نَدَم
فَوقَ أَرضِ المَكسيكِ، بِمَقَرِّ الأَرانِبِ، كانَ يَسكُنُ هُناكَ أَرانِبُ مُختَلِفَةُ الأَعمارِ. الأُمُّ... السَّيِّدَةُ سِنيورا/لابينوزا - كانَت تُشرِفُ بِعِنايَةٍ فائِقَةٍ على تَربيَةِ أَطفَالِها، حِينَما تُلاحِظُ شَيئًا غَيرَ طَبيعيٍّ، فَإنَّها تَصيحُ على الفَورِ:
لابينو
يَا بُنَيَّ، أَفْرِدْ أُذُنَيْكَ بِشَكلٍ مُستَقيمٍ. بَينَمَا كانَت تُحَذِّرُ
طِفلَها - ابنَها الثَّاني مُتَوَسِّطَ العُمرِ - قائِلَةً:
آه،
يَا لابيناك، يَا بُنَيَّ الحَبيبُ: كَيفَ يُمكِنُ لَكَ أَن تَأكُلَ الجَزرَةَ
ويَدَاكَ لَيسَت نَظيفَةً؟!
أَمَّا
أَصغَرُ أَطفَالِها وأَلطفُ أَرانِبِها فَكانَت أُمُّهُ تُخاطِبُهُ هَكَذا:
لابيناس،
أَخبِرنِي مَن يَفعَلُ مِثلَكَ هَكَذا؟! لا تُحَرِّك عَينَيكَ بِهَذه الطَّريقَةِ،
فَسَوفَ تُصابُ بِالحَوَلِ.
أُحِبُّ
أَن أُخبِرَكُم - يَا أَصدقائي - فيما بَينَنا، أَنَّ لابينو ولابيناك ولابيناس
لَم يَصغُوا إلى كَلِماتِ أُمِّهِم بِالاهتِمامِ المَطلُوبِ لِمَن كانَ في
عُمرِهِم، إنَّهُ فَقط لابيناس أَصغَرُهم، هُوَ الوَحيدُ الَّذي كانَ دَومًا
يُمسِكُ بِذَيلِ أُمِّهِ.
وذاتَ
يَومٍ حَدَثَ شَيءٌ، خَرَجَت (ماما) إلى جيرانِها، لِتُلبِّي دَعوتَهم لِأكلِ
(خَسٍّ) طازَجٍ لَذيذٍ، تَطحَنُهُ الأَسنَانُ بِسُهُولَةٍ.
نَادى
الأَخوانِ أَخاهُمَا الصَّغيرَ (لابيناس) وسَألاهُ:
هَل
تَذهَبُ مَعَنا؟
آه...
مَاذا أَقُولُ لَكُم يَا إِخوتي؟! لَم تَكُن (ماما) مَوجودَةً بِالبيتِ، ومَعَ
ذَلِكَ غَادَرَهُ (لابيناس) مَعَ أَخَوَيهِ إلى الغابَةِ، وَكانَت مُغامَرَةً
غَيرَ مَحمُودَةٍ عَواقِبُها.
في
البِدايَةِ، سَارَ كُلُّ شَيءٍ على مَا يُرامُ: سَهلاً ومَرحًا. كانَت رائِحَةُ
الحَشائِشِ الخَضراءِ زَكِيَّةً، أَثَارَت شَهِيَّتَهُم فَأَكَلُوها بِنَهمٍ
شَديدٍ. كَم كانَ رائعًا أَن يَتَمَرَّغَ الإِخوَةُ الأَرانِبُ في المَرُوجِ
الخَضراءِ ويَطوُوها طَيًّا. فَالغابَةُ تَختَلِفُ كَثيرًا عَن جُحورِ الأَرانِبِ.
اختَفَت
الشَّمسُ فَجأَةً وَراءَ الأَشجارِ، وغَرِقَتِ الغابَةُ الرائِعَةُ بَعدَ قَليلٍ
في ظَلامٍ دامِسٍ مُخيفٍ.
تَوَقَّفَتِ
الأَرانِبُ عَنَ اللهوِ والمَرحِ، وقالَ لابيناس باكِيًا:
أُريدُ
أَن أَعُودَ إلى البَيتِ، كُلُّ شَيءٍ مُظلِمٌ ومُفزِعٌ!
إِنِّي
أَشعُرُ بِالخَوفِ... وَأَجابَهُ لابيناك:
أَصبَحَ
بَيتُنا الآن بَعيدًا جِدًّا، أَنا أَيضًا أَخافُ أَن أَعُودَ إلى البَيتِ عَبرَ
الغابَةِ، فَقَد أَصبَحَ شَكلُ الغابَةِ مُرعِبًا لِلغايةِ.
فَانبرى
لابينو أَكبَرُ الأَرانِبِ سِنًّا قائِلًا:
لابُدَّ
مِنَ البَقاءِ في الكَهفِ، حَتَّى يَطلُعَ النَّهارُ.
اتَّجَهَ
الإِخوَةُ الأَرانِبُ نَحوَ الكَهفِ وَقَد أَمسَكَ بِهِم لابيناس الصَّغيرُ
بِقُوَّةٍ قائِلًا:
هَاي!
اِسمَعُوا يَا إِخوَتي... أَنسِيتُم مَا عَلَّمتنا (ماما) إِيَّاهُ؟! حِينَمَا
يُريدُ الطِّفلُ مِنَّا أَن يَخرُجَ أَو يَدخُلَ مَكانًا مَا، عَلَيهِ دَومًا أَن
يَطلُبَ الإِذنَ في البِدايَةِ!
أَجابَهُ
لابينو في استِغرابٍ ودَهشَةٍ:
أَتَعرِفُ
على الأَقلِّ مَن تَسألُ؟!
مُحَمَّد
هَنَاء مُتَولي
المصدر: 1
إقرأ أيضاً:
نوادر العرب: القاضي والمرأتان وكيد النساء
قصة وعبرة: الملك والوزير الحكيم كالدهار
قصة حب: دعد ودوقلة المنبجي القصيدة اليتيمة
قصة للأطفال: دفء اللُّعَب الجميلة
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق