الاثنين، 29 أبريل 2013

• قصة ملهمة: لا تستمع إلى نداء المنهزمين


يُحكَى أنَّ أهلَ قريةٍ كانوا يعيشون في سفحِ جبلٍ، وكان بجانبِهم حفرةٌ ضخمةٌ على حوافِها حجارةٌ، ويتدلَّى منها حبالٌ بالية، وعروقُ أشجارٍ شبه متحلِّلةٍ، ومن سقط فيها، لا يمكِنُه الخروجُ، ولا لأحد أن يستطيعَ إخراجَه، وقد أسمَوْها: "حفرة الموت"، وبينما هم في صباحِ يومٍ مشتغلين بمكاسب عَيشِهم، إذْ بهم يسمعون صِياحًا واستغاثةً: أنقِذُونا أنجِدونا!

وما زالت هذه العبارةُ تتكرَّرُ وترتفع، حتى سمِعَها كلُّ أهلِ القرية، فما كان لهم بدٌّ من السَّعي إلى نجدة المستنجدين، فتفاجأوا أنَّ هذه الأصواتَ إنما هي لرجُلينِ مسافرين سقطَا من ليلة البارحة في تلك الحفرةِ، وكانا جاهدَيْنِ يحاولان الصُّعودَ لعدة ساعاتٍ، أقبل عليهما النَّاس، فلمَّا أبْصَروهما يحاولان التسلقَ عبر تلك الحبالِ، ولَم يستطعِ الناسُ أن يفعلوا لهما شيئًا، بل على العكسِ من ذلك، كان مجيءُ الناسِ إعلانًا لهما بوقف سبُلِ النَّجاة، وأخذوا يهتفون بهما بأعلى أصواتِهم: "لا تفكروا في النَّجاة؛ انظروا إلى ما حولكما من العظامِ؛ إنها لأناسٍ سقطوا فيها من سنتين، اعذِرونا لا نستطيع إنقاذَكما؛ الحفرةُ عميقة، لا تحاولا الخروجَ؛ فجهودُكما سوف تضيع..."، وكلَّما ازدادت محاولاتُ الرَّجُلينِ، صرَخوا بهما وأشاروا إليهما بأيديهم وبأعلى أصواتِهم: أن يكفوا عن محاولاتِهما اليائسة، فما كان من أحدِ الرجلين إلا أن سقط على ظهرِه من الإعياءِ، ومن فِقدان الأملِ بعد كلام الناس، حتى مات.
وأما الآخَرُ، فما زالت محاولاتُه مستمرةً؛ كلَّما صعد خمسَ خطوات أو ستَّ خطواتٍ، سقط، والنَّاسُ يصيحون به: لا تحاوِل، انظر إلى صاحبِك لَم يستطِعْ، ولكنه ما زال يحاول ويتمسَّك بتلك الحجارة، وذلك العِرق، ويغيِّرُ مواطئ قدميه، فيسقطُ، والنَّاسُ يتعجبون من صمودِه وقوَّةِ عزيمتِه التي لَم تفتُرْ، فما زال يحاولُ حتى شارف على الخروج، ثم وثب قبل أن تزلَّ قدمُه، فإذا هو بينهم جاثيًا على ركبتيه، وقد أخذ منه التَّعبُ كلَّ مأخذٍ، والناسُ في شدة الذُّهول وهم يهنِّئونه مع تعجبهم الشديد، ثم سألوه: ألم تكن تسمعُ صياحَنا وكلامنا لك؟! يعيدون عليه ذلك السُّؤالَ وهو غير ملتفتٍ إليهم، حتى أخبرهم أحدُ الحاضرين أنَّ الرجلَ الآن لا يستطيع الكلامَ من التعب الشديد.
فأتوا بورقةٍ وكتبوا له هذا السُّؤالَ: كيف استطعت أن تخرجَ من حفرة الموت، ونحن نصرخُ بك - رحمةً وشفقةً عليك - أن تكفَّ عن محاولاتِك اليائسة؟!! فكتب لهم: أنا رجل أصمُّ، ولا أسمعُ شيئًا، وكنت أراكم ترفعون أيديَكم، وأنتم تتكلَّمون وأرى أيديَكم ترتفعُ، فقلتُ: إنَّ هؤلاء يشجِّعونني، ويبدو أنني قد تقدَّمت في محاولاتي، فتقوّت عزيمتي حتى استطعتُ الخروجَ بحمد الله.
إذًا ليس عليك إلا أن تُصِمّ أذنيك عن كلامِ الناس المحطِّمين والمثبِّطين، وأن تجعل تثبيطَهم تصفيقًا حارًا، وهُتافاتٍ مدويةً، تزيدُك اشتعالاً وتقدُّمًا للأمام.
 إقرأ أيضًا
       قصة وعبرة: الابن الذي أراد أن يقتل أمه




هناك تعليقان (2):