السبت، 9 يوليو 2022

• قصة للأطفال: ترويقتي الصباحية


جدول أكل

في السوق القديم، حيث أسكن في مدينتي، وسط حيّ شعبي، أستيقظ غداة كل صباح على رائحة القهوة تنبعث من مطبخنا الصغير- قهوة تركيّة يغليها والدي في ركوته النحاسيّة الصغيرة.

وبعد دقائق تختلط الروائح المتصاعدة من كل حدب وصوب متسارعة في توليفة زكيّة إلى أنفي لتوقظني، وترغبني في الطعام، فأقفز من سريري مرحّبةً بالصباح الجديد، وبأطايب سوقنا.

على كثرة هذه المأكولات صرت أضع روزنامة لأُجدْول أيامي بما سآكل في كل صبح.

البارحة، يوم عطلتي المدرسيّة، كانت ترويقتي «فول مدمّس» و«بليلة» مع الخضار الشهيّة... أمّا اليوم فموعدي سيكون مع المنقوشة.

اغتسلت وقمت بواجباتي وأسرعت إلى أمي ملقيةً عليها السلام.. تفهم مُبتغاي قبل أن أتابع:

- تريدين أن تنزلي إلى السوق قبل الذهاب إلى المدرسة أليس كذلك؟... حسناً هيّا بنا كي لا تتأخّري.

حملت محفظة كتبي على ظهري وتأبّطت محفظة نقودي الصغيرة لأدفع من مصروفي ثمن المنقوشة.

نزلنا أدراج بنايتنا الهرمة وسرنا في الزّاروب الضّيّقة مارّين بمحاذاة مطعم الفول حيث أكلنا البارحة، كما تجاوزنا فرن الكعك العربي فهمست لأمي أن يوم غد سيكون «يوم الكعك»؛ ما أشهاها هذه الكعكة المدوّرة المرشوشة بالسمسم وفي جوفها سمّاق - بطعمه الحامض المسيل للّعاب -، وصعتر بلدي والذي يُقال عنه إنه يفتح الذهن وينمّي الذكاء - .... نعم لأجل كل ذلك لن أوفّرك غداً، إن شاء الله، يا كعكة!

أسرعت الخطى بعد أن سبقتني أمي بضع خطوات لنتجمّع مع حشد من المنتظرين يتزاحمون أمام فرن المناقيش. الكلّ على عجلة من أمره، كباراً وصغاراً، يتحضّرون للذهاب إلى المدرسة أو العمل.

هنا صاج مُدّت عليه أرغفة صغيرة وسميكة دُهنت بالزيت والصعتر، وأخرى بالفليفلة الحمراء المتبّلة مع الكشك وفي الداخل فرن يعمل على الغاز أُدخلت إليه الأرغفة لتُشوى بناره: «لحمة بعجين»، جبنة، جبنة مع صعتر وفطائر بالسبانخ وأخرى بالأعشاب البرية النافعة.

أمطُّ رقبتي الصغيرة كي أرى أكثر.. لكن دوري لن يأتي بعد، ما جعلني أتبرّم وأبحث عما يرضي حشريّتي، فألقيت نظرة على المكان المقابل للفرن، كُتب على واجهة المحل «كنافة بالجبن يومياّ» ما ألذّها! مأكول حلو يكسر روتين المالح من أطعمتنا الصباحيّة، بالطبع هي على جدول مشاريعي الغذائيّة!

ربما تقولون إنّي شرهة... لكنّي أعلم أن عند كلّ منكم أصدقائي سلوكًا وتقليدًا غذائيًا، وأطعمة تراثيّة متناقلة صناعةً وأكلاً من الجد إلى الحفيد.. هذه أطعمة بلدي الّتي اعتدت عليها صباحاً.

- تفضّلي هذه منقوشتكِ!

- تناولتها بلهفة وأكملت طريقي إلى مدرستي القريبة وشريط ذكرياتي يرافق دربي فيمنحني الكثير من الفرح والسلام!

سمية عزام

المصدر: 1

تابعونا على الفيسبوك

مواضيع تهم الطلاب والمربين والأهالي

حكايات معبّرة وقصص للأطفال

www.facebook.com/awladuna

إقرأ أيضاً

قصة للأطفال: الدبّ الغبي

قصة للأطفال: من حفر حفرة لأخيه وقع فيها

قصة للأطفال: حيّة ليس لها مثيل

قصة للأطفال: رحلة كبرى لفأر صغير

قصة للأطفال: ناديا وفؤاد

 

للمزيد              

حدوثة قبل النوم قصص للأطفال

كيف تذاكر وتنجح وتتفوق

قصص قصيرة معبرة

قصص قصيرة معبرة 2

معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب

قصص قصيرة مؤثرة

الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية

إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن

استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط

مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم

تربية الأبناء والطلاب

مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات

أيضاً وأيضاً

قصص وحكايات

الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور

شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور

الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها

تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات

كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها

مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق