حكاية شعبية من إسبانيا
كان يا ما كان بنتٌ جميلة جدًا. وفي عيد ميلادها أهدتها أمُها خاتمًا من الذهبِ. وللحقيقة فقد كان الخاتمُ أكبرَ قليلاً من إصبعها، لكن البنت كانت سعيدةً به لدرجة أنها كانت تذهبُ به وهو حول إصبعها إلى كلِّ مكان.
وفي
يوم أرسلتها أمُها إلى النبع لتملأ جرّةَ الماء. ولما وصلت إلى النبع خلعت الخاتمَ
من إصبعها حتَى لا يقع منها في الماء، ووضعته فوقَ الحجرِ، لكنها بعد أن انتهت من
غسل الجرةِ وملأتها بالماء وعادت بها لم تتذكر الخاتم إلا عند وصولها إلى البيت.
خرجت
وهي تجري للبحثِ عن الخاتم، لكنها عندما وصلت إلى النبعِ لم تجد الخاتم مكانه فوق
الحجرِ ولا في أي مكان.
دققت
النظرَ وهي تبحث ثم أعادت البحث ولكنه لم يكن موجودًا. وبدلاً من أن تجده وجدت
رجلاً شحاذًا جالسًا بجوار النبعِ. وقال لها الرجل: - ما الذي تبحثين عنه أيتها
البنت الجميلة؟
واندفعت
البنتُ الجميلةُ في البكاء وأجابت: - أبحث عن خاتمي الذهبي. لقد تركته هنا من
فترةٍ قصيرةٍ فوق هذا الحجر، وهو الآن قد اختفى. وإذا لم أجده فستميتني أمي من
الضرب.
قال
الرجل: - لا تقلقي بسبب هذا الخاتمِ. وتعالي يا ابنتي ومدي يَدكِ في هذا الْكيس،
والْتَقِطيه أنت بنفسك، فأنا وضعتُه هنا من فترة قصيرة.
ومدت
البنتُ يدَها داخل الكيس، وفجأة دفعها الرجل في قلب الكيس ثم أغلق عليها فتحة الكيس
بحبل لفه عليها بشدة، ثم حمله على كتفه.
تصاعد
أنينُ البنت وتوسلاتُها للرجل أن يخرجها، لكنه قال لها: - لو أنك تريدين أن تخرجي،
فعليك أولاً أن تسمعي كلامي عندما أقول لك:
غني يا كيس غني...، أو تضربك
العصى مني.
وهكذا
مشى بها في الأحياءِ ليكسب بها عيشَه، وفي كل النواحي التي وصلا إليها كان الرجل
بدلاً من أن يطلب من الناس ما يجودون به عليه، يضع الكيس في وسطِ الطريقِ ويقول:
«غني يا كيس غني، أو تضربك العصى مني».
وعندئذ
كانت البنت تغني وسط دموعها:
محبوسة
في الكيس وسأموت داخلَ الكيس
من
أجل خاتمي الذهبي في النبع ضاع ورجوعه
محال
والناسُ
الذين سمعوا الكيس يغني دفعوا للرجل نقودًا كثيرة، والعجوزُ حمل الكيس ومضى به إلى
حي آخر. وهناك كان يعمل الشيء نفسه. عمل هذا في كلِّ مكانٍ ذهب إليه حتى جمع
نقودًا كثيرة. وقال لنفسه: «الآن أستطيع أن أعيش في سِعَة» وذهب إلى فندقٍ صغير
وطلب لنفسه عشاءً، ولما أكل وشبع من كلِّ الأطعمة التي يحبها، قام لكي يسدد فاتورة
العشاء، فوضع الكيس في وسط المطعم، وقال له:
غني
يا كيس غني أو تضربك العصى مني
والبنت
غنّت بين دموعها مرة أخرى:
محبوسة
في الكيس وسأموت داخل الكيس
لكن
طريقتها في الغناء بين نهنهاتها، دفعت صاحبةَ الفندقِ أن تشك في الأمر. ولما سألها
الرجل من أين يمشي ليذهبَ يتجولَ ويشتري بعض الحاجات، دلته على الطريق. وسألها إن
كان يمكنه ترك الكيس عندها حتى يعود من جولته وافقته. وما إن اختفى من أمامها حتى
فتحت الكيس وأخرجت منه تلك الفتاة بالغةَ الجمالِ والتي كانت مسكينة منهكة من
الجوع والبرد. وعلى الفور أخفاها مَن كان في الفندق عن الرجل واعتنوا بها. ووضعوا
مكانها في الكيس الفارغ كل ما وصلت إليه أياديهم وعثروا عليه من ضفادع وفئران، وثعابين
وسحالٍ، ومن كل ما وجدوه ويمكن أن يؤذي أكثر من غيره.
وفي
صباح اليوم التالي أراد الرجل أن يسدد فاتورةَ المخدع الذي قضى فيه ليلته، فوضع الكيس
في وسط الصالة وطلب منه أن يغني، لكن على الرغم من أنه قال له أكثر من مرة: «غني
يا كيس غني، أو تضربك العصى مني» لم تخرج من ذلك الكيس كلمةٌ واحدة.
وهكذا
كان عليه أن يسدد فاتورة نومه من النقود التي يحملها في جيبه، لكنه ظل بجوار الكيس،
وحرص ألا يفتحه أمام الناس، وحمله ومضى به إلى جبل بعيد. وهناك أنزل الكيس على
الأرض وبدأ ينهال عليه ضربًا بالعصى. وتوالت ضرباته وشتائمه بألفاظ قبيحة. لكن
اتضح أن النتيجة الوحيدة التي حققها من كل هذا الضرب وهذه الشتائم هو أن هيّج
الثعابين وكل ما كان داخل الكيس إلى الدرجة التي جعلتها تقفز في وجهه بمجرد فتحه
للكيس وأخذت تعضّه وتنهشه في كل أجزاء جسمه حتى قتلته.
أما ما حدث بعد ذلك للبنت. فقد أوصلوها إلى بيت والديها وعاشت بينهما في سعادة غامرة.
إقرأ أيضاً:
قصة مخيبة: معلمٌ خان طلابه ومدينته
قصة سرقة: الكونت لوستج يبيع برج إيفل
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
المصدر: 1
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق