الاثنين، 18 يوليو 2022

• قصة للأطفال: مولود جديد في البيت


أخي

أخيراً حَضَرَ الضَيفُ المُنتَظَرُ، ظَلَّتْ أًمي تَتَرَقَّبُ تسعَةَ شهورِ، عانتْ من تعبٍ وألمٍ، انتفختْ بطنُها كأنها بطيخةٌ ضخمةٌ، شَحَبَ وجهُهَا وَتَقَوَّسَ ظَهرُها، ثقُلتْ حركتُها، عافتْ الطعامَ وأصابَها غثيانٌ مريرٌ، لكنها كانت صابرة ولا تشتكي.

ذات يوم فاجأتها آلامُ مبرحةُ، تَقَلَّصَ بطنُها من الألمِ، لم تتحملْ، صَرَخَتْ أمي، حَمَلَهَا والدي بسرعةٍ إلى المستشفى، غابتْ عدةَ ساعاتٍ وعادت وقد تَخَلَّصَتْ من البطيخةِ التي كانت تملأ بطنَها، لكنها كانت تحملُ هذا الضيف على ذِرَاعِها والبهجةُ تملأُ وجهَهَا.

عَمَّت الفرحةُ أرجاءَ البيتِ، حَضَرَ الأقاربُ يحملون هدايا ولُعَباً وحلوى، أتى الجيران مُهنئين، أُضِيئتْ شموعٌ، عُلِّقْت فروعُ الزينةِ المُلَوَّنةِ وَأُطلِقْت روائحُ ذكية، أحضر أبي أنواعاً كثيرةً من الحلوى وأقام مَأدُبةً لكل الناس.

كان الجميعُ يحملون هذا الضيفَ ويلهون معه، يبتسمون في وجهه ويداعبون وجنتيه، الغريبُ أن هذا الضيف كان يقابلُ كل هذا الحبِ بصراخ وبكاء، لكن لم يغضب منه أحد.

تضايقتُ منهم، لا أَحَدَ يلعبُ أو يمرحُ معي، كأنني غير موجود، إذا طلبتُ شيئاً قالوا: ليس الآن. إذا صرختُ أو بكيتُ غضبوا بشدة بينما يُحضِرون كل شيء لهذا الضيف دون أن يطلب أو يتكلم. لم أُحِبّ هذا الضيف.

بدأتْ أمي تهتم به بشدة، جعلته ينام في فراشها، تُطعِمهُ بيدها، تُرَتِّبُ فراشَه، تنشرُ الهدوءَ في البيت عندما ينام حتى لا يُزعِجه أحدٌ، أما إذا أردتُ النوم معها، فإنها تصرخُ وتطردني إلى غرفتي. كلما عاد أبي من عمله يُسرع إلى فراشِ الضيفِ يرفعهُ بين ذراعيه يداعبه ويُقَبِّلُهُ ثم يسأل عنّي عقب ذلك.

ذات يومٍ كانت أمي مشغولة في المطبخ، تَسَلَّلْتُ إلى فراشِ الضيف، كان نائماً في هدوء، لا يستطيعُ الحركةَ أو الجلوسَ، أمسكتُه من خَدِّهِ بقسوةٍ، صرخَ بشدةٍ، حَضَرَتْ أمي مسرعةً متلهفة، هتفَت: ماذا حدث؟ قلتُ: إنني ألعب معه. نظرت إلى خَدِهِ المُتَوَرِّمِ ثم انفجرتْ غاضبة: أنت ضربتَه. ونَهَرَتني، بكيتُ وهَربتُ إلى حجرتي.

في المساءِ عاد أبي للبيت، رَوَتْ لَهُ أمي ما حدث، دخل أبي إلى حجرتي، كنت أنتظر مزيداً من العقاب لكنه أخذني في حضنِه بعطف، فَرِحْتُ جداً، نظر إلى وجهي وابتسم قائلاً: هذا الضيفُ أخوك، يجب أن تحبه وتعطف عليه. قلت: إنني أكرهه. قال أبي: لماذا؟ قُلتُ: إنه ينال حُبّكما ورعايتكما وينام في فراشِكما. قال أبي: إنه لا يستطيعُ الكلامَ ولا يقف على قدميه ولا يذهبُ للحمامِ وحده ولا يقدر على إطعامِ نفسَه، لذلك نحن نرعاه ونساعده.

قلتُ: لكنكما لا تهتمان بي. أخذَني أبي في حضنه من جديدٍ وقال: نحن نُحِبُكَ جداً ونهتم بك وكنا نفعلُ مَعَكَ عندما كنتَ صغيراً ما نفعلهُ مع أخيك الآن، وعندما يكبرُ أخوك سوف يَتركُ حجرتنا وينام معك. صرختُ: ينام معي في حجرتي.

قال أبي: نعم وسوف يُصبح صديقاً لك، تلعبان معاً وتمرحان معاً وتذهبان إلى المدرسةِ معاً. قلتُ: إنني ألعب مع أصدقائي. قال أبي: الصداقةُ أمرٌ جميلٌ لكن الأُخُوَّةَ أجملُ. هدأتْ نفسي قليلاً.

في الصباح التالي، استيقظتُ من نومي فوجدتُ أسفلَ الوسادةِ قطعةَ حلوى كبيرةً من التي أُحِبها، ذهبتُ لأمي، سألتها: من أحضر هذه الحلوى؟ أخذتني في حُضنِها وقبلتني وقالت: أخوك. تَعَجَّبْتُ من هذا الرضيعِ الذي عرف نوع الحلوى التي أحبها، لكن عجبي زاد في اليوم التالي عندما وجدتُ لعبة (سيارة كهربائية) جميلةِ تقفُ بجوار سريري، قالت أمي: لقد أحضرها أخوك أثناء نومك. بدأتُ أُحِبُّ هذا الصغير.

أصبحتْ أمي تُشْرِكُني معها في خدمته، أساعدها في تغيير ملابسه وغسل جسمِه الصغيرِ بالصابون والشامبو وإعداد الحليبِ له وإعطائه الدواءَ عندما يمرضُ.

كان يُصابُ كثيراً بالمرضِ ويذهبُ إلى الطبيب، ذات ليلة قال أبي: إننا نجعله ينام معنا لنعطيه الدواءَ ليلاً. شعرتُ بالحزن من أجل أخي الصغير، دعوتُ الله أن يُبعدَ عنه المرضَ. مَرَّتْ أيامٌ كثيرةٌ، كَبُرَ أخي، تَعَلَّمَ الكلامَ، أخيراً حضر للنوم معي، شعرتُ بسعادة وغاب الخوفُ الذي كان يُصِيبَني من الظلامِ، بدأت ألعب معه، نجري ونختفي في جَنَباتِ البيت، نتبادلُ اللُعَب، ونقتسمُ الحَلوى. لقد أصبحت حياتي مختلفة بوجود أخي، صارتْ أفضل كثيراً، ما أجمل أن يكون لك أخٌ يسير معك في دروب الحياة.

المصدر: 1

تابعونا على الفيسبوك

مواضيع تهم الطلاب والمربين والأهالي

حكايات معبّرة وقصص للأطفال

www.facebook.com/awladuna

إقرأ أيضاً

نوادر العرب: أبو العيناء ورئيس الشرطة

قصة وحكمة: الحكيم ورجل يسبح في النهر

قصة وصيّة: الجَشِعُ والقائد على مأدبة الطعام

قصة مخيبة: طفيلي يتشارك الطعام مع رفاقه

قصة للأطفال: صديقي الديناصور تي ريكس

 

للمزيد              

حدوثة قبل النوم قصص للأطفال

كيف تذاكر وتنجح وتتفوق

قصص قصيرة معبرة

قصص قصيرة معبرة 2

معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب

قصص قصيرة مؤثرة

الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية

إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن

استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط

مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم

تربية الأبناء والطلاب

مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات

أيضاً وأيضاً

قصص وحكايات

الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور

شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور

الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها

تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات

كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها

مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق