«الرَّذَائِلُ عِقَابُ نَفْسِهَا.»
فِي قَدِيمِ الزَّمَانِ، كَانَ لِجُوبِيتَرَ، إِلَهِ الآلِهَةِ، مَقَامٌ رَفِيعٌ، يَفِدُ إِلَيْهِ البَشَرُ بِآمَالِهِمْ وَأَمَانِيهِمْ، رَاجِينَ أَنْ يُجِيبَ دَعَوَاتِهِمْ وَيُحَقِّقَ أَمَانِيهِمْ. وَفِي إِحْدَى المَرَّاتِ، تَقَدَّمَ إِلَيْهِ رَجُلَانِ مُتَجَاوِرَانِ، ابْتُلِيَ أَحَدُهُمَا بِالطَّمَعِ المُفْرِطِ، وَغَمَرَ الآخَرَ حَسَدٌ قَاتِلٌ أَضْرَمَ فِي قَلْبِهِ نَارًا لَا تَنْطَفِئُ.
وَقَفَا
أَمَامَ جَلَالَةِ الإِلَهِ جُوبِيتَر، وَرَفَعَ كُلٌّ مِنهُمَا كَفَّيْهِ
مُتَضَرِّعًا أَنْ يَمْنَحَهُ مِنْ خَيْرَاتِ الدُّنْيَا مَا يَرَاهُ مَنَالَهُ،
فَجَعَلَ جُوبِيتَرُ يَسْتَمِعُ إِلَيْهِمَا بِعَيْنِ المُتَرَقِّبِ وَيَعْقِدُ
بَيْنَهُمَا امْتِحَانًا مِنْ جِنْسِ مَا فِي قَلْبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنهُمَا مِنْ
دَاءٍ دَفِينٍ.
قَالَ
لَهُمَا: "لِأُمْنِيَاتِكُمَا مُسْتَجَابٌ، وَلَكِنْ بِشُرُوطٍ تَعِزُّ عَلَى
النُّفُوسِ الهَالِكَةِ: سَيَنَالُ كُلٌّ مِنكُمَا مَا يَطْلُبُهُ، شَرْطَ أَنْ
يَنَالَ الآخَرُ ضِعْفَ مَا تَمَنَّى. فَلْيَسْتَعِنْ كُلٌّ مِنكُمَا بِوَعْيِهِ
وَحَذَرِهِ، وَإِلَّا أُوقِعَ بِكُمَا مَا يَكَشِفُ عَنْ سُوءِ مَا أَضْمَرْتُمَا."
لَمْ
يَكَدِ الطَّمَّاعُ يَسْتَمِعُ إِلَى هَذَا الشَّرْطِ حَتَّى انْفَرَجَتْ
أَسَارِيرُهُ، وَظَنَّ أَنَّ الفَوْزَ قَدْ أَصْبَحَ مِنْ نَصِيبِهِ؛ فَأَعْلَنَ
بِلهْفَةٍ جَامِحَةٍ: "أُرِيدُ غُرْفَةً عَامِرَةً بِالذَّهَبِ، مَلأَى
بِالكُنُوزِ وَاللَّآلِئِ!". فَانْقَلَبَتِ الأَرْضُ تَحْتَ قَدَمَيْهِ، وَظَهَرَتْ
أَمَامَهُ غُرْفَةٌ تَبْرُقُ كُنُوزُهَا بِبَرِيقٍ يَخْطَفُ الأَبْصَارَ. غَيْرَ
أَنَّ فَرْحَتَهُ لَمْ تَكْتَمِلْ، إِذْ رَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى بَيْتِ جَارِهِ
فَإِذَا بِهِ يَرَى غُرْفَتَيْنِ يَفِيضُ مِنْهُمَا الذَّهَبُ كَمَا تَفِيضُ
الأَنْهَارُ مِنَ الجِبَالِ الشَّاهِقَةِ. وَهَكَذَا، تَحَوَّلَتْ نَشْوَةُ
الظَّفَرِ إِلَى غُصَّةٍ فِي حَلْقِهِ، وَاحْتَبَسَ فِي صَدْرِهِ لَهِيبُ
الحَسَدِ، فَكَادَ أَنْ يَمْزِقَهُ تَمْزِيقًا.
ثُمَّ
جَاءَ دَوْرُ الحَسُودِ، ذَاكَ الَّذِي مَا عَرَفَ لِلرِّضَا سَبِيلًا، وَمَا
طَابَ لَهُ أَنْ يَرَى فِي جِوَارِهِ أَيَّ أَثَرٍ لِلسَّعَادَةِ أَوِ النَّعِيمِ.
نَظَرَ بِعَيْنَيْهِ المُغْلَقَتَيْنِ عَلَى أَحْقَادِهِ، وَرَاحَ يُفَكِّرُ فِي
أَمْرٍ يَكْسِرُ بِهِ قَلْبَ الطَّمَّاعِ وَيَجْعَلُهُ يَعِيشُ فِي أَسًى لَا
يَنْقَضِي. قَالَ: "أَتَمَنَّى أَنْ تُقْلَعَ إِحْدَى عَيْنَيَّ!"،
فَأَصَابَتْ جُوبِيتَرَ الدَّهْشَةُ، لَكِنَّهُ اسْتَجَابَ لِمَا أَرَادَهُ.
فَإِذَا بِالرَّجُلِ يَتَلَوَّى مِنَ الأَلَمِ، وَإِذَا بِجَارِهِ يَصِيحُ وَقَدْ
غَابَ عَنْهُ النُّورَانِ، وَفَقَدَ بَصَرَهُ كَامِلًا.
وَهَكَذَا، كَانَتْ نِهَايَةُ الرَّجُلَيْنِ فِي طَمَعِ أَحَدِهِمَا وَحَسَدِ الآخَرِ. فَالطَّمَعُ سَلَبَ الطَّامِعَ رَاحَةَ البَالِ، وَالحَسَدُ قَادَ الحَاسِدَ إِلَى غَشَاوَةٍ تُعْمِي بَصَرَهُ. وَكَمَا قَالَ الحُكَمَاءُ: "إِنَّ الرَّذَائِلَ، وَإِنْ هَوَتْهَا النُّفُوسُ، فَهِيَ الجَانِيَةُ عَلَى ذَاتِهَا، وَالخَصْمُ لِأَرْبَابِهَا، وَالمُهْلِكَةُ لِمَنْ سَعَى وَرَاءَهَا."
قصة للأطفال: العصفور والفيل والثعلب
قصة وحكمة: بانشو فيللا: من بطل إلى كابوس لأميركا
قصة للأطفال: ليلى لا تأكل السمك
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق