فِي غَابَةٍ بَعِيدَةٍ، كَانَ هُنَاكَ أَرْنَبٌ صَغِيرٌ نَاصِعُ البَيَاضِ، لَهُ أُذُنَانِ طَوِيلَتَانِ وَرْدِيَّتَانِ، وَعَيْنَانِ تَلْمَعَانِ كَالجَمْرِ، وَأَقْدَامٌ صَغِيرَةٌ نَاعِمَةٌ كَالمُخْمَلِ. كَانَ الأَرْنَبُ جَمِيلًا، لَكِنَّ قَلْبَهُ لَمْ يَكُنْ سَعِيدًا؛ فَقَدْ كَانَ يَتَمَنَّى لَوْ كَانَ شَيْئًا آخَرَ.
فِي
كُلِّ مَرَّةٍ يَرَى حَيَوَانًا مُخْتَلِفًا، تَتَصَاعَدُ أَمَانِيهِ. عِنْدَمَا
مَرَّ السِّنْجَابُ الرَّمَادِيُّ، قَالَ الأَرْنَبُ لِأُمِّهِ:
"يَا أُمِّي، لَيْتَ لِي ذَيْلًا طَوِيلًا
كَالرَّمَادِيِّ الجَمِيلِ!"
وَعِنْدَمَا شَاهَدَ القُنْفُذَ، قَالَ:
"يَا أُمِّي، لَيْتَ لِي ظَهْرًا مَلِيئًا
بِالشَّوْكِ كَالقُنْفُذِ المُدَجَّجِ!"
حَتَّى عِنْدَمَا رَأَى البَطَّةَ الصَّغِيرَةَ
بِحِذَائِهَا الأَحْمَرِ، تَمَنَّى وَقَالَ:
"يَا أُمِّي، لَيْتَ لِي حِذَاءً أَحْمَرَ
مِثْلَهَا!"
نَفَدَ
صَبْرُ الأُمِّ مِنْ كَثْرَةِ أَمَانِيهِ، وَفِي يَوْمٍ مِنَ الأَيَّامِ، سَمِعَهُ
السَّيِّدُ جِرَاوْنْدْ هُوج العَجُوزِ. كَانَ حَكِيمًا وَصَاحِبَ رَأْيٍ، فَقَالَ
لِلأَرْنَبِ الصَّغِيرِ:
"لِمَاذَا لَا تَذْهَبُ إِلَى بِرْكَةِ
الأَمَانِي؟ هُنَاكَ، إِذَا نَظَرْتَ إِلَى نَفْسِكَ فِي المَاءِ وَاسْتَدَرْتَ
ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، سَتَتَحَقَّقُ أُمْنِيَتُكَ."
طَارَ
الأَرْنَبُ فَرَحًا وَانْطَلَقَ عَبْرَ الغَابَةِ حَتَّى وَصَلَ إِلَى البِرْكَةِ،
وَكَانَ عَلَى حَافَّتِهَا طَائِرٌ صَغِيرٌ أَحْمَرُ يَشْرَبُ المَاءَ. نَظَرَ
الأَرْنَبُ إِلَى الطَّائِرِ وَقَالَ لِنَفْسِهِ:
"لَيْتَ لِي جَنَاحَيْنِ أَحْمَرَيْنِ
مِثْلَهُ!"
فَعَلَ
كَمَا أَرْشَدَهُ السَّيِّدُ جِرَاوْنْدْ هُوج؛ نَظَرَ فِي المَاءِ، ثُمَّ اسْتَدَارَ
ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. فَجْأَةً، أَحَسَّ بِشَيْءٍ غَرِيبٍ يَنْبُتُ عَلَى كَتِفَيْهِ.
انْتَظَرَ طَوِيلًا بِجَانِبِ البِرْكَةِ، وَعِنْدَمَا مَالَتِ الشَّمْسُ نَحْوَ
المَغِيبِ، عَادَ إِلَى مَنْزِلِهِ لِيُرِيَ أُمَّهُ جَنَاحَيْهِ الجَدِيدَيْنِ.
لَكِنَّ
المُفَاجَأَةَ كَانَتْ أَنَّ وَالِدَتَهُ لَمْ تَعْرِفْهُ! لَمْ تَرَ يَوْمًا
أَرْنَبًا بِأَجْنِحَةٍ حَمْرَاءَ. رَفَضَتْ إِدْخَالَهُ المَنْزِلَ. شَعَرَ
الأَرْنَبُ بِالحُزْنِ، وَذَهَبَ يَبْحَثُ عَنْ مَكَانٍ يَنَامُ فِيهِ.
طَرَقَ
بَابَ السِّنْجَابِ الرَّمَادِيِّ، لَكِنَّهُ قَالَ:
"لَمْ أَرَ أَرْنَبًا بِجَنَاحَيْنِ مِنْ
قَبْلِ!" وَأَغْلَقَ البَابَ.
ثُمَّ تَوَجَّهَ إِلَى عُشِّ البَطَّةِ، لَكِنَّهَا
غَطَّتْ عُشَّهَا بِجَنَاحَيْهَا وَقَالَتْ:
"هَذَا أَمْرٌ غَرِيبٌ جِدًّا!"
وَأَخِيرًا، لَجَأَ إِلَى السَّيِّدِ جِرَاوْنْدْ هُوج،
فَسَمَحَ لَهُ بِالنَّوْمِ فِي حُفْرَتِهِ، لَكِنَّ الأَرْضَ كَانَتْ مَلِيئَةً
بِجَوْزِ الزَّانِ، مِمَّا جَعَلَ الأَرْنَبَ غَيْرَ مُرْتَاحٍ.
عِنْدَمَا
بَزَغَ الصَّبَاحُ، قَرَّرَ الأَرْنَبُ أَنْ يُجَرِّبَ جَنَاحَيْهِ. صَعِدَ إِلَى
قِمَّةِ تَلَّةٍ، وَفَتَحَ جَنَاحَيْهِ، وَانْطَلَقَ فِي الهَوَاءِ، لَكِنَّهُ
هَبَطَ فِي شُجَيْرَةٍ مَلِيئَةٍ بِالأَشْوَاكِ. تَشَابَكَتْ قَدَمَاهُ، وَبَدَأَ
يُنَادِي:
"أُمِّي! أُمِّي! تَعَالِي وَسَاعِدِينِي!"
لَمْ
تَسْمَعْهُ أُمُّهُ، لَكِنَّ السَّيِّدَ جِرَاوْنْدْ هُوج جَاءَ وَأَخْرَجَهُ مِنَ
الشُّجَيْرَةِ. عِنْدَهَا قَالَ الأَرْنَبُ:
"أُرِيدُ أَنْ أَتَخَلَّصَ مِنْ هَذِهِ
الأَجْنِحَةِ!"
أَرْشَدَهُ
السَّيِّدُ جِرَاوْنْدْ هُوجِ لِلْعَوْدَةِ إِلَى البِرْكَةِ وَتِكْرَارِ
الطُّقُوسِ، وَبِالفِعْلِ اخْتَفَتِ الأَجْنِحَةُ الحَمْرَاءُ. عَادَ الأَرْنَبُ
إِلَى مَنْزِلِهِ، وَعَرَفَتْهُ أُمُّهُ فَوْرًا وَاحْتَضَنَتْهُ بِسَعَادَةٍ.
وَمُنْذُ ذَلِكَ الحِينِ، لَمْ يَتَمَنَّ الأَرْنَبُ أَنْ يَكُونَ شَيْئًا غَيْرَ
نَفْسِهِ.
قصة وحكمة: البراهمي والنمر وابن آوى
قصة للأطفال: رانيا ومصباح الأمل
قصة وحكمة: صائد الطيور والطائر الأسود
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
مصدر الصُّوَر: 1
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق