الْقِنَاعَاتُ لا تُخفِي الْحَقيقَةَ
كانت إِلِيزَابِيث تَقْفِزُ عَلَى الأَرِيكَةِ، وَمَا كَانَ يُفْتَرَضُ بِهَا أَنْ تَفْعَلَ. وَفِيمَا هِيَ تَقْفِزُ صَدَمَتْ حِصَانَ أُمِّهَا الأَزْرَقَ المَصْنُوعَ مِنَ الخَزَفِ وَأَوْقَعَتْهُ عَنِ الطَّاوِلَةِ دُونَ قَصْدٍ مِنْهَا. تَحَطَّمَ الحِصَانُ الأَزْرَقُ الخَزَفِيُّ حَالَ اصْطِدَامِهِ بِالأَرْضِ وَتَكَسَّرَ إِلَى ثَلاَثِ قِطَعٍ. فَشَعَرَتْ إِلِيزَابِيث بِالذَّنْبِ لأَنَّهَا كَسَرَتْ تِمْثَالَ أُمِّهَا، لِذَا حَمَلَتِ القِطَعَ الثَّلاَثَ وَوَضَعَتْهَا فِي عُلْبَةٍ وَأَخْفَتْهَا خَلْفَ الأَرِيكَةِ، لأَنَّهَا لَمْ تُرِدْ لأُمِّهَا أَنْ تَعْرِفَ بِمَا حَصَلَ. ثُمَّ اتَّجَهَتْ إِلَى غُرْفَتِهَا، فَقَدِ اعْتَقَدَتْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَخْتَبِئَ هِيَ أَيْضًا.
اخْتَبَأَتْ
إِلِيزَابِيث أَوَّلَ الأَمْرِ دَاخِلَ الخِزَانَةِ، لَكِنَّ المَكَانَ كَانَ
شَدِيدَ الظُّلْمَةِ وَهَوَاءُهُ مَكْبُوتٌ. فَقَرَّرَتْ أَنْ تَخْتَبِئَ خَلْفَ
السِّتَارَةِ، وَلَكِنَّهَا تَعِبَتْ مِنَ الوُقُوفِ لِفَتْرَةٍ دُونَ حَرَاكٍ.
فِي النِّهَايَةِ قَرَّرَتْ أَنْ تَخْتَبِئَ تَحْتَ السَّرِيرِ. وَكَانَ ذَلِكَ
المَخْبَأُ هُوَ الأَفْضَلَ.
سَمِعَتْ إِلِيزَابِيث
صَوْتَ أُمِّهَا وَهِيَ تُنَادِيهَا مِنَ الطَّابِقِ الأَسْفَلِ، لَكِنَّ
إِلِيزَابِيث لَمْ تُجِبْ لأَنَّهَا خَافَتْ مِنْ مُوَاجَهَةِ أُمِّهَا. وَفِيمَا
هِيَ تَحْتَ السَّرِيرِ تُفَكِّرُ فِي حَلٍّ يُنْقِذُهَا، تَحَرَّكَتْ قَلِيلاً
فَصَدَمَتْ صُنْدُوقًا مِنَ الكَرْتُونِ كَانَ بِجَانِبِهَا. تَذَكَّرَتْ
إِلِيزَابِيث فَجْأَةً بِأَنَّهَا احْتَفَظَتْ بِمَلاَبِسِهَا التَّنَكُّرِيَّةِ
فِي ذَلِكَ الصُّنْدُوقِ. فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ تَحْتِ السَّرِيرِ وَأَخَذَتْ
مِنْهُ قِنَاعَ الطَّائِرِ. لَقَدْ كَانَتْ سَعِيدَةً لأَنَّهَا وَجَدَتِ الحَلَّ.
رَفْرَفَتْ إِلِيزَابِيث
بِذِرَاعَيْهَا، كَأَنَّهُمَا جَنَاحَا الطَّائِرِ، حَتَّى وَصَلَتْ إِلَى أَعْلَى
الدَّرَجِ. حِينَئِذٍ صَاحَتْ مُخَاطِبَةً أُمَّهَا: (أَنَا السَّيِّدُ عُصْفُور،
وَإِنِّي أَعِيشُ هُنَا الآنَ).
فَقَالَتِ الأُمُّ،
وَقَدْ أَخْفَتِ التِّمْثَالَ المُحَطَّمَ خَلْفَ ظَهْرِهَا: (وَلَكِنْ أَيْنَ
إِلِيزَابِيث؟).
وَأَضَافَتِ الأُمُّ:
(إِنَّنِي أُحِبُّكَ كَثِيرًا أَيُّهَا السَّيِّدُ عُصْفُور، وَلَكِنِّي أُحِبُّ
إِلِيزَابِيث أَكْثَرَ. هَلْ رَأَيْتَ إِنْ كَانَتْ قَدْ عَادَتْ أَمْ لَا؟).
فَقَالَتْ إِلِيزَابِيث:
(سَأَذْهَبُ لِأَرَى). وَعَادَتْ إِلَى غُرْفَتِهَا ثَانِيَةً مُحَاوِلَةً
إِيجَادَ قِنَاعٍ يُعْجِبُ أُمَّهَا أَكْثَرَ مِنْ إِلِيزَابِيث. وَضَعَتْ
إِلِيزَابِيث قِنَاعًا آخَرَ ثُمَّ وَقَفَتْ بِأَعْلَى الدَّرَجِ وَقَالَتْ
لأُمِّهَا: (أَنَا القِرْدُ الصَّغِيرُ، وَأَقْدِرُ أَنْ أَقُومَ بِخُدَعٍ
مُسَلِّيَةٍ وَأُضْحِكَ النَّاسَ، فَهَلْ تُحِبِّينَنِي؟).
قَالَتِ الأُمُّ
وَمَازَالَتِ العُلْبَةُ الَّتِي بِدَاخِلِهَا التِّمْثَالُ المَكْسُورُ خَلْفَ
ظَهْرِهَا: (إِنَّنِي أُحِبُّكَ كَثِيرًا أَيُّهَا القِرْدُ الصَّغِيرُ،
وَلَكِنِّي أُحِبُّ إِلِيزَابِيث أَكْثَرَ. تُرَى أَلَمْ تَعُدْ بَعْدُ؟).
فَقَالَتْ إِلِيزَابِيث:
(سَأَذْهَبُ وَأَرَى). فَعَادَتْ إِلَى غُرْفَتِهَا مِنْ جَدِيدٍ، وَهَذِهِ
المَرَّةُ وَضَعَتْ قِنَاعَ الرَّاكُونِ وَذَيْلَهُ، مُعْتَقِدَةً أَنَّ هَذَا
الزِّيَّ سَيُعْجِبُ وَالِدَتَهَا أَكْثَرَ. وَعَادَتْ مَرَّةً أُخْرَى إِلَى
أَعْلَى الدَّرَجِ وَصَاحَتْ: (أَنَا المَامَا رَاكُون) ثُمَّ حَاوَلَتْ أَنْ تُفْكِّرَ
فِي شَيْءٍ تَفْعَلُهُ مَامَا الرَّاكُون، وَفَجْأَةً قَالَتْ: (لَقَدْ عَرَفْتُ!
إِنَّنِي أَغْمِسُ طَعَامِي فِي المَاءِ حِينَ آكُلُ، فَهَلْ تُحِبِّينَنِي؟).
قَالَتِ الأُمُّ
وَالعُلْبَةُ خَلْفَ ظَهْرِهَا: (أَنَا أُحِبُّكِ كَثِيرًا، وَلَكِنْ أَلَنْ
تَعُودَ إِلِيزَابِيث أَبَدًا؟).
فَأَجَابَتْ
إِلِيزَابِيث فِي حَيْرَةٍ: (لَا أَعْلَمُ! هَلْ حَقًّا تُحِبِّينَ إِلِيزَابِيث
أَكْثَرَ مِنَ السَّيِّدِ عُصْفُور وَالقِرْدِ الصَّغِيرِ وَمَامَا الرَّاكُون؟).
فَقَالَتِ الأُمُّ:
(نَعَمْ، فَإِلِيزَابِيث هِيَ ابْنَتِي وَسَوْفَ أَظَلُّ أُحِبُّهَا مَهْمَا
حَصَلَ).
فَقَالَتْ إِلِيزَابِيث:
(وَلَكِنْ بِاسْتِطَاعَةِ السَّيِّدِ عُصْفُور وَالقِرْدِ الصَّغِيرِ وَالمَامَا
رَاكُون أَنْ يَفْعَلُوا أَشْيَاءً كَثِيرَةً!!).
فَقَالَتِ الأُمُّ:
(وَكَذَلِكَ إِلِيزَابِيث، وَبِاسْتِطَاعَتِهَا أَنْ تَفْعَلَ شَيْئًا لَا
يَقْدِرُونَ عَلَى القِيَامِ بِهِ).
فَتَسَاءَلَتْ
إِلِيزَابِيث: (مَا ذَلِكَ الشَّيْءُ؟).
فَأَجَابَتِ الأُمُّ:
(بِاسْتِطَاعَتِهَا أَنْ تُسَاعِدَنِي عَلَى إِصْلَاحِ تِمْثَالِي). وَأَظْهَرَتِ
العُلْبَةَ الَّتِي كَانَتْ خَلْفَ ظَهْرِهَا. فَهَلَّتْ إِلِيزَابِيث وَقَالَتْ:
(أَنَا أُسَاعِدُكِ، أَنَا أُسَاعِدُكِ)، وَأَسْرَعَتْ بِاتِّجَاهِ أُمِّهَا
وَقَدْ سَقَطَ القِنَاعُ عَنْ وَجْهِهَا، ثُمَّ أَضَافَتْ: (... وَأَنَا أُحِبُّكِ
أَيْضًا يَا أُمِّي).
دلال
سالم
قصة للأطفال: العصفورتان والنسمة الطيبة
قصة ملهمة: التراب يتحول إلى ذهب
قصة أسطورة: لغز البئر المهجورة
قصة للأطفال: رامبلستيلتسكين والملك وابنة الطحّان
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
المصدر: 1
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق