قصة للأطفال: الأَميرَانِ التَّوأَمَانِ

فِطنَة

«لا يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا»، قَالَ المَلِكُ لِزَوْجَتِهِ، يُحَدِّثُهَا عَنْ اِبْنَيْهِمَا فَهِيمٍ وَنَبِيهٍ اللَّذَيْنِ سَيَحْكُمَانِ بَعْدَهُ. أَضَافَ قَائِلًا: كِلَاهُمَا فَصِيحَانِ، وَمُتَفَوِّقَانِ فِي العُلُومِ وَالحِسَابِ، وَمَاهِرَانِ فِي الصَّيْدِ وَالمُبَارَزَةِ، وَبَارِعَانِ فِي السِّيَاسَةِ. قَاطَعَتْهُ المَلِكَةُ: لِمَ لا تَخْتَارُ فَهِيمًا فَهُوَ الأَكْبَرُ؟ ضَحِكَ المَلِكُ وَقَالَ بِتَهَكُّمٍ: الأَكْبَرُ؟! وَهُمَا تَوْأَمَانِ بَيْنَهُمَا دَقِيقَتَانِ فَقَطْ!

حَكَّ المَلِكُ ذَقْنَهُ ثُمَّ تَنَهَّدَ قَائِلًا: مَرَضِي يَشْتَدُّ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ، يَجِبُ أَنْ أُقَرِّرَ سَرِيعًا، لِأُكْمِلَ كِتَابَةَ الوَصِيَّةِ المَلَكِيَّةِ.

«لِمَ لا تُرْسِلْهُمَا إِلَى حَكِيمَةِ الجَبَلِ؟»، قَالَتِ المَلِكَةُ.

«هَلْ سَأَجْعَلُهُمَا يَقْطَعَانِ كُلَّ تِلْكَ السُّهُولِ وَالوِدْيَانِ؟»، تَسَاءَلَ المَلِكُ بِقَلَقٍ.

«لا تَخَفْ، فَهُمَا أَصْبَحَا رَجُلَيْنِ»، أَجَابَتِ المَلِكَةُ بِفَخْرٍ.

فِي اليَوْمِ المُوَالِي اِنْطَلَقَ الأَمِيرُ فَهِيمٌ قَاصِدًا الحَكِيمَةَ، وَطُولَ الطَّرِيقِ كَانَ يَتَسَاءَلُ: تُرَى كَيْفَ سَتَتَمَكَّنُ العَجُوزُ مِنَ الاِخْتِيَارِ بَيْنَهُمَا؟ هَلْ سَتَسْأَلُهُ عَنِ الكَوَاكِبِ وَالنُّجُومِ؟ أَوْ سَتَطْلُبُ مِنْهُ مُبَارَزَةَ دُبٍّ بَرِّيٍّ؟ أَوْ سَتَخْتَبِرُهُ بِأُحْجِيَةٍ لَمْ يَسْتَطِعْ إِنْسَانٌ حَلَّهَا؟

بَعْدَ يَوْمَيْنِ، وَجَدَ فَهِيمٌ نَفْسَهُ أَخِيرًا أَمَامَ مَدْخَلِ الكَهْفِ، نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: أَيَّتُهَا الحَكِيمَةُ! أَيَّتُهَا الحَكِيمَةُ! خَرَجَتِ الحَكِيمَةُ بَعْدَ دَقَائِقَ وَأَشَارَتْ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ، تَبِعَهَا فَهِيمٌ وَالدَّهْشَةُ تَمْلَؤُهُ. أَهَكَذَا يَكُونُ التَّرْحِيبُ بِأَمِيرٍ؟! تَسَاءَلَ فِي نَفْسِهِ بِضِيقٍ.

اِسْتَدَارَتْ إِلَيْهِ الحَكِيمَةُ تَسْأَلُهُ: أَنْتَ الفَهِيمُ أَمِ النَّبِيهُ؟

أَجَابَ فَهِيمٌ رَافِعًا كَتِفَيْهِ: أَنَا فَهِيمٌ. اِنْحَنَتِ العَجُوزُ تَحْمِلُ بَعْضَ الحَطَبِ ثُمَّ أَشْعَلَتْ نَارًا وَوَضَعَتْ عَلَيْهَا إِنَاءً طِينِيًّا، أَحْضَرَتْ عَجِينًا وَشَكَّلَتْهُ عَلَى شَكْلِ خُبْزَةٍ، ثُمَّ وَضَعَتْهَا عَلَى الإِنَاءِ فَوْقَ النَّارِ، ثُمَّ قَامَتْ وَاِخْتَفَتْ فِي أَعْمَاقِ الكَهْفِ.

جَالَ الأَمِيرُ بِبَصَرِهِ فِي أَرْجَاءِ الكَهْفِ، ثُمَّ ثَبَّتَ نَظَرَهُ عَلَى الخُبْزَةِ، فَلَاحَظَ أَنَّهَا بَدَأَتْ تَنْضَحُ وَتَحْتَاجُ إِلَى تَقْلِيبٍ، وَلَكِنَّهُ أَبْعَدَ نَظَرَهُ عَنْهَا وَهُوَ يَقُولُ فِي نَفْسِهِ: سَأُرَكِّزُ عَلَى مَا جِئْتُ لِأَجْلِهِ، لَنْ أَلْمَسَ شَيْئًا، العَجَائِزُ دَوْمًا يُرِدْنَ القِيَامَ بِالأُمُورِ بِطَرِيقَتِهِنَّ الخَاصَّةِ!

فَجْأَةً أَقْبَلَتِ الحَكِيمَةُ مِنْ أَعْمَاقِ الكَهْفِ بَعْدَمَا صَدَمَتْهَا رَائِحَةُ الخُبْزِ المُحْتَرِقِ. صَاحَتْ بِهَلَعٍ: يَا لَلْمُصِيبَةِ! خُبْزِي اِحْتَرَقَ! خُبْزِي اِحْتَرَقَ! ثُمَّ اِلْتَفَتَتْ إِلَى فَهِيمٍ وَقَالَتْ: عُدْ إِلَى القَصْرِ أَيُّهَا الأَمِيرُ، لَقَدِ اِنْتَهَى الاِخْتِبَارُ!

خَرَجَ الأَمِيرُ فَهِيمٌ مِنَ الكَهْفِ وَهُوَ يَرْكُلُ الأَرْضَ بِقَدَمِهِ، قَالَ بِغَضَبٍ: عَجُوزٌ غَرِيبَةٌ! مُسْتَحِيلٌ أَنْ تَكُونَ حَكَمًا بَيْنِي وَبَيْنَ أَخِي! مَشَى فَهِيمٌ قَلِيلًا ثُمَّ جَلَسَ عَلَى صَخْرَةٍ يُحَاوِلُ تَهْدِئَةَ نَفْسِهِ، ثُمَّ فَكَّرَ: لَقَدْ سَأَلَتْنِي عَنْ اِسْمِي فَقَطْ، لَعَلَّ السِّرَّ فِي اِسْمِي! قَهْقَهَ بِصَخَبٍ ثُمَّ قَالَ: أَكِيدٌ الفَهِيمُ أَحَقُّ بِالحُكْمِ!

بَعْدَ وُصُولِ الأَمِيرِ فَهِيمٍ إِلَى القَصْرِ، اِنْطَلَقَ أَخُوهُ نَبِيهٌ قَاصِدًا الحَكِيمَةَ، وَطُولَ الطَّرِيقِ كَانَ يُفَكِّرُ: كَيْفَ يُمْكِنُ لِعَجُوزٍ العَيْشُ فِي كَهْفٍ مُوحِشٍ؟ كَيْفَ تَحْمِي نَفْسَهَا مِنَ الحَيَوَانَاتِ المُفْتَرِسَةِ؟!

بَعْدَ يَوْمَيْنِ، وَجَدَ نَبِيهٌ نَفْسَهُ أَخِيرًا أَمَامَ مَدْخَلِ الكَهْفِ، نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: أَيَّتُهَا الحَكِيمَةُ! أَيَّتُهَا الحَكِيمَةُ! خَرَجَتِ الحَكِيمَةُ بَعْدَ دَقَائِقَ وَأَشَارَتْ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ. تَبِعَهَا نَبِيهٌ وَالدَّهْشَةُ تَمْلَؤُهُ. قَالَتِ العَجُوزُ: أَنْتَ النَّبِيهُ أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟ أَوْمَأَ نَبِيهُ بِرَأْسِهِ مُوَافِقًا. اِنْحَنَتِ العَجُوزُ تَحْمِلُ بَعْضَ الحَطَبِ ثُمَّ أَشْعَلَتْ نَارًا وَوَضَعَتْ عَلَيْهَا إِنَاءً طِينِيًّا، أَحْضَرَتْ عَجِينًا وَشَكَّلَتْهُ عَلَى شَكْلِ خُبْزَةٍ، ثُمَّ وَضَعَتْهَا عَلَى الإِنَاءِ فَوْقَ النَّارِ، ثُمَّ قَامَتْ وَاِخْتَفَتْ فِي أَعْمَاقِ الكَهْفِ.

جَالَ الأَمِيرُ بِبَصَرِهِ فِي أَرْجَاءِ الكَهْفِ، ثُمَّ ثَبَّتَ نَظَرَهُ عَلَى الخُبْزَةِ، فَلَاحَظَ أَنَّ وَجْهَهَا السُّفْلِيَّ بَدَأَ يَنْضَحُ، فَقَلَّبَهَا وَرَاقَبَهَا حَتَّى نَضَجَ وَجْهُهَا الثَّانِي، ثُمَّ حَمَلَهَا مِنْ فَوْقِ النَّارِ. وَفَجْأَةً سَمِعَ خُطُوَاتٍ وَرَاءَهُ، اِلْتَفَتَ لِيَجِدَ الحَكِيمَةَ تَنْظُرُ إِلَيْهِ وَالبَسْمَةُ تَشِعُّ مِنْ وَجْهِهَا. قَالَتْ بِفَخْرٍ: هَنِيئًا لَكَ المُلكُ يَا نَبِيهُ! لا يَكْفِي أَنْ تَكُونَ فَهِيمًا أَوْ نَبِيهًا فَقَطْ! بَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ المَلِكُ مُبَادِرًا، مَن بَادَرَ لِقَلْبِ الخُبْزَةِ سَيُبَادِرُ لِإِصْلاحِ أَمْرِ الرَّعِيَّةِ!.

 إقرأ أيضاً:

قصة وحكمة: الخفّاش بين الطير والحيوان

قصة للأطفال: أسماء بالألوان

قصة للأطفال: سائق الحافلة

قصة للأطفال: الأرنب والسلحفاة

قصة مُخَيِّبَة: في المقهى عصفور

للمزيد            

حدوثة قبل النوم قصص للأطفال

كيف تذاكر وتنجح وتتفوق

قصص قصيرة معبرة

قصص قصيرة معبرة 2

معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب

قصص قصيرة مؤثرة

الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية

إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن

استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط

مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم

تربية الأبناء والطلاب

مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات

أيضاً وأيضاً 

قصص وحكايات

الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور

شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور

الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها

تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات

كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها

مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية

المصدر: 1


 





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق