شفاء
ذَاتَ
مَسَاء، أَحَسَّتْ لَيْلَى بِارْتِفَاعٍ في حَرَارَةِ رَأْسِهَا، وَوَهَنٍ في
جَسَدِهَا، فَاسْتَسْلَمَتْ لِلْفِرَاش.
بَقِيَتْ طَرِيحَةَ الفِرَاشِ إِلَى أَنْ عَادَتْ أُمُّهَا إِلَى الْبَيْتِ مِنْ عَمَلِهَا فَوَجَدْتْهَا عَلَى تِلْكَ الْحَال.
جَسَّتْ
أُمُّ لَيْلَى جَبِينَهَا بِظَاهِرِ أَصَابِعِ يَدِهَا، فَوَجَدَتْ حَرَارَتَهَا
مُرْتَفِعَةً، وَعَرَفَتْ أَنَّهَا مَحْمُومَة، فَسَأَلَتْهَا:
بِمَاذا
تَشْعُرِينَ يَا ابْنَتِي؟
رَدَّتْ
لَيْلَى عَلَى أُمِّهَا وَهِيَ تَتَألم:
أَشْعُرُ
بِالحَرَارَةِ في سَائِرِ جَسَدِي، وَبِإعَيَاءٍ شَدِيد.
قَالَتْ
لَهَا أُمُّهَا مُوَاسِيَةً:
لاَ
بَأْسَ عَلَيْكِ يَا ابْنَتِي.
ذَهَبَتْ
أُمُّ لَيْلَى إِلَى الصَّيْدَلِيَّةِ الْمَنْزِلِيَّة، وَأَخَذَتْ عُلْبَةَ
دَوَاءٍ مُخَفِّفٍ للْحَرَارَة، فَأَخْرَجَتْ مِنْهَا غِلاَفًا مَزَّقَتْهُ ثُمَّ
وَضَعَتْ مُحْتَوَاهُ فِي كُوبٍ بِهِ مَاءٌ، وَحَرَّكَتْهُ بِمِلْعَقَةٍ. جَاءَتْ
بِالكُوبِ إِلَى لَيْلَى فَأَشْرَبَتْهَا مَا فيه، ودَعَتْهَا لِلاِسْتِرْخَاءِ
ومُحَاوَلَةِ النَّوْم.
ذَهَبَتْ
أُمُّ لَيْلَى إِلَى الْمَطْبَخِ لِتَحْضِيرِ الْعَشَاء، وَكَانَ بَالُهَا
مَشْغُولاً بِمَا تُعَانِيهِ ابْنَتُهَا مِنَ ارْتِفَاعٍ في الحَرَارة. أَعَدَّتْ
لَهَا شُرْبَةً مِنْ مَسْحُوقِ الخُضَر، وَرَجَتْ أَنْ تُقَوِّيَ الشُّرْبَةُ
جَسَدَهَا لِيُقَاوِمَ ارْتِفَاعَ الحَرَارَة.
أَطَلَّتْ
أُمُّ لَيْلَى عَلَى ابْنَتِهَا فَوَجَدَتْهَا تَئِنُّ وَهِيَ تَتَقَلَّبُ في
فِرَاشِهَا. سَأَلَتْهَا:
بِمَاذَا
تَشْعُرِينَ يا ابْنَتِي؟
رَدَّتْ
عَلَيْهَا لَيْلَى:
أَشْعُرُ
بِأَلَمٍ فِي بَطْنِي يا أُمِّي.
أَعَدَّتْ
أُمُّ لَيْلَى شَرَابَ الْبَابُونَجِ الْمُزِيلِ لِلْمَغَص، وَسَقَتْ ابْنَتَهَا
مِنْهُ مُنْتَظِرَةً أَنْ يَزُولَ مَا تَشْعُرُ بِهِ لَيْلَى مِنْ أَلَمٍ في
بَطْنِهَا.
عَادَ
وَالِدُ لَيْلَى مِنْ عَمَلِه، فَأَخْبَرَتْهُ وَالِدَتُهَا بِحَالِهَا، هَرَعَ
الْأَبُ إِلَى غُرْفَةِ لَيْلَى لِيَتَفَقَّدَهَا، فَرَآهَا مُحْمَرَّةَ
الْوَجْنَتَيْن، تَبْدُو كَأَنَّهَا غَائِبَةٌ عَنِ الوُجُود.
قَلِقَ
وَالِدُ لَيْلَى عَلَى حَالَتِهَا الصِّحِّيَّة، وَقَرَّرَ نَقْلَهَا إِلَى
الْمُسْتَشْفَى. لَكِنَّ وَالِدَتَهَا طَلَبَتْ مِنْهُ أَلاَّ يَتَعَجَّلَ في
الأَمْر، فَسَيَكُونُ خَيْرًا إِنْ شَاءَ الله.
جَاءَتْ
أُمُّ لَيْلَى إِلَى ابْنَتِهَا بِشُرْبَةِ الخُضَر، وَأَخَذَتْ تُحَاوِلُ أَنْ
تَسْقِيَهَا مِنْهَا، لَكِنَّ لَيْلَى كَانَتْ تَتَأَلَّم، وَلاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ
تَرْشُفَ شُرْبَةَ الخُضَرِ مِنَ الْمِلْعَقَة.
رَقَّ
الأَبَوَانِ لِحَالِ لَيْلَى، وَقَرَّرَا نَقْلَهَا إِلَى مِصَحَّةٍ قَرِيبَةٍ
مِنَ البَيْت. أَلْبَسَتْهَا وَالِدَتُهَا لِبَاسًا وَاقِيَاً مِنَ الْبَرْد،
وَهَرَعَ وَالِدُهَا يَحْمِلُهَا بَيْنَ ذِرَاعَيْهِ لِيَضَعَهَا فِي الْمَقْعَدِ
الخَلْفِيِّ لِسَيَّارَتِه، فَجَلَسَتْ أُمُّهَا بِجِوَارِهَا، وَسَاقَ الوَالِدُ
السَّيَّارَةَ بِسُرْعَة، وَهُوَ يَحْذَرُ أَخْطَارَ الطَّرِيق، فِي اتِّجَاهِ
الْمِصَحَّة.
تَلَطَّفَ
الطَّبِيبُ مَعَ لَيْلَى، ثُمَّ كَشَفَ عَنْهَا، وَقَاسَ حَرَارَتَهَا بِوَاسِطَةِ
مِقْيَاسِ الحَرَارَة، كَمَا جَسَّ نَبَضَاتِ قَلْبِهَا بِوَاسِطَةِ الْمِجَس.
أَخْبَرَتْهُ
وَالِدَتُها بِأَنَّهَا تَشْكُو مِنْ أَلَمٍ فِي بَطْنِهَا، وَأَنَّهَا مُنْذُ
لًيْلَةِ الْبَارِحَةِ أَخَذَتْ تَقِيءُ مَا تَتَنَاوَلُهُ مِنْ طَعَام.
وَضَعَ
الطَّبِيبُ رُؤُوسَ أَصَابِعِه عَلى مَكَانِ الْمَعِدَة، وَضَغَطَ قَلِيلاً،
فَلَمْ تَتَأَلَّمْ لَيْلَى، ثُمَّ وَضَعَ رُؤُوسَ أَصَابِعِهِ عَلَى مَكانِ
الْأَمْعَاءِ وَضَغَطَ قَلِيلاً، فَتَأَلَّمَت. اِبْتَسَمَ وَقَالَ لِوَالِدَيْهَا:
_
اِلْتِهَابٌ بَسِيطٌ فِي الْأَمْعَاء.
عَادَ
إِلَى مَكْتَبِهِ وَأَخَذَ يَكْتُبُ وَصْفَةَ الدَّوَاء. شَرَحَ لِوَالِدَيْ
لَيْلَى قَائِلاً:
_
الدَّوَاءَ هُوَ شَرَابٌ مُكَوَّنُ مِنْ مُضَادٍّ
لِلْبَكْتِيرْيَا وَأَنْوَاعِ الْجَرَاثِيم، وَعَلَيْهَا أَنْ تَتَنَاوَلَ مِنْهُ
مِلْعَقَةً ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فِي الْيَوْم، لِمُدَّةِ خَمْسَةِ أَيَّام.
سَأَلَ
وَالِدُ لَيْلَى الطَّبِيبَ:
_
وَمَا السَّبَبُ فِي مَا أَصَابَهَا يَا دُكْتُور؟
رَدَّ
الطَّبِيبُ:
_
يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ قَدْ تَنَاوَلَتْ حَلْوَى
فَاسِدَة أَوْ مُثَلَّجَاتٍ مُتَعَفِّنَة.
ثُمَّ
ابْتَسَمَ وَقَال:
_
لاَ تَقْلَقَا عَلَى حَالَتِهَا الصِّحِّيَّة.
سَتُشْفَى بِإِذْنِ الله.
فِي
الْغَدِ بَدَأَتْ ليْلَى تَتَعَافَى، وَعَادَ إِلَيْهَا نَشَاطُهَا كَمَا عَادَتْ
إِلَيْهَا حَيَوِيَّتُهَا بَعْدَ أَنْ زَالَ الْمَغَصُ وَأَصْبَحَتْ حَرَارَتُهَا
عَادِيَّة. قَالَتْ لَهَا وَالِدَتُهَا:
الحَمْدُ
لِلَّهِ عَلَى سَلاَمَتِكِ يَا لَيْلَى.
وَقَالَ
لَهَا وَالِدُهَا:
_
نُهَنِّئُكِ بِالسَّلاَمَةِ يَا ليْلَى.
ضَحِكَتْ
وَقَالَتْ:
_
أَنَا بِخَيْر، بِفَضْلِ رِعَايَتِكُمَا وَعِنَايَةِ
الطَّبِيب.
عَادَتِ
الْأَسْرَةُ إِلَى حُبُورِهَا، وَانْتَعَشَتْ لَيْلَى بِحُبِّ وَالِدَيْهَا،
فَبَادَلَتْهُمَا حُبًّا بِحُبّ.
بواسطة
محمد عز الدين التازي
مواضيع تهم الطلاب والمربين
والأهالي
إقرأ أيضاً
قصة للأطفال: مولود جديد في البيت
قصة للأطفال: السمكة في بيت الصياد
قصة للأطفال: السّلحفاة والصيّاد
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7
مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على
المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل
المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن
شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة
شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث
عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات
وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات
وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق