حَدَّثَ بن قمير وكان يُجَلِّدُ الكتـبَ فقال: أعطاني
ابو عبدالله بن أبي العلاء بن حمدان أخو أبي فراس الحمداني مخطوطاً نادراً عن
الحكمة أُجَلِّدُه، وكان من أَحَبِّ الكتبِ إلى نفسه، ومضيتُ إلى دكاني وكان طريقي
دجلة، وحين نزلتُ أتوضأ سقط منى المخطوطُ، فانتزعته من براثن الماء بعجلةٍ قبل أن
يغرق، كان قلبي قد انخطف، وكادت تُزهق روحي لأن في ضياع المخطوط ضياع عمري...
قلت: أُجَفِّفُه، وأُجَلِّدُه وأُرَمِّمُ ما جرى
لصفحاته من بوار، ثم أذهب إلى عبدالله وأُسَلِّمُه لأحد غلمانه وأنا مستتر، فلما
فرغتُ منه جئتُ إلى الحاجب لأَسَلِّمه إليه من باب الدار وأمضي إلا أنه قال لي
ادخل إليه وادفعه من يدك إلى يده فلعله يأمر لك بشيء.
سَقَطَ
قلبي من صدري وقلتُ هو يوم بلا آخر، لن تطلع شمسه، وتوقعت الأذى المُؤدّي إلى
المكروه، ودخلتُ إلى الصحن وأنا في هَمٍّ عظيم.
كان
أبوعبدالله جالساً على بركة ماء الصحن والغلمان قيام على رأسه، فأخرجت المخطوط من
كمي وبه ما به فقال لأحد غلمانه: خذه من يده وهاته.
فجاءَ
الغلامُ من جانب البركة ومَدَّ يدَه ليأخذه فأعطيته اياه، وحين رجع بظهره سقط
المخطوطُ في البركة وغاص في الماء، فَجُنَّ أبوعبدالله وصرخ: المقارع.. المقارع،
وهجم على الغلام يفترسه، حمدتُ الله وانسحبتُ والغلامُ يُضرب.
إقرأ أيضاً
للمزيد
أيضاً وأيضاً
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق