الشاعر
"ابن عمار" بدأ حياته كشاعر متجول بسيط الحال، والتقى بملك اشبيلية "المعتمد
على الله بن عباد" خلال فترة إمارته على مدينة شلب، ولم يستغرق الأمير الكثير
من الوقت حتى أعجب بذلك الشاعر المتواضع، فقربه من مجلسه، وجعله مستشاره ونديمه،
حتى إذا ما آل إليه الحكم عينه في منصب الوزارة، فصار ابن عمار هو المتحكم الفعلي
في جميع شؤون الأندلس.
كل تلك السلطة، جعلت "ابن
عمار" يُقدِم على الاستقلال بحكم مدينة "مرسية" التي كان والياً
عليها، كما أنه في بعض الأحيان انشد الشعر في ذم "المعتمد" وزوجته "اعتماد
الرميكية".
ولم
يمض وقت طويل، حتى تمخضت تجربة "ابن عمار" عن الفشل الذريع، فسقط أسيراً
في يد "المعتمد"، وسجنه الأخير عقوبة له على خيانته.
ومن
سجنه المظلم، بدأ "ابن عمار" في ارسال القصائد الاعتذارية إلى نديمه
القديم، واحتوت تلك القصائد على بلاغة وشاعرية نَدَرَ أن وُجدت في أدب الاعتذار
والأسف، وكان من أهم تلك القصائد، تلك القصيدة التي جاء في مطلعها:
سجاياك
إنْ عافيتَ أندى وأسمحُ وعذرك إنْ عاقبت أجلي وأوضحُ
وإنْ
كـــان بـيـن الخـطـتـيــــن مــزيـــــة
فـأنــت إلى الأدنـى مــن الله أجــنـحُ
وقد
نجحت استغاثات "ابن عمار" في اثارة
تعاطف "المعتمد"، فقابل "ابن عمار" في سجنه ولمح له بالعفو
عنه، فكتب الشاعر المنكوب من فوره إلى بعض أصدقائه، يخبرهم بقرب خروجه من السجن،
وأنه سينتقم ممن تشفى فيه، فلما وصلت تلك الأخبار إلى مسامع "المعتمد"،
عدل عن رأيه، فخسر "ابن عمار" بسبب حماقته، ما أسكبته إيّاه بلاغته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق