كان
الشاعر جرير من أشهر شعراء العرب وقد حباه الله بالموهبة، وسرعة البديهة، والقدرة
الهائلة على المدح والذم حتى قيل إنه لا أحد يمكنه هزيمة جرير.
مَرّ به رجلٌ وسأله: من أشعر الناس يا جرير؟ فنهض جرير
وأخذ بيد الرجل قائلاً: تعال لأُعَرِّفَكَ الجواب.
فأخذ بيدِ الرجل حتى وصلَ حيثُ كهلٍ ينحني تحت عنزةٍ
وجعلَ يرضَعُ ضَرْعَها في شغفٍ وبلا صوت. فنادى جرير الكهلَ، فرفع رأسَه وكان
دميماً وقبيحاً ورَثَّ الثياب يسيلُ لبنُ العنزة على لحيته المصبوغة بالحنّاء
والتي تزيده قبحاً على قبح.
قال
جرير للرجل: أتعرف من هذا؟
فأجابه:
لا.
قال:
هذا أبي. وهل تدري لماذا يَمُصُّ ضَرْع العنزة؟
قال
الرجل: لا.
قال
جرير: لِبُخله وخِسَّتِه فإنه يخشى أن يُسمعُ صوتُ الحليب، فربما طلب الناسُ بعضاً
منه.
صمتَ
جرير لحظات، تَنَهَّدَ بعدها وملأ صدره بهواء الصحارى وقال للرجل مفاخراً: أَشعَرُ
الناسِ قاطبةً من فَاخَرَ بمثل هذا الأب- البائس، البخيل، النكرة- ثمانين شاعراً
وقارعهم فغلبهم جميعاً.
إقرأ أيضاً
للمزيد
أيضاً وأيضاً
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق