الاثنين، 3 نوفمبر 2014

• قصة للأطفال: النبتة من فأل سيء إلى حظ حسن

الأجراس البنفسجية 
"العَقْرَبَةُ"، اِسْمٌ مُخِيْفٌ، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟ لَكِنَّهُ لَطِيْفٌ، حِيْنَ تَعْرِفُوْنَ بَأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلى اِسْمِ نَبْتَةٍ جَمِيْلَةٍ، هَذِهِ النَّبْتَةُ، التَّي وَضَعْتُ أَصِيْصَهَا أَمَامَ جَارَتِنَا (سَلْمَى) عِنْدَمَا كَانَتْ تَزُوْرُنَا، نَظَرَتْ إِليَّ مُبْتَسِمَةً، وهِيَ تَقُوْلُ: اِنْتَبِهْ ـ يَا صَافِي، إِنَّ هَذِهِ النَّبْتَة غَيْرُ مُستْحَبَّةٍ لَدَى الكَثِيْرِيْنَ، إِنَّهَا تَجْلِبُ الحَظَّ السَّيِّئَ، والمَصَائِبَ أَيْضَاً.

          تَلَمَّسْتُ فُرُوْعَ النَّبْتَةِ، المُتَشَابِكَةَ، والمُنْحَنِيَةَ، التي تَمْتَدُّ أَوْرَاقُهَا بِشَكْلٍ طُوْليّ، فَتَنْمُو مُتَلاصِقَةً، الوَاحِدَةُ تِلْوَ الأُخْرَى، وكُلُّ وَرَقَةٍ بِحَجْمِ عُقْلَتَيْ إِصْبَعٍ، قُلْتُ، وَأَنَا مَازِلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهَا بِحُبٍّ: صَدِّقِيْنِي يَا سَلْمَى النَّبْتَةُ لا ذَنْبَ لَهَا بِمِثْلِ هَذِهِ الخُرَافَاتِ والأَوْهَامِ.
          مَسَحَتْ سَلْمَى عَلَى رَأْسِيْ بِحَنَانٍ، وهِيَ تَقُوْلُ: هَذِهِ النَّبْتَةُ ذَاتُ فَأْلٍ سَيِّئٍ يَا «صَفْصَفْ» صَدِّقْنِيْ، الكَثِيْرُوْنَ يَعْتَقِدُوْنَ بِذَلِكَ، وَطَلَبَتْ مِنِّي أَنْ أَرْمِيَهَا خَارِجَ المَنْزِلِ.
          حَمَلْتُ الأَصِيْصَ بِحُزْنٍ، وَأَنَا أَتَذَكَّرُ الحُكْمَ نَفْسَهُ، الذِيْ وُجِّهَ إِلَى نَبْتَةِ (أُذُنَي الأَرْنَبِ) لَكِنْ، أُصْدِقُكُم القَوْلَ، لَمْ أَرْمِ بِالأَصِيْصِ بَعِيْدَاً، بَلْ وَضَعْتُهُ فِي شُرْفَةِ المَنْزِلِ، وَأَخْفَيْتُهُ خَلْفَ النَّبَاتَاتِ الكَثِيْفَةِ الأَوْرَاقِ، لَكِنْ، فِي مَكَانٍ مُعَرَّضٍ لأَشِعَّةِ الشَّمْسِ. عِنْدَ الصَّبَاحِ، رَنَّ الهَاتِفُ، أَخِيْ سَعْدُ بَشَّرْنَا بِخَبَرٍ مُفْرِحٍ، لَقَدْ فَازَ بِالمَرْكَزِ الأَوَّلِ في مُسَابَقَةِ الشِّعْرِ.
          في اليَوْمِ التَّالِيْ، اِحْتَفَلْنَا جَمِيْعَاً، أَبِيْ نَجَحَ في اِخْتِرَاعِ مَحَطَّةٍ كَهْرُبَائِيَّةٍ صَغِيْرَةٍ، تُضِيْءُ مَزْرَعَتَنَا فَقَطْ.
          بَعْدَ عِدَّةِ أَيَّامٍ، عَادَ أَخِيْ رَامِز مِنَ السَّفَرِ، وَقَرَّرَ أَلا يُغَادِرَنَا أَبَدَاً، لأَنَّهُ وَجَدَ أَنَّ بلدنا، هِيَ أَجْمَلُ بَلَدٍ فِي العَالَمِ.
          هبّتْ نَسَمَاتٌ رَبِيْعِيّةٌ، عِنْدَمَا فَتَحْتُ البَابَ لِجَارَتِنَا سَلْمَى، ضَحِكَتْ قَائِلَةً: أَرَأَيْتَ يَا صَافِيْ لَقَدْ فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ بَابَ السَّعْدِ، بَعْدَمَا رَمَيْتَ نَبْتَة (العَقْرَبَةِ) بَعِيْدَاً.
          اِبْتَسَمْتُ لَهَا، وَأَنَا أَقُوْلُ: اِنْتَظِرِيْنِيْ دَقِيْقَةً مِنْ فَضْلِكِ، عِنْدِيْ لِكِ مُفَاجَأَةٌ، عُدْتُ، وَأَنَا أَحْمِلُ أَصِيْصَ النَّبْتَةِ، وَقَدْ تَدَلَّى مِنْهَا العَدِيْدُ مِنَ الأَزَاهِيْرِ البَنَفْسَجِيَّةِ الَّتي تُشْبِهُ الأَجْرَاسَ.
          وَقَفَتْ سَلْمَى مَذْهُوْلَةً مَنْ رُؤْيَتِهَا، رَاحَتْ تَتَحَسَّسُهَا بَأَنَامِلِهَا، تُسَبِّحُ الخَالِقَ عَلَى حُسْنِ إِبْدَاعِهِ، قَالَتْ مُبْتَسِمَةً: لَمْ تَرْمِهَا إِذَن! أَعْتَرِفُ لَكَ بأَنَّنِيْ لم أَكُنْ أَعْلَمُ أَنَّ لِهَذِهِ النَّبْتَةِ أَزَاهِيْرَ رَائِعَةً، ضَعِ الأَصِيْصَ عَلَى المِنْضَدَةِ، واذْهَبْ لِتُحَضِّرَ لَنَا إبريقاً من الشاي، كي نَشْرَبَهُ بِجَانِبِ الأَجْرَاسِ البَنَفْسَجِيِّةِ.


تابعونا على الفيس بوك وتويتر
مواضيع تهم الطلاب والمربين والأهالي
قصص للأطفال وحكايات معبّرة
إقرأ أيضًا

 

للمزيد





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق