كان أحمد بن طولون أول من استقل بحكم مصر عن الدولة
العباسية، شديد الغضب، سفاكاً للدماء، سلطانه ملاذه، وجبروته هو السيف المعلق على
رؤوس العباد، إذا قَدِرَ لم يعفُ حتى قيل مات في حبسه ثمانية عشر ألف إنسان.
وكان بمدينة عين شمس تمثالٌ من الرخام الأبيض الشاهق
بطول رجل واقف معتدل القامة، مُحكَم الصناعة، فإذا تأملته حسبته حياً يكاد ينطق،
فقصد الأمير أحمد أن ينظر إليه، فنهاه بعض حكام مصر أن ينظر إلىه، وقال:
"أيها الأمير لا تنظر إلى هذا الصنم، فما نظر إليه أحدٌ من الولاة الذين
حكموا مصر إلا عُزل في عامه".
فلم
يعبأ بهذا الكلام فركب وتوجّه إليه ورآه، ثم إنه أمر بقطعه فقُطِّع، ولم يبق له
أثر. فلما رجع حمّ من يومه (أي أصابته الحمى) ولزم الفراش، فسلسل في المرض نحو
عشرة أشهر، واستمر حتى مات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق