الأحد، 4 مايو 2014

• قصة تاريخية: جلجامش... الباحث عن الخلود

ملخص ملحمة جلجامش الملك الأسطورة الخالد
في مدينة "أوروك" السومرية في بلاد الرافدين رأى الملك حلمًا غريبًا، فقد أبصر في نومه أن سمكة صغيرة تخرج من النهر ثم تكبر وتكبر حتى تفترسه، ففسر له العرّافون ذلك بأن طفلاً سيولد في المدينة ثم يغتصب ملكه عندما يكبر، فأمر الملك بقتل كل مولود جديد.

ولادة جلجامش
وكانت ابنة الملك الإلهة "نينسون" متزوجة من بشر عادي هو "لوكالباندا"، لكنها كانت عاقرًا، فرَجَتْ الآلهةَ أن ترزقها بولد، فحملت بطفل ثلثه إنسان وثلثاه من الآلهة، ولما أنجبت "نينسون" ابنها "جِلْجَامِّشْ" أمر الملك برميه من أعلى برج القصر، وقبل أن يصل إلى الأرض انقض عليه نسر وحمله إلى الغابة عند عجوزين يعيشان هناك، فربياه واعتنيا به... ولما كبر "جلجامش" عرف الحقيقة فعاد إلى المملكة وقتل الملك وأصبح هو الملك الجديد لمدينة "أوروك".
حكم جلجامش
كان "جلجامش" ذكيًا قويًا جبارًا، ذا هيبة وسطوة ورهبة، فقد مدّته الآلهة بالعظمة والجبروت، حتى بات أسطورة في الجمال والقوة والصلابة...
حكم "جلجامش" مدينة "أوروك"، لكنه لم يكن سعيدًا، لأنه لم يجد نديمًا أو صديقًا يجاريه قوة وعظمة، فانصرف إلى اللهو والمجون والخمر والنساء، فعاث في الأرض فسادًا وبطشًا، وظلمًا وبغيًا، وسخّر شعبه لبناء سور حول المدينة، فابتهل سكان "أوروك" للآلهة بأن تجد لهم مخرجًا من ظلم "جلجامش"، فاستجابت الآلهة وقامت الإلهة "أرورو" بخلق رجل وحشي اسمه "أنكيدو" ليصبح ندّاً لجلجامش ويصرفه عن ظلم الرعية، كان الشعر الكثيف يغطي جسده ويعيش في البرية، يأكل الأعشاب ويشرب الماء مع الحيوانات، يسابق الغزلان ويصارع الأسود والنمور.
جلجامش وأنكيدو
فلما علم "جلجامش" بأمر "أنكيدو"، هاله أن يجد من هو أقوى منه، فأرسل له الخادمة "شمخات" التي كانت تعمل خادمة في معبد الإلهة "عشتار" لغوايته وإغرائه وترويضه وتعليمه الحياة الإنسانية، فلما أنجزت مهمتها، سارع إليه "جلجامش" وصارعه لساعات طوال في أعظم مبارزة على مرّ التاريخ، وكانت الغلبة لجلجامش، لكنه لم يقتله لأنه أعجب بقوته وصلابته، واتخذه صديقًا حميمًا.
عاش "جلجامش" مع "أنكيدو" أيامًا سعيدة في اللهو والصيد والفروسية، مما خفّف الظلم عن شعب المدينة.
خومبابا حارس الغابة
لكن "جلجامش" الذي لا يقف طموحه عند حدّ عزم على تجديد بناء مدينته، فأراد أن يتحدى الآلهة ويقتل الوحش المخيف "خومبابا" حارس غابة الأرز في لبنان التي كانت مسكنًا للآلهة ليبني بيوت "أوروك" من أخشاب الأرز، فحاولت أمه أن تردعه عن ذلك خوفًا من غضب الآلهة، لكن "جلجامش" لم يأبه لها، وبمباركة من إله الشمس "شَمّش" انطلق مع صديقه "أنكيدو" لأصعب مهمة في ذلك الزمان، فقطعا مسافات طويلة، وواجها مصاعب قاتلة ومخاطر مميتة، وأثناء الرحلة رأى "جلجامش" سلسلة من الكوابيس والأحلام، لكن "أنكيدو" -الذي كان في قرارة نفسه متخوفًا من فكرة قتل حارس الغابة- طمأن "جلجامش" على أن أحلامه تحمل معاني النصر والغلبة، ولما وصلا إلى الوحش العملاق "خومبابا"، بدأت معركة الصراع مع الغول الأسطوري الذي كاد أن يقضي عليهما بلهيب النار الذي ينفثه من فمه، لكنهما بفضل قوتهما ورشاقتهما أستطاعا أن يوقعاه أرضًا، فتوسل إليهما بالصفح عنه، لكنهما أجهزا عليه وقطعا رأسه وقدمّاه قربانًا للإله "شمّش"، مما أثار غضب إلهة الماء "أنليل" التي كانت قد عيّنت "خومبابا" حارسًا للغابة.
جلجامش وعشتار
بعد مصرع حارس الغابة ذاع صيت "جلجامش" وبدأت شهرته تجوب الآفاق، فأعجبت الإلهة "عشتار" بعظمة "جلجامش" وأرادت إغراءه، وحاولت التقرب إليه والزواج منه، لكنه رفضها لأنها معتادة على خيانة معشوقيها، فشعرت بالإهانة وغضبت غضبًا شديدًا واشتكت إلى والدها الإله "آنو" إله السماء، وطلبت منه أن ينتقم لكبريائها، فأوعز إلى الآلهة بأن "جلجامش" قد تمادى في طغيانه حين قتل "خومبابا"، وأهان "عشتار"...
ثور السماء المجنح
أرسلت الآلهة "ثور السماء المجنح" الوحش الهائج الثائر للانتقام من "جلجامش" وأنزلته في مدينة "أوروك"، فعاث فيها فسادًا، وخرّب الممتلكات وأرعب الأطفال والنساء وقتل الأبرياء وأقضّ مضجع الناس ليلاً ونهارًا، حتى بات الأمر لا يُحتمل ولا يُطاق، فقرر "جلجامش" و"أنكيدو" التصدي له، فاستدرجاه إلى ميدان المنازلة والقتال وبدأت معركة الصراع مع أقوى مخلوقات الآلهة على مرآى من أعين شعب "أوروك"، أثبت فيها الصديقان أنهما حقًا بطلا ذلك الزمان، لقد كاد الثور الهائج ذو الجانحين العملاقين أن ينال من "أنكيدو" ويقضي عليه، لولا ذكاء "جلجامش" وقوته الذي أنقده في الوقت المناسب، ثم استطاع الصديقان من كبح جماح الثور المتمرد والسيطرة عليه حين تمكن "أنكيدو" أن يمسك بقرنيه بينما استطاع "جلجامش" أن يغرس رمحه في رأس الثور، فخرّ صريعًا تحت طعنات البطلين.
موت أنكيدو
غضبت الآلهة وأحسّت بالإهانة حين قتل الصديقان مخلوقًا سماويًا وقررت الانتقام، وأشارت بقتل أحد البطلين الذين تجرءا على كسر منظومة الآلهة، فاختارت "أنكيدو" لأنه لا يحمل دم الآلهة من جهة، وليذوق "جلجامش" حسرة الأسى ولوعة موت صديقه... فبدأ "انكيدو" يصارع المرض أمام ناظري "جلجامش" دون أن يتمكن من مساعدته، إلى أن مات بين يديه.
حُزن جلجامش
بعد موت "أنكيدو" أصيب "جلجامش" بحزن شديد على صديقه الحميم رافضًا تصديق موته، فأبى دفن الجثة لمدة أسبوع، إلى أن بدأت الديدان تخرج من جثة "أنكيدو"، فقام "جلجامش" بدفنه بنفسه، ثم انطلق هائمًا على وجهه، شاردًا في البرية خارج مدينة "أوروك"، فتخلى عن لهوه وعبثه وملذاته وزينته، وارتدى جلود الحيوانات ونام في العراء، وعاش في رعب حقيقي بعد أن سيطر عليه هاجس الخوف من الموت، وبدأ يفكر في طريقة للخلود والحياة الأبدية.
الطريق إلى الخلود
سمع "جلجامش" أن الإنسان الوحيد الذي خلدته الآلهة هو "أوتنابشتم"، فتعرّف على إلهة النبيذ "سيدوري" التي تعرف مكان "أوتنابشتم" وطلب منها أن تدلّه على مكان ذلك الخالد، لكنها حاولت أن تردعه لما في رحلته من مخاطر، ونصحته بأن يتخلى عن فكرة الخلود وبأن يتمتع بما بقي له من الحياة، لكن "جلجامش" أصرّ على المغامرة. فأخبرته بوجود الملاّح الخاص "أورشنابي" الذي يعرف طريق الجزيرة التي يسكن فيها الخالدان "أوتنابشتم" وزوجته. فأسرع "جلجامش" إلى "أورشنابي"، لكنه تعثر وداس على الألواح السحرية المطلسمة التي تحفظ المركب أثناء السفر في بحر الموت، فانكسرت الألواح، وصار من الصعب الإبحار بأمان، ولكن الملاّح خطرت له فكرة، وهي أن يقود "جلجامش" المركب بطريقة تجعله لا يمس الماء المميت، فاخترع له أعوادًا طويلة يدفع بها المركب...
الطوفان
ولما وصل "جلجامش" إلى "أوتنابشتم" سأله عن سرّ خلوده هو وزوجته، فأخبره "أوتنابشتم" بأن الآلهة غضبت على البشر يومًا بسبب كفرهم، فأرادت إغراق الأرض بالطوفان، لكنه وزوجته صنعا سفينة ضخمة وحملا فيها أجناس المخلوقات الحية بهدف إنقاذها من الإبادة، ولما حدث الطوفان الرهيب أبحرت السفينة ثمّ رست على قمة جبل عالٍ بعد أن أغرق الطوفان كل شيء على وجه الأرض، لكن الآلهة ندمت على فعلتها بعدما تبينت حجم الكارثة، وأكرمت "أوتنابشتم" وزوجته ومنحتهما الخلود لإنقادهما مخلوقات الأرض من الفناء.
عشبة الخلود
بعد أن لاحظ "أوتنابشتم" إصرار "جلجامش" في سعيه نحو الخلود قام بعرض فرصة عليه ليصبح خالدًا إذا تمكن من البقاء متيقظًا دون أن يغلبه النوم لمدة ستة أيام وسبع ليالٍ، ولكن "جلجامش" فشل في هذا الاختبار، إلا أن "جلجامش" ألحّ بطلب سرّ الخلود، فأشفقت زوجة "أوتنابشتم" على "جلجامش" فَرَجَتْ زوجها أن يدلّه على مكان عشبة الخلود الوحيدة في قاع البحر في أرض الخلود "دلمون"، شرط أن يأكل منها بمفرده دون أن يُطعم أحدًا، فسارع "جلجامش" إليها، ووصل لها، واقتلعها وحملها معه، بعد مغامرة ومجازفة ومعاناة وآلام وجروح.
قال "جلجامش" بأنه سيوفي بوعده ولن يطعم منها أحدًا، ولكنه لن يأكلها الآن، بل سيأخذها إلى مدينة "أوروك" وسيزرعها لتتكاثر ويطعم أهل المدينة ليتخلدوا جميعهم...
الأفعى الخالدة
وفي طريق العودة نزل يستحم في أحد مستنقعات الغابة، فوضع العشبة على الضفة، فجاءت أفعى، وأكلت عشبة الخلود، وفي الحال تبدل جلدها واستعادت عافيتها... فكان أن خسر جلجامش الخلود بعد أن جابه المخاطر وتحدى المصاعب للحصول عليه.. وهكذا رجع إلى مدينة "أوروك" خالي اليدين...
ثورة على الحياة
وفي طريق العودة شاهد السور العظيم الذي بناه حول المدينة، ففكر في قرارة نفسه أن عملاً ضخما كهذا السور هو أفضل طريقة لتخليد اسمه وقال: "لا ثورة على الموت بعد اليوم، بل ثورة على الحياة، سأحكم بالعدل وأهتم بالعمران وبالإنسان حتى يتخلد اسمي بأعمالي".
ولما مات "جلجامش" بكاه أهل المدينة أيامًا طويلة حزنًا على ذاك البطل الأسطوري.
تابعونا على الفيس بوك وتويتر
مواضيع تهم الطلاب والمربين والأهالي
قصص للأطفال وحكايات معبّرة
إقرأ أيضًا

قصة ملهمة: من يأخذ الابن... يأخذ كل شيء

قصة وحكمة: كيف نحمي أنفسنا من النار؟

أسباب رسوب الطلاب.. و 10 خطوات نحو النجاح

 

قصة وعبرة: ولد يضرب سيارة جديدة بالحجر

 قصة دينية: تعاليم الدين الحقيقية

 قصة ملهمة: أنت إقرب إلى الحياة من الموت

 

للمزيد





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق