السبت، 21 ديسمبر 2024

• قصة وحكمة: التّاجرُ والحمارُ

إِنَّ الطُّيورَ على أَشكالِها تَقَعُ

فِي يَوْمٍ مِّنَ الأَيَّامِ، اسْتَيْقَظَ رَجُلٌ فِي عَزْمٍ أَكِيدٍ وَنِيَّةٍ صَادِقَةٍ لِشِرَاءِ حِمَارٍ يُعِينُهُ عَلَى أُمُورِ حَيَاتِهِ وَيَكُونُ خَيْرَ رَفِيقٍ فِي دُرُوبِهِ الطَّوِيلَةِ. قَصَدَ الرَّجُلُ سُوقَ الدَّوَابِّ، حَيْثُ الْتَقَى بِصَاحِبِ حِمَارٍ قَوِيِّ الْمَظْهَرِ، فَتَفَاوَضَا حَتَّى تَوَصَّلَا إِلَى اتِّفَاقٍ. قَالَ الْبَائِعُ: "خُذِ الْحِمَارَ مَعَكَ لِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، فَإِنْ أَعْجَبَكَ، كَانَ الْبَيْعُ، وَإِنْ لَمْ يُعْجِبْكَ، رَدَدْتَهُ إِلَيَّ بِلَا ضَرَرٍ وَلَا نَدَمٍ."

أَخَذَ الرَّجُلُ الْحِمَارَ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَأَطْلَقَهُ بَيْنَ حَمِيرِهِ الْأُخْرَى لِيَخْتَبِرَ طَبِيعَتَهُ وَيَرَى سَجِيَّتَهُ. مَا إِنْ وَطِئَتْ أَقْدَامُ الْحِمَارِ الْجَدِيدِ الْإِسْطَبْلَ، حَتَّى رَفَعَ رَأْسَهُ وَاسْتَدَارَ، يَتَلَفَّتُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً، ثُمَّ تَرَكَ الْجَمْعَ وَانْطَلَقَ مُسْرِعًا نَحْوَ الْحَمِيرِ الْأَكْثَرِ كَسَلًا وَشَرَاهَةً لِلطَّعَامِ، حَيْثُ وَجَدَ نَفْسَهُ بَيْنَهَا وَكَأَنَّهُ الْتَقَاهُمْ بَعْدَ غِيَابٍ طَوِيلٍ.

رَآهُ الرَّجُلُ بِعَيْنِ الْحَكِيمِ الَّذِي لَا تَغُرُّهُ الظَّوَاهِرُ، وَفَهِمَ مِنْ فِعْلَتِهِ أَنَّ الْحِمَارَ يَنْزِعُ إِلَى الْكَسَلِ، وَلَنْ يَكُونَ إِلَّا عَوْنًا عَلَى الْهَوَانِ. دُونَ إِضَاعَةٍ لِلْوَقْتِ، أَمْسَكَ بِحِزَامِهِ، وَقَادَهُ عَائِدًا إِلَى صَاحِبِهِ.

فَلَمَّا وَصَلَ، وَقَفَ صَاحِبُ الْحِمَارِ مَذْهُولًا، وَقَالَ: "أَرْجَعتَهُ بِهَذِهِ الْعَجَلَةِ؟ وَكَيْفَ عَرَفْتَ فِي هَذَا الْوَقْتِ الْوَجِيزِ أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لَكَ؟"

أَجَابَ الرَّجُلُ وَقَدِ ارْتَسَمَتْ عَلَى وَجْهِهِ مَلَامِحُ الْحِكْمَةِ: "أَيُّهَا الرَّجُلُ، لَا حَاجَةَ لِي بِمَزِيدٍ مِنَ الْأَيَّامِ لِأَعْرِفَ مَعْدِنَهُ. فَقَدْ رَأَيْتُهُ أَيْنَ اتَّجَهَ وَمَنْ صَاحَبَ، وَعَلِمْتُ أَنَّهُ عَلَى شَاكِلَتِهِمْ. فَالْمَرْءُ يُعْرَفُ بِخَلِيلِهِ، وَالْحِمَارُ كَذَلِكَ."

فَاسْتَحْيَا الْبَائِعُ وَأَطْرَقَ رَأْسَهُ، وَقَدْ أَيْقَنَ أَنَّ الْعِبْرَةَ لَيْسَتْ فِي التَّجْرِبَةِ الطَّوِيلَةِ، بَلْ فِي قِرَاءَةِ الْأَفْعَالِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي تَفْضَحُ السَّرَائِرَ.

وَهَكَذَا انْصَرَفَ الرَّجُلُ، يَحْمِلُ مَعَهُ دَرْسًا عَنِ النُّفُوسِ، وَيَتْرُكُنَا نُفَكِّرُ فِي قَوْلِ الْحُكَمَاءِ: "الصَّاحِبُ دَلِيلٌ، وَالطِّبَاعُ لَا تُخْفِيهَا الْحِيَلُ."

 إقرأ أيضاً:

قصة للأطفال: ذات الرداء الأحمر

قصة أسطورة: الصراع مع أقدار الآلهة

قصة وحكمة: الطائر الذهبي

قصة وحكمة: الصَّيّاد وحطّاب الغابة

قصة وحكمة: البستاني وكلبه

للمزيد            

حدوثة قبل النوم قصص للأطفال

كيف تذاكر وتنجح وتتفوق

قصص قصيرة معبرة

قصص قصيرة معبرة 2

معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب

قصص قصيرة مؤثرة

الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية

إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن

استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط

مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم

تربية الأبناء والطلاب

مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات

أيضاً وأيضاً 

قصص وحكايات

الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور

شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور

الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها

تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات

كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها

مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق