السماء لا تمطر خبزًا... والنهر لا يلقي بأسماكه على الشاطئ للكسالى الذين لا يعملون
كعادته كل يوم، يودع زوجته. يخرج إلى الطريق، يقترب من النهر، ينظر إلى السماء متمنيًا أن يَمنَّ الله بالرزق الوفير.
إنه
عَمّ إسماعيل الصياد، هاهو قد جهّز أدوات الصيد، فألقى بصنارته في الماء، انتظر
ساعات، لم تغمز صنارته، لَسَعَتهُ الشمس، وبدأ يتثاءب، وخُيِّلَ إليه أن النوم
غلبه، ورأى ما يشبه الأمواج تتحرّك إلى الشاطئ ومعها كميات كثيرة من الأسماك، فَرَكَ
عينيه، تَأَمَّلَ ما يراه، إنه في حال تَيَقُّظٍ، فهاهو يُعايِنُ الأسماكَ لأنه ظَنَّ
أنها أسماكٌ نافقة. الأسماك تتحرك، حاول التَّأَكُّدَ من سلامتها، وجدها صالحة،
ملأ سلته عن آخرها وأسرع إلى السوق، وعندما باعها، عاد مرة أخرى إلى النهر، شاهد
ما رآه من قبل، فالأمواج لاتزال تلقي بالأسماك على الشاطئ، فكرر ما فعله سابقًا
وأسرع إلى السوق، وفي آخر النهار ملأ سلته وعاد إلى منزله، أطعم أسرته وما تبقى وَزضَّعَه
على أقرب جيرانه مجانًا.
(إذن ما جدوى صنارتي أو أي أدوات للصيد!!) هكذا تساءل عم اسماعيل
الصياد، ولأنه لم يجد إجابة، تخلص من أدوات الصيد بإلقائها في النهر، هدية منه له،
فموج النهر أصبح يقوم بالصيد بدلاً منه.
مرّت
أربعة أسابيع على هذا الحال. نَسِيَ عمّ إسماعيل الصياد مهنته، وفقد صبره الذي كان
يتميّز به كصياد، وأصبح لا يحب العمل، أو التعب في الحصول على رزقه، واسْتَسْهَلَ
أن يجده في كميات السمك التي يلفظها الموج على الشاطئ.
في
الأسبوع الخامس، ذهب إلى النهر كعادته، لكنه لم يجد سمكًا، وجد النهر ساكنًا،
انتظر أن تهب عاصفة أو نسمة هواء تحرك الموج، فيعود مثل السابق محملاً بالأسماك.
تَلَفَّتَ
حوله كالمجنون، جرى على الشاطئ في كل اتجاه، وقضى نهاره في انتظار الأسماك التي تَعَوَّدَ
الحصول عليها دون تَعَبٍ، ثم عاد إلى منزله حزينًا، بائسًا، وتَكَرَّرَ ما حدث في
اليوم التالي، واليوم الثالث، ومرت الأيام، والحال كما هو. هبطت عزيمته. فقد حَماسَه.
أَحَسَّ بالتعب، فجلس على الشاطئ يَنعى حَظَّهُ، مَرَّ عليه أحد الرجال، رأى مِسْحَةً
من النور تضيء وجهه، وابتسامة مطمئنة على شفتيه، فتشجع سائلاً:
-
أبحث عن حل لمشكلتي يا سيدي!
توقف
الرجل. نظر متأملاً عم إسماعيل الصياد، وقال:
-
علاجك في العمل يا رجل!
رَدَّ
الصيادُ مُستفسرًا:
-
معذرة. لم أفهم إجابتك!
قال
الرجل وهو يمشي مبتعدًا:
-
السماء لا تمطر خبزًا... والنهر لا يلقي بأسماكه على
الشاطئ للكسالى الذين لا يعملون!!
مجدي
نجيب
إقرأ أيضاً:
قصة مثل: راعي الضوَيَّة حيّا وراعي التميرة مات
قصة مثل: اللي ما يعرف الصقر يشويه
قصة مثل: من قلة تدابيره حنطته تأكل شعيره
قصة وحكمة: لا تتجاوز عملك لفعل شيء آخر
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
المصدر: 1
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق