غيِّر نظرتك... تتغيّر حياتك
في أعماق كلّ نفس، تكمن طاقة لا تعرف حدودًا، وقوة لا تُقهر، تنتظر فقط لحظة وعي... لحظة يرى فيها المرء صورته الحقيقية. هي ليست حكاية أسدٍ وشبلٍ وخروف، بل حكاية كلّ إنسانٍ ظنّ أنه ضعيف، وهو في الحقيقة عظيم جليل مُهاب.
في
سالف الزمان، وفي لحظةٍ من القدر، وُلِد شبلٌ صغير بعد أن لفظ الأسد أنفاسه
الأخيرة. وُجد الشبل وحيدًا، لا معين له ولا راعٍ، حتى مرّت قافلةُ أغنامٍ تقتات
على العشب، فصادفوه، ولم يدروا من يكون.
رأوه
ساكنًا، ضعيف الجسد، بريء النظرة، فأَلِفوه وأَلِفَهم، وربّوه كواحدٍ منهم. عاش
بينهم، يسير بخُطى الغنم، ويأكل كما يأكلون، ويتبعهم حيث ذهبوا. ولم يدرِ أنه
مختلف، ولم يشكّ في أمره طرفة عين.
كبر
الشبل، واشتد عوده، لكن قلبه ظلّ كقلب حملٍ صغير، خائفًا، خاضعًا، لا يسأل، لا
يشكّ، لا يدرك من يكون. رأى نفسه واحدًا منهم، ولم يُبصر حقيقة ذاته.
وذات
صباحٍ، بينما كان القطيع يرعى كعادته، خرج أسدٌ مهيبٌ من ظلال الغابة، زئيره يشقّ
السكون، ونظراته تُرعب السكون. ارتعدت الخراف، وركضت فرارًا، فركض معها الشبل،
يظنه وحشًا لا يُجارى، ولم يدرك أن ما يفرّ منه... هو ذاته!
رآه
الأسد الكبير، وتحيّر من أمره، أسدٌ يركض بين الأغنام؟ مشهدٌ لم تعهده عيناه. لحق
به، وأمسك به بسهولة، فارتجف الشبل، وظنّ أن النهاية قد حلّت.
قال
الأسد الكبير: "لِمَ تهرب أيها الشبل؟"
أجابه
مرتجفًا: "أرجوك لا تؤذني، فأنا خروفٌ مسكين!"
ضحك
الأسد الكبير ضحكةً مدوّية: "أأنت خروف؟! بل أنت أسدٌ مثلي! لكنك غافل عن
حقيقتك."
هزّ
الشبل رأسه نافيًا: "أنا آكل العشب، وأتبع القطيع... أنا خروف!"
قال الأسد الكبير: "اتبعني، سأريك ما كنت تجهله."
أخذه
إلى بحيرةٍ رقراقةٍ كأنها مرآة السماء، وقال له: "انظر إلى صورتك، ثم إلى
صورتي."
نظر
الشبل، فتفاجأ... لم يكن يشبه الخروف في شيء، بل كان يشبه الأسد تمامًا، بل كان
أسدًا بكلّ ما تعنيه الكلمة. فاغرًا فاه، تمتم بدهشة: "أُشبهك..."
ابتسم
الأسد الكبير وقال: "بل أنت أنا... منذ البداية، كنتَ أسدًا، لكنك لم تكن تعلم."
ارتبك
الشبل: "لكنني عشت كخروف، وتبعتهم طول حياتي!"
فقال الأسد الكبير: "ذلك لأنك لم تعرف الحقيقة.
لم ترَ نفسك كما أنت. لكن الآن، وقد رأيت... فهل تبقى كما كنت؟"
وفي
تلك اللحظة، نهض في الشبل شعورٌ جديد، إحساسٌ بالعظمة، بالقوة، بالحرية. زمجر
زئيرًا عظيمًا لأول مرة، فارتجفت الأشجار من صداه، وفرّت الأغنام من هوله، ووقف هو
مذهولًا من صوته، وقال بثقة: "أنا أسد!"
أومأ
الأسد الكبير فخورًا: "هكذا هو الأمر... كنتَ دائمًا كذلك،
لكنك لم تكن تعلم."
ومنذ
ذلك اليوم، تَغيَّر كل شيء. لم يعد الشبل تابعًا، ولم يأكل العشب، بل صار يصطاد،
ويعيش كما تعيش الأسود. عرف هويته، وارتدى عظمته، ولم يعد يخاف، ولم ينظر خلفه.
ليست
القيود دائمًا في الأصفاد، بل في المعتقدات. وليست القوة في الأجساد، بل في الوعي
بالذات. كثيرون في هذا العالم يعيشون دون أن يروا انعكاس حقيقتهم، يتبعون القطيع
وهم عظماء، لكنهم لم يعرفوا قدرهم بعد.
ربما
تحتاج، مثل الشبل، إلى من يأخذك إلى "مرآتك"، إلى من يقول لك: "أنت لست ما
يقولون... أنت ما لم تكتشفه بعد."
فإذا
أشرق نور الحقيقة في ذاتك، فلا تطفئه بظنّك، ولا تسجن وهجك في ظلال التردد. لا
تسمح للعالم أن يرسم ملامحك، ولا أن يُملي عليك قدرك. زئيرك صامت... ينتظر الإذن،
وقوتك نائمة... تبحث عن يقظة. وعرشك هناك... لا يليق إلا بك. فانهض كما وُلدت،
أسدًا لا يُذل، لا يُقهر، ولا يُكسر.
فيسبوك: https://www.facebook.com/ali.ramadan.206789
منصة أكس: https://x.com/AliRamadan54
قصة وعبرة: حين يخبئ القدر وجهه الآخر
قصة ملهمة: متسوّل على رصيف المحطة
قصة وحكمة: الديك الأحمر والثعلب
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق