التَّهَوُّرُ يَجلِبُ الخَرَابَ دَائِمًا
كانَ يَا مَا كانَ في قَديمِ الزَّمانِ، أَسَدٌ ضَخمٌ مَهِيبُ الهَيْبَةِ، يَجُوبُ البَرَارِيَ مَلِكًا لا يُنازَعُ. وَفي يَومٍ أَغْبَرَ، حَمَلَتْهُ خُطَاهُ إِلى مَزرَعَةٍ عامِرَةٍ بِالثِّيرَانِ وَالأَغْنَامِ، حَيثُ دَبَّتِ الحَيَاةُ في كُلِّ زَاوِيَةٍ وَرُكنٍ. ظَنَّ المزارِعُ، وَقَد أَخَذَتْهُ نَشوَةُ غُرورِهِ، أَنَّهُ قادِرٌ عَلَى الإِيقَاعِ بِالأَسَدِ العَظيمِ. فَأَغْلَقَ بَابَ المَزرَعَةِ خَلفَهُ بِإِحْكَامٍ، مُعتَقِدًا أَنَّهُ قَد نَالَ مِن مَلِكِ الغَابَةِ.
لَكِنَّ
الأَسَدَ، لَمَّا أَدْرَكَ أَنَّهُ صَارَ مُحَاصَرًا، اشتَعَلَ غَضَبُهُ
كَالنَّارِ في الهَشِيمِ. فَهَاجَمَ الأَغْنَامَ هُجُومَ الإِعصَارِ عَلَى الزَّرعِ،
لا يَترُكُ شَيْئًا إلَّا أَفْسَدَهُ، وَأَسَرَها واحِدَةً تِلوَ الأُخرَى بِلا
هَوَادَةٍ وَلا رَحْمَةٍ. ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى الثِّيرَانِ، فَكَانَ كَأَنَّمَا
أَرْسَلَتهُ الأَقدَارُ لِيَجْتَاحَ كُلَّ حَيٍّ في المَزرَعَةِ.
عِندَئِذٍ،
دَبَّ الرُّعبُ في قَلْبِ المَزارِعِ، وَأَحَسَّ بِالخَطَرِ الَّذي جَلَبَهُ
لِنَفسِهِ بِيَدِهِ. فَرَكَضَ مُسرِعًا إِلَى البَوَّابَةِ، وَفَتَحَها عَلَى
مِصْرَاعَيْها لِيُخَلِّصَ نَفسَهُ مِن غَضَبِ الأَسَدِ. وَمَا إِنْ غَادَرَ
المَلِكُ إِلَى البَرَارِي، حَتَّى نَظَرَ المَزارِعُ حَولَهُ، فَرَأَى مَشهَدًا
يَقطُرُ أَسًى وَنَدَامَةً: مَزرَعَةٌ خَالِيَةٌ، ثِيرَانٌ مَذبوحَةٌ، وَأَغْنَامٌ
هَالِكَةٌ.
وَفي
تِلكَ اللَّحْظَةِ، خَرَجَت زَوجَتُهُ مِنَ الدَّارِ، وَقَد شَهِدَت بِأُمِّ
عَينَيْها مَا كَانَ. قَالَتْ لَهُ بِلَهجَةٍ مَملُوءَةٍ بِالعِتابِ: "أَمَا
كُنتَ تَسمَعُ زَئِيرَ الأَسَدِ مِن بَعِيدٍ فَتَضْطَرِبُ أَوصَالُكَ خَوفًا؟
فَكَيْفَ ظَنَنتَ أَنَّ اصْطِيَادَهُ في حَظِيرَةٍ صَغِيرَةٍ سَيَكُونُ رَأيًا
سَدِيدًا؟ لَقَد جَلَبْتَ الخَرَابَ بِيَدِكَ، وَهَا أَنتَ الآنَ تَنظُرُ إِلَى
مَا صَنَعتَ دُونَ أَن تَجِدَ مَن تَلُومَهُ إِلَّا نَفسَكَ."
فَأَطرَقَ
المَزارِعُ رَأسَهُ، وَقَد أَدرَكَ أَنَّهُ دَفَعَ ثَمَنَ غُرورِهِ جَهلًا،
وَثَمَنَ تَهَوُّرِهِ دَمَارًا.
وَهَكَذَا، كَانَتِ الحِكَايَةُ دَرسًا نَاطِقًا لِمَن يَظُنُّ أَنَّ التَّهَوُّرَ يُسَاوِي القُوَّةَ، وَأَنَّ الغُرُورَ يُفضِي إِلَى النَّصْرِ. فَالأَسَدُ لا يَلِيقُ بِهِ الأَسْرُ، وَالمَزرَعَةُ لَيسَتْ مِيدَانًا لِلتَّحدِّي.
قصة وحكمة: البراهمي والنمر وابن آوى
قصة للأطفال: رانيا ومصباح الأمل
قصة وحكمة: صائد الطيور والطائر الأسود
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق