أُفَضِّلُ أن أكون مُتَسَوِّلَةً عزباء عن أن أكون مَلِكَةً متزوجة
حين اعتلت الملكة إليزابيث عرش انجلترا في عام 1558 كان مفروضاً عليها أن تسعى لتجد زوجاً مناسباً. نُوقش الأمرُ في البرلمان، وأصبح الحديث الشاغل للإنجليز من كافة الطبقات. اختلف الجميع حول من عليها أن تختار، ولكنهم أجمعوا على ضرورة زواجها في أسرع وقت، لأن الملكة يجب أن يكون لها مَلِكٌ وحتى تأتي بابن يرث عرش المملكة.
استمرَّ
النقاشُ لسنواتٍ، وأخذ يطلب ودَّها وخطبتها كل من في البلاد من العُزّاب المناسبين
والوسيمين من أمثال السير روبرت دادلي وإيرل إيسكس والسير والتر رالي، ولم تَصُدّ
إليزابيث أحداً منهم، ولكن لم يَبدُ عليها أيضاً أنها تتعجل الأمر، وكانت تلميحاتُها
لأحدهم بأنها تريده تُنَاقِضُها بتلميحاتٍ أخرى. في عام 1566
أرسلَ البرلمان وفداً إلى الملكة يُلِحُّ عليها أن تتزوج قبل أن تتخطى سِنّ
الإنجاب، ولم تَصدّهم أو تُجادلهم، ولكنها استمرت في الحفاظ على عذريتها.
أثارت
اللعبة الدقيقة التي تلعبها إليزابيث مع خُطّابها الكثيرَ من الخيالات الجنسية،
وأصبحت أقربَ لصيحةٍ لها أتباعٌ ومريدون، وقد ذكر طبيب القصر سيمون فورمان في يومياته
أنه كان يحلم بالزواج منها، وصَوّرَها الرسامون على هيئة ديانا إلهة القمر في "الأساطير
الرومانية"، وقد كتب شعراءٌ من أمثال إدموند سبنسر قصائد تُخَلِّدُ الملكة
العذراء، ووصفوها بأنها «إمبراطورة العالم»، وأنها «كوكبة
العذراء
العفيفة»، التي تحكم العالم وتدور حولها النجوم، وكان خُطّابها يُسِرُّون إليها
بتعليقاتٍ عاطفية صريحة ولم تكن تمنعهم. كانت تفعل كل ما تستطيع لجذب اهتمامهم،
وفي نفس الوقت لا تَعِدُ أَحَدَهم بشيء.
وفي
أنحاء أوروبا كان ملوك وأمراء أوروبا يعرفون أن نجاح أحدهم في الزواج من إليزابيث
سَيُرَسِّخُ التحالفَ بين انجلترا وبلاده، فبدأ ملك إسبانيا وأمير السويد وأرشيدوق
النمسا يتوددون إليها، لكنها رفضتهم جميعاً بأدب.
كان
الشاغلُ الدبلوماسيّ الكبير في عصر اليزابيث هو التَّمَرُّدُ في فنلندا وهولندا
اللتين كانتا تحت الحكم الإسباني، وكان السؤال إن كان على انجلترا أن تَنْقُضَ
تحالفها مع إسبانيا وتَستَبدِل بها فرنسا لتشجيع فنلندا وهولندا على الاستقلال.
وفي عام 1570
تَبَيَّنَ أن الخَيَار الأمثل لدى انجلترا هو التحالف مع فرنسا بالفعل، وكان لدى
ملك فرنسا أَخوان مناسبان لإليزابيث هما الدوق آنجو والدوق ألينسون، كان لكل منهما
ميزاته الخاصة، وقد تركت إليزابيث لكل منهما الأمل بالزواج منها، وظل الأمر حياً
لسنوات. قام الدوق آنجو بعدة زيارات لانجلترا وقَبَّلَ إليزابيث على الملأ بل كان
يدللها بالأسماء، وبدا أنها أيضاً تُبادله مشاعره، في الوقت الذي كانت إليزابيث تلاطف
فيه الأخوين تَمَّ توقيع المعاهدة التي أَرسَت السلام بين فرنسا وانجلترا. وفي عام
1582 رأت إليزابيث
أنها تستطيع أن تنهي تَوَدُّدَ الأخوين إليها، وقد أَشْعَرَها ذلك براحة كبيرة
خاصة من إبعاد الدوق آنجو الذي كانت تلاطفه لأسباب دبلوماسية ولكنها لم تحب صحبته
ولم يعجبها شكله. بعد أن أَمَّنَت السلام بين البلدين أوقفت تَوَدُّدَ الدوق المُتَمَلِّق
إليها بأكبر قدر ممكن من الأدب.
في
هذا الوقت كانت إليزابيث قد بلغت العمر الذي لا يسمح لها بالإنجاب وأكملت حياتها
بالطريقة التي اختارتها، وظلت حتى ماتت الملكة العذراء، ولم تترك وريثاً للعرش
ولكن فترة حُكمها كانت تتميز نسبياً بالسلام والاستقرار والانتعاش الثقافي.
المصدر: THE 48 LAWS OF POWER, ROBERT GREEN
إقرأ أيضاً:
قصة للأطفال: العمة كوبرا والعم أرنب
قصة للأطفال: يا زهرتي نوِّري وغنّي
قصة للأطفال: هادي... الطفل الخفي
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق