مفاجأة
كان الغزال (أَلْدو) مُتَضَايِقًا. إنَّه يَعْرِفُ أنَّ
في هَذَا اليومِ مُنَاسَبَةً خَاصَّةً جِدًّا، ومَعَ ذَلِكَ فَقَدْ نَسِيَ هَذِهِ
المُنَاسَبَةَ.
ضَرَبَ بِكَفِّ قَدَمِهِ أَرْضَ حَظِيرَتِهِ المَصْنُوعَةِ مِنْ شَجَرِ الصَّنَوْبَرِ وَالعُلَّيْقِ، وَحَاوَلَ أَنْ يَتَذَكَّرَ، وَحِينَ لَمْ يَسْتَطِعْ، قَالَ: سَأَذْهَبُ إِلَى صَدِيقِي الدُّبِّ الصَّغِيرِ، رُبَّمَا يَعْرِفُ لِمَاذَا هَذَا اليَوْمُ خَاصٌّ جِدًّا.
كَانَ الدُّبُّ يَقِفُ عِنْدَ شَجَرَةٍ عَالِيَةٍ،
اعْتَادَ سِرْبٌ مِنَ النَّحْلِ أَنْ يَضَعَ عَسَلَهُ فِي فَجْوَةٍ فِيهَا.
وَاعْتَادَ الدُّبُّ أَنْ يَمُدَّ يَدَهُ وَيَأْخُذَ العَسَلَ وَيَأْكُلَهُ،
لَكِنْ فِي هَذَا اليَوْمِ لَمْ يَأْكُلِ الدُّبُّ العَسَلَ، بَلْ كَانَ يَضَعُهُ
فِي دَلْوٍ مَصْنُوعٍ مِنْ لِحَاءِ الشَّجَرِ، وَيُغَنِّي بِصَوْتِهِ العَمِيقِ:
كُلُّ مَنْ فِي الغَابَةِ يَقُولُ:
اِحْضِرْ عَسَلًا اليَوْمَ
فَهُنَاكَ مُنَاسَبَةٌ خَاصَّةٌ جِدًّا.
وَحِينَ سَمِعَ الغَزَالُ قَادِمًا، أَخْفَى الدَّلْوَ
وَرَاءَ الشَّجَرَةِ.
سَأَلَهُ الغَزَالُ بِرِيبَةٍ: مَا الَّذِي تُخْفِيهِ
وَرَاءَ تِلْكَ الشَّجَرَةِ؟
قَالَ الدُّبُّ: لَا أُرِيدُكَ أَنْ تَرَاهُ. إِنَّهُ
مُفَاجَأَةٌ. فَاليَوْمَ هُنَاكَ مُنَاسَبَةٌ خَاصَّةٌ جِدًّا.
قَالَ الغَزَالُ: هَذَا بِالضَّبْطِ مَا أَرَدْتُ أَنْ
أَسْأَلَكَ عَنْهُ، مَا هِيَ هَذِهِ المُنَاسَبَةُ الخَاصَّةُ؟
قَالَ الدُّبُّ بِدَهْشَةٍ: أَلَا تَعْرِفُ؟
رَدَّ الغَزَالُ: بِالطَّبْعِ لَا أَعْرِفُ وَإِلَّا
لِمَا سَأَلْتُكَ!
بَدَأَ الدُّبُّ الصَّغِيرُ يَضْحَكُ وَيَضْحَكُ حَتَّى
وَقَعَ عَلَى الأَرْضِ، وَأَخِيرًا نَهَضَ يَفْرُكُ عَيْنَيْهِ بِكَفَّيْهِ
قَائِلًا: يَا إِلَهِي يَا أَلْدو... هَذَا أَمْرٌ مُضْحِكٌ.
وَلَمْ يُخْبِرِ الغَزَالَ بِخُصُوصِيَّةِ هَذَا
اليَوْمِ عَلَى الرَّغْمِ مِنْ مُحَاوَلَاتِ الغَزَالِ العَدِيدَةِ. قَالَ
الغَزَالُ أَخِيرًا: مَادُمْتَ لَنْ تُخْبِرَنِي، سَأَذْهَبُ إِلَى صَدِيقِي
الأَرْنَبِ... فَهُوَ الَّذِي سَيُخْبِرُنِي.
وَاتَّجَهَ إِلَى الأَرْنَبِ فِي مَزْرَعَةٍ قَرِيبَةٍ.
كَانَ هُنَاكَ حَقْلٌ مِنَ الخُضْرَاوَاتِ بِجَانِبِ صَفٍّ مِنْ سِيقَانِ القَمْحِ
الطَّوِيلَةِ. وَكَانَ الأَرْنَبُ قَدِ اقْتَلَعَ عِدَّةَ جَزَرَاتٍ جَعَلَهَا فِي
كَوْمَةٍ بِجَانِبِهِ. وَبَدَتْ عَلَيْهِ السَّعَادَةُ وَهُوَ يُغَنِّي:
اِبْدَؤُوا العَزْفَ يَا أَصْدِقَاءُ
فَالجَزَرُ جَاهِزٌ
لِلمُنَاسَبَةِ الخَاصَّةِ جِدًّا.
اِرْتَفَعَتْ أُذْنَاهُ حِينَ سَمِعَ أَحَدًا يَقْتَرِبُ.
خَبَّأَ الجَزَرَ خَلْفَ سِيقَانِ سَنَابِلِ القَمْحِ. قَالَ الغَزَالُ: مَا
الَّذِي تُخْفِيهِ خَلْفَ سِيقَانِ سَنَابِلِ القَمْحِ؟
اِحْمَرَّتْ أُذْنَا الأَرْنَبِ وَقَالَ: لَا يُمْكِنُ
أَنْ أُخْبِرَكَ، فَلَا أَحَدَ يَحْكِي عَنِ المُفَاجَأَةِ فِي يَوْمٍ خَاصٍّ
جِدًّا.
قَالَ الغَزَالُ: لَنْ أَسْأَلَكَ عَمَّا تُخْفِيهِ...
لَكِنْ أَخْبِرْنِي مَا هِيَ هَذِهِ المُنَاسَبَةُ الخَاصَّةُ اليَوْمَ؟
قَالَ الأَرْنَبُ دَهِشًا: أَلَا تَعْرِفُ؟
قَالَ الغَزَالُ بِحُزْنٍ: صِدْقًا لَا أَعْرِفُ.
قَفَزَ الأَرْنَبُ فِي الهَوَاءِ، ضَارِبًا بَطْنَهُ
بِيَدَيْهِ، قَائِلًا: هَذِهِ مُفَاجَأَةٌ مُدْهِشَةٌ، لَنْ أُخْبِرَكَ مَا هِيَ
خُصُوصِيَّةُ هَذَا اليَوْمِ.
قَالَ الغَزَالُ غَاضِبًا: سَأَذْهَبُ إِلَى صَدِيقِي
فَأْرِ المَاءِ (الرَّاكُونِ) لِيُخْبِرَنِي عَنْ هَذَا اليَوْمِ.
كَانَ الرَّاكُونُ جَالِسًا تَحْتَ شَجَرَةِ بَرْقُوقٍ
تَنْمُو عِنْدَ مَجْرَى مَاءٍ صَغِيرٍ، وَكَانَ قَدْ جَمَعَ بَعْضَ ثِمَارِ
البَرْقُوقِ وَغَسَلَهَا بِالمَاءِ وَهُوَ يُغَنِّي:
كُلُّ شَخْصٍ سَعِيدٌ
وَالكُلُّ فِي سُرُورٍ
فَسَيَكُونُ هُنَاكَ بَرْقُوقٌ لِلمُنَاسَبَةِ الخَاصَّةِ.
وَحِينَ سَمِعَ خُطُوَاتٍ تَقْتَرِبُ، أَخْفَى
البَرْقُوقَ تَحْتَ وَرَقَةِ زَنْبَقٍ عَلَى جَانِبِ مَجْرَى المَاءِ.
قَالَ الغَزَالُ: أَنْتَ تُخْفِي شَيْئًا أَيْضًا...!
قَالَ الرَّاكُونُ: عَلَى المَرْءِ أَنْ يُخْفِيَ
المُفَاجَأَةَ، وَإِلَّا لَنْ تَكُونَ مُفَاجَأَةً فِي يَوْمٍ خَاصٍّ جِدًّا.
قَالَ الغَزَالُ: أَرْجُوكَ يَا رَاكُونُ، أَخْبِرْنِي
مَا هِيَ هَذِهِ المُنَاسَبَةُ الخَاصَّةُ؟
بَدَأَ الرَّاكُونُ يَضْحَكُ، وَيُصَفِّقُ بِيَدَيْهِ،
قَائِلًا: لَنْ أُخْبِرَكَ... لَكِنَّكَ سَتَعْرِفُ بَعْدَ قَلِيلٍ.
أَصْبَحَ الغَزَالُ الآنَ غَاضِبًا جِدًّا. قَالَ: لَا
يُهِمُّنِي اليَوْمُ وَمَا يَحْمِلُهُ مِنْ مُنَاسَبَةٍ خَاصَّةٍ، إِنَّهُ يَوْمٌ
لَيْسَ فِيهِ مَرَحٌ، وَلَا يُهِمُّنِي مَا تُخْفِيهِ، وَأَعْتَقِدُ أَنَّ
طَعْمَهُ لَيْسَ جَيِّدًا.
تَشَمَّمَ الهَوَاءَ بِمَنْخِرَيْهِ، وَسَارَ، حَزِينًا،
إِلَى مَنْزِلِهِ المَصْنُوعِ مِنْ شَجَرِ الصَّنَوْبَرِ وَالعُلَّيْقِ قَائِلًا
لِنَفْسِهِ: سَأَعْمَلُ يَوْمًا خَاصًّا جِدًّا لِي، وَلَنْ أُخْبِرَ أَحَدًا
بِهِ. وَسَأُحْضِرُ طَعَامًا خَاصًّا جِدًّا، وَلَنْ أَدْعُوَ أَحَدًا إِلَى عِيدِ
مِيلَادِي. عِيدِ مِيلَادِي؟ وَاسْتَلْقَى الغَزَالُ دَهِشًا، إِنَّ اليَوْمَ
الخَاصَّ جِدًّا هُوَ عِيدُ مِيلَادِهِ، وَقَدْ نَسِيَ ذَلِكَ تَمَامًا. وَقَبْلَ
أَنْ يَنْهَضَ لِيَخْرُجَ مِنْ بَابِ بَيْتِهِ، كَانَ الدُّبُّ الصَّغِيرُ
وَالأَرْنَبُ وَالرَّاكُونُ عَلَى البَابِ يَقُولُونَ: (عِيدُ مِيلَادٍ سَعِيدٌ
يَا أَلْدو). الدُّبُّ أَحْضَرَ العَسَلَ، وَالأَرْنَبُ أَحْضَرَ الجَزَرَ،
وَالرَّاكُونُ أَحْضَرَ البَرْقُوقَ. وَبَدَؤُوا الاِحْتِفَالَ.
قَالَ الغَزَالُ: إِنَّهَا مُنَاسَبَةٌ خَاصَّةٌ جِدًّا،
عَجِيبَةٌ فِي البِدَايَةِ، ثُمَّ سَعِيدَةٌ فِي النِّهَايَةِ، وَتَحَوَّلَتْ فِي
النِّهَايَةِ إِلَى أَفْضَلِ عِيدِ مِيلَادٍ لِي... شُكْرًا يَا أَصْدِقَائِي.
أَحْمَدُ عُمَرُ شَاهِين
قصة للأطفال: الصياد والسمكة الصغيرة
قصة للأطفال: المزارع والسمكة الذهبية
قصة وحكمة: اصبر ولا تجبر نفسك على الإسراع
قصة وحكمة: اجعل خصمك سجين الانتظار
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
المصدر: 1
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق