عَلَى ضِفَافِ نَهْرٍ يَجْرِي بِمَائِهِ الصَّافِي، كَانَتْ تَرْقُدُ جَرَّتَانِ، إِحْدَاهُمَا مِنَ النُّحَاسِ الصُّلْبِ الْمَتِينِ، وَالأُخْرَى مِنَ الْخَزَفِ الْهَشِّ اللَّيِّنِ. وَإِذِ ارْتَفَعَ الْمَوْجُ وَفَاضَ الْمَاءُ، طَفَتِ الجَرَّتَانِ مَعًا، تُدَافِعُهُمَا الأَمْوَاجُ وَتُقَلِّبُهُمَا التَّيَّارَاتُ.
في سالِفِ العَصْرِ وَالأوَانِ، إِذْ كَانَتِ الأَيَّامُ تُنذِرُ بِالغَرَائِبِ وَتُخبِّئُ العَجَائِبَ، عَثَرَ حِمَارٌ تَائِهٌ فِي بَيْدَاءَ مُقفِرَةٍ عَلَى جِلْدِ أَسَدٍ كَانَ الصَّيَّادُونَ قَدْ جَلَدُوهُ وَأَلْقَوْهُ جَانِبًا حَتَّى يَجِفَّ تَحْتَ أَشِعَّةِ الشَّمْسِ الحَارِقَةِ. فَأَخَذَتْهُ فِكْرَةٌ جَهَنَّمِيَّةٌ، وَتَزَيَّا بِذَاكَ الجِلْدِ، ظَنًّا مِنهُ أَن يَكْتَسِيَ بِهِيبَةِ الأُسُودِ وَبَأْسِهَا، وَيَتَقَنَّعَ بِهِيبَةِ السِّبَاعِ وَسُلْطَانِهَا، فَيَدِبَّ الرُّعْبَ فِي القُلُوبِ، وَيَنَالَ مِنَ السَّطْوَةِ مَا لَم يَكُنْ يَحْلُمُ بِهِ.
%20near%20a%20river.%20The%20first%20fish,%20clever%20and%20alert,%20is%20shown%20escaping%20the%20pon.webp)
زَعَموا أن غَديراً كانَ فيهِ ثَلاثُ سَمَكاتٍ: كَيَّسَةٌ وأكيَسُ مِنها وعاجِزَةٌ؛ وكان ذلكَ الغَديرُ بِنَجوَةٍ من الأرضِ لا يَكادُ يَقرَبهُ أحدٌ وبِقُربِهِ نَهرٌ جارٍ. فاتَفَقَ أنَّه اجتازَ بذلكَ النَّهرِ صَيادان؛ فأبصَرا الغديرَ، فَتَواعدا أن يَرجِعا إِليهِ بِشِباكِهِما فَيَصيدا ما فيهِ من السمكِ.
في مَنزِلِ الجَدَّةِ فاطِمَةَ الرِّيفِيِّ، كانَت رائِحَةُ الشِّوَاءِ وَطَواجِنِ الجَمبَرِيِّ وَالأَرُزِّ اللَّذِيذِ تَملأُ المَكَانَ. تَجَمَّعَ الإِخوَةُ وَأَبنَاءُ العَمِّ حَولَ المَائِدَةِ، وَكُلٌّ مِنهُم مُتَحَمِّسٌ لِتَذَوُّقِ طَعَامِ الجَدَّةِ الشَّهِيِّ. لَكِنَّ شَيئًا غَرِيبًا حَدَثَ، فَلَيلَى لَم تَجلِسْ مَعَهُم كَعَادَتِهَا، بَل بَقِيَتْ فِي غُرفَةِ الجُلُوسِ حَزِينَةً. أَخبَرَ الأَحفَادُ الجَدَّةَ أَنَّ لَيلَى لَا تُحِبُّ السَّمَكَ، فَشَعَرَتِ الجَدَّةُ بِالحُزنِ وَأَعَدَّتْ لَهَا فَطَائِرَ الجُبنَةِ.
