كان الشيخ عبدالعزيز البشري يركب الترام قادماً
من السيدة زينب متجهاً إلى ميدان باب الحديد، عابراً الحي القديم بعبقه ومساجده
العريقة.
كان الترام أيامها نزهة للألباب ومكاناً للفسحة
والمرح. كان الشيخ يستند إلى جانب الترام حينما شاهد سيدة قروية ترتدي ملابسها
السوداء وتحيط عنقها بعقد من الكارم. كانت في عمر متأخر تضربها شيخوخة عتيقة،
تتمتع بنظرة ساخرة، وبسمة ساذجة طيبة.
اقتربت
من الشيخ الذي كان يرتدي جُبَّةً نظيفة، ويضع على رأسه عمامةً بيضاء ناصعة. قالت
المرأة: لو سمحت اقرأ لي روشتة
الدواء هذه.
أخذها
الشيخ وحين باشر قراءتها وجدها مكتوبة بلغة أجنبية وبخط طبيب يشبه نبش الدجاج فقال
لها: أنا لا أستطيع قراءة هذه
الروشتة.
سألته
المرأة: لماذا؟
قال:
لأنها بلغة غير لغتنا...!
نظرت
إليه المرأة مستغربة وسألته: كيف لا تستطيع قراءتها
وأنت شيخ أزهري، وتضع على رأسك هذه العمامة الهائلة؟
صمت
الشيخ متفكراً، ثم مَدَّ يده وخلع العمامة ووضعها على رأس المرأة قائلاً: ها هي
العمامة على رأسك. اقرئي أنت بقى الروشتة لو أنت فالحة.
إقرأ أيضاً
للمزيد
أيضاً وأيضاً
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق